ایکنا

IQNA

التفريق بين القرآن والمُصحف يتحول إلى سجال اجتماعي في تونس

10:45 - February 01, 2018
رمز الخبر: 3467751
تونس ـ إکنا: تحول الجدل المستمر حول التصريحات الأخيرة للمفكر الإسلامي يوسف الصدّيق إلى سجال اجتماعي في تونس، خاصة في ما يتعلق بالتفريق بين القرآن والمصحف واعتبار الأخير «عمل بشري».
التفريق بين القرآن والمُصحف يتحول إلى سجال اجتماعي في تونس
وأفادت وكالة الأنباء القرآنية الدولية(إکنا)، تحول الجدل المستمر حول التصريحات الأخيرة للمفكر الإسلامي يوسف الصدّيق إلى سجال اجتماعي في تونس، خاصة في ما يتعلق بالتفريق بين القرآن والمصحف واعتبار الأخير «عمل بشري»، حيث شهدت الأيام الأخيرة تراشقا كبيرا بين إعلاميين ونشطاء دافعوا عن أفكار الصديق ورجال دين اتهموهم بالتشكيك بكلام الله وطالبوا بمحاكمتهم.
 

وكان الصديق اعتبر أن القرآن تجاوزه الزمن وبات يتعارض مع دستور البلاد، مشيرا إلى أنه «كشجرة المشمش» وغيرها من الأشياء التي خلقها الله وأصبحت ملكا للإنسان ويستطيع التصرف بها كما يشاء، كما فرق بين القرآن والمصحف حيث اعتبر أن المصحف هو «عمل سياسي بشري»، وهو ما دعا بعض رجال الدين إلى اتهامه بالزندقة والتطاول على كلام الله.
 

وانتقد الإعلامي مختار الخلفاوي تكفير الصديق والتعرض لحياته الشخصية واتهامه بالزندقة التي قال إنها تُهمة من القرن الثاني الميلادي واستخدمها ضده «الغوغاء الدينيون» والذين «يلمّهم الطبل وتفرقهم العصا، وهؤلاء هم جماعة الجهل المقدس حيث يعتبرون أن ما يمتلكونه هو حقائق مقدسة».
 

وأضاف في برنامج يقدمه عبر إذاعة «شمس اف ام»: «المصحف عمل سياسي بشري اختاره الخليفة عثمان بن عفان، هذه الجملة لو أعطيناها للطبري او للذين كتبوا في علوم القرآن في القرون الأربعة الأولى لاعتبروها من سقط المتاع، يعني حاجة طبيعية وبديهية، والقرآن ليس المصحف، فهناك تنزيل ووحي وهناك مصحف عثماني جُمع زمن عثمان بن عفان ولذلك من الطبيعي أن يكون عملا بشريا، فالقرآن لم ينزل إلا منجّما آية وراء آية، تم جمع الآيات في سُور ورُتّبت الصور فيما بعد في مصحف، فأول ما نزل من القرآن الكريم «إقرأ»، لكن في المصحف نرى الفاتحة أم الكتاب في البداية. مباحث علوم القرآن في القديم تعرضت لهذه المسائل من دون أي قلق وهذا الأمر أثبتته الدراسات الإٍسلامية المعاصرة، لكن – للأسف – مجتمع فيه ردة فكرية يجعل يوسف الصديق يتعرض لما تعرض له المفكرون الأحرار في زمن الشطار».
 

ورد الداعية بشير بن حسن على ماقاله الخلفاوي بشريط فيديو نشره على صفحته في موقع «فيس بوك» انتقد فيه الخلفاوي وغيره ممن قال إنهم يشككون في مصداقية القرآن الكريم ومرجعية الوحي، مشيرا إلى أن الله تعالى هو من أنزل القرآن وهو الذي تكفّل بحفظه (إنا نحن نزّلنا الذّكر وإنا له لحافظون)، مضيفا «معجزات الرسل انتهت وبقيت معجزة النبي محمد(ص) في القرآن (…) وهذا التركيب القرآني كله من عند الله، فالله هو الذي سمّى السور وكيفية تركيبها وأوحى بذلك للنبي(ص)، ولذلك فشل الذي حاول تبديل القرآن والطعن فيه». كما أشار إلى أن القرآن جُمع على ثلاث مراحل، في عهد النبي محمد(ص) ومن ثم خلال عهدي الخليفتين أبو بكر وعثمان بن عفّان.
 

ونفى ابن حسن نيته تكفير من قال إنهم يشككون بالقرآن، لكنه اتهمهم بـ»الخفافيش» التي تخشى ضوء النهار، محذرا الصديق من مصير المفكر الراحل محمد الطالبي، الذي قال إنه تم استغلالهم من قبل وسائل الإعلام لإلهاء الرأي العام عن القضايا الأساسية في البلاد كالبطالة والتهريب وأسباب الإرهاب وشبكات التسفير وغيرها، معتبرا أن هذا الأمر يدخل في إطار الحملات الانتخابية مع اقتراب الانتخابات البلدية.
 

وعلق الشيخ عادل العلمي (رئيس حزب «تونس الزيتونة») على الأمر بقوله «القرآن العظيم تولى حفظه العزيز المنّان. يبدأ بالفاتحة وينتهي بسورة الناس، لا زيادة فيه ولا نقصان. ومن شكك (به) يُقاضى بالعدل والميزان»، داعيا إلى مقاضاة من «شكك في ثوابت الإسلام أوطعن في مقدساته»، وأضاف «هذا الخلفاوي بوق بلا شرف وبلا أخلاق وبلا كرامة، عينة من الإعلام التعيس والمأجور».
 

فيما اعتبر هشام عجبوني القيادي في حزب «التيار الديمقراطي» أن «من حقّ يوسف الصديق أن يعبّر عن أفكاره بكل حرية، ولا يحقّ لأحد مصادرتها»، معتبرا أن «التفكير لا يجب مواجهته بالتكفير، وإنّما بأفكار أخرى مضادّة».
 

وكتب أحد النشطاء يسمي نفسه «حنبعل»: «الحالة الراهنة تستوجب جرأة وصدعا بحقيقة القرآن (الخطاب) الذي ليس بين أيدينا اليوم، والذي ذهب منذ توفي صاحبه اي النبي محمد(ص)، وما بين أيدينا هو مصحف الإمام عثمان بن عفان، والذي سقط منه الكثير. القرآن التأريخي هو قرآن بشري أسهمت ثقافات المحيط الاجتماعي آنذاك في تشكيله، والأدلة على ذلك ما نزل على ألسن عمر والصحابة، ما أقره النبي من كلام كاتب وحيه عبد الله بن سعد بن ابي سرح وجعله وحيا مما اضطر هذا الأخير على الارتداد..الخ».
 

وأضاف آخر يُدعى عمار الورتاني «الغريب فى الأمر أن عثمان بن عفان استبعد عبد الله بن مسعود ولم يعينه ضمن لجنة جمع القرآن وتدوينه، في حين أن الرسول قال: خذوا القرآن من أربعة من بينهم عبد الله بن مسعود».
 

وعادة ما تثير قضايا من هذا النوع الجدل في تونس، حيث اعتبر يوسف الصديق في وقت سابق أن صلاة الجمعة ليست فرضا على المسلمين، ودعا أيضا إلى إلغاء وزارة الشؤون الدينية على اعتبار أن «الدين لله وحده»، كما شكك مع محمد الطالبي في مسألة تحريم شرب الخمر، على اعتبار عدم وجود نص قرآني ينص على ذلك، وهو ما عرضهما لهجوم شديد من قبل بعض رجال الدين.
 
 
المصدر: القدس العربي
captcha