ایکنا

IQNA

أستاذ بجامعة بغداد لـ"إکنا":

المنظومة التكفيرية وجدت حاضنة في الغرب بسبب الأنظمة القانونية في تلك البلدان

11:02 - September 14, 2021
رمز الخبر: 3482517
بغداد ـ إکنا: أكد الأكاديمي العراقي "الدكتور حسام قدوري الجبوري" أن المنظومة التكفيرية وجدت حاضنة راعية في المجتمعات الغربية بسبب الأنظمة الفكرية والقانونية في تلك البلدان التي تسمح بالتمدد والانتشار بطبيعتها من جهة، ولكونها تتعامل ببراغماتية خبيثة مع هذا المرض.
المنظومة التكفيرية وجدت حاضنة في الغرب بسبب الأنظمة القانونية في تلك البلدان
وقال ذلك، الأستاذ المساعد في قسم اللغة العربية بكلية "إبن رشد" للعلوم الانسانية التابعة لجامعة بغداد "الدكتور حسام قدوري الجبوري" في حديث خاص له مع وكالة "إکنا" للأنباء القرآنية الدولية، موضحاً أن المنظومة التكفيرية تعتمد في ذاتها على الانعزال في كلّ شيء، ولهذا ظهرت أوّل منظومة تكفيرية - وهي الخوارج - في بيئة بدوية صحراوية قاسية تؤمن بالانعزال، وهذا الانعزال يمهّد الطريق للفكر الإلغائي بالقوة.
 
وفيما يلي النص الكامل للحوار:
 
ما هي أهم آليات وإستراتیجیات مواجهة الحركات التكفيرية والفكر الوهابي على مستوى العالم الإسلامي؟

للجواب على هذا السؤال علينا بيان الأسس الفكرية التي تُبنى عليها المنظومة التكفيرية، والنتائج التي تتمخض عنها.

وبداية تبدو المشكلة إجتماعية وسياسية واقتصادية في وقت واحد. لا يمكن الركون لفكرة أن المجتمعات الفقيرة تنتج التكفير بشكل قاطع، إلّا أنّ المنظومة الاجتماعية والسياسية الفارضة للواقع القمعي تهيئ الظروف الحاضنة للفكر التكفيري.

أضف إلى ذلك أن المنظومة التكفيرية تعتمد في ذاتها على الانعزال في كلّ شيء، ولهذا ظهرت أوّل منظومة تكفيرية - وهي الخوارج - في بيئة بدوية صحراوية قاسية تؤمن بالانعزال، وهذا الانعزال يمهّد الطريق للفكر الإلغائي بالقوة.

وعليه فإننا أمام استراتيجيتين للوقوف في وجه الفكر التكفيري الإلغائي: 

- الأولى في محاولة نسف البيئة الحاضنة على مستوى الاجتماع والسياسة والاقتصاد؛ حتى نقف أمام الامتداد والنمو الخالق لظروف التكفير.

- الثانية التثقيف ومحاولة مدّ جسور الحوار البنّاء، وفي هذا المجال علينا معرفة الأطر الحوارية الممكنة مع الفكر التكفيري، يجب وضع الأسس الخارقة للمنظومة التكفيرية، فالحوار بلا أسس سيكون كحوار (الطرشان) لن يأتيَ بالنتائج المرجوّة.

طبعا علينا الوقوف أمام مرحلة تجفيف منابع التكفير - بكل أشكاله المذهبية - هذا التجفيف على مستوى المنظومة الدينية من جهة، والمنظومة النفسية من جهة أخرى.

ولدينا تراث روائي وتاريخي يجذّر للتكفير علينا مواجهته والقضاء عليه.

وعلينا في الوقت نفسه استحداث مصّحات نفسية تقوم على أسس أكاديمية علمية مشابهة لمصحّات الإدمان على المخدّرات تؤدي مهمة معالجة المنظومة التكفيرية إذا ما اعتبرنا الشخص التكفيري مريضاً نفسيّاً يحتاج للعلاج.

ما هو تأثير نشر الفكر الوهابي في المجتمعات الغربية على تشويه صورة الإسلام والمسلمين؟

هنا نقطتان مهمّتان؛ الأولى أن المنظومة التكفيرية وجدت حاضنة راعية في المجتمعات الغربية بسبب الأنظمة الفكرية والقانونية في تلك البلدان التي تسمح بالتمدد والانتشار بطبيعتها من جهة، ولكونها تتعامل ببراغماتية خبيثة مع هذا المرض، الغربيون يمولون علناً المنظمات التكفيرية، داعش صُنع في أمريكا حسب اعترافات كلينتون نفسها، وعليه فإن طرح سؤال عن تشويه التكفيريين لصورة الإسلام هناك يبدو مستغرباً نوعما، في خطابات الإمام الخامنئي (دام ظلّه) إشارات كثيرة لهذه النقطة، بمعنى لو كانت قضية التكفير قضية داخلية لكانت القضية أقلّ ورماً وتوتراً عما هي عليه الآن.

ومع التسليم بفرض السؤال فإن من الواجب العمل بقوة على تضافر الجهود لإبراز الإسلام المحمديّ الأصيل بصورته المشرقة، الصورة التي تعكس الإسلام الذي يتبنّاه الأئمة المعصومون (ع)، من حيث الرُقي والتمدن والحضارة والعلم والتعايش السلمي المقتدر والتعامل الإنساني والأخلاقي الكبير.

وبطبيعة الحال فإنّ الحضارة الغربية مسؤولة بشكل كبير عن هذا التشويه، والتكفيريون ـ إذا ما أحسنّا الظنّ بتوجّهاتهم العقدية ـ يمثلون من حيث لا يعلمون أدوات رخيصة لهذه الأجندة الغربية.
 
إلى أي مدى تستمد أفكار وأفعال التيارات التكفيرية والمتطرفة من الفكر الوهابي؟

من الناحية العقدية فإن التكفير يمثّل عقدة (ثقافية نفسية) يتبنّاه الشخص المأزوم، وعلى الرغم من أن التكفير لا دين له إلّا إنّ الحاضنة الوهّابية تمثّل الراعي الرسمي للحركات التكفيرية.

علينا التمييز بشكل علميّ ودقيق بين الراديكالية والتشدد من طرف، والتكفير من طرف آخر، لكنّ القضية تتمثل بوجود الآف النصوص التي ترسّخ التشدد إلى حد الإلغاء المتمثّلة بمؤلفات عبد السلام بن تيمية ووريثه محمد بن عبد الوهاب، وهنا يجب الإشارة إلى ملاحظة مهمة وهي أن أول ردّ على التكفير الوهّابي جاء من أخيه ( سليمان بن عبد الوهاب ) الذي ألّف كتاباً "الصواعق الإلهية" في ذلك، وعلينا أن نتساءل بتدبّر لماذا لم يتأثر أخوه بهذه المنظومة الإلغائية.

علينا وضع مشاريع بحثية من تخصصات متعددة في التاريخ وعلم النفس والاجتماع والفكر والدين والحديث وغيرها لتفكيك القضية ومعرفة الأسباب والمبررات الصانعة لهذا الورم الخطير.

بعض الخبراء والمحللين يؤكدون أن الوهابية هي سلاح الأمريكان ضد الإخوان؟ ما هو رأيكم وتحليلكم؟

هذا صحيح في ما لو فهمنا الجذور التي ينبع منها الفهم التكفيري.

هناك دراسات تؤكد أنّ التكفير في عصرنا الحديث نتج عن مؤلفات سيّد قطب، كاتب الإخوان المسلمين الشهير إلّا أن معادلة السياسة الانتهازية التي صنعها السادات في قمع الشيوعيين بنمط مختلف عن سابقه جمال عبد الناصر في خلق تكافؤ قوى يقمع من خلالها التيارات الشيوعية من خلال صناعة قوى إسلامية متشددة تلتها ظهور حركة "التكفير والهجرة "، يجعلنا نتريث في فهم جذور الحركات التكفيرية وجوداً وولادةً وامتداداً ...

بعد الأزمة الأفغانية وانشطار الحركات إلى جماعات متصارعة خلق الأمريكان بتدخلهم فرصاً لامتدادات خارج إطار الإخوان لإنشاء تكافؤ جديد، لكنه هذه المرّة (تكفيري - تكفيري) ، أو (تكفيري - متشدد) ، أو (تكفيري - إخواني) ، وبالفعل تسود العالم الإسلاميّ اليوم استقطابات جديدة تُظهر صراعاً بأوجه مختلفة بين الحركات الإخوانية، والحركات الوهّابية.

كما تعلمون أن أتباع الوهابية لايعتقدون بالتأويل بل يتمسكون بظواهر القرآن والروايات، ما هو تأثير هذا النهج الوهابي على تصرفات هذه الجماعة؟

واحدة من أهم العقبات التي تواجه الباحث في الشأن الوهّابي، أو التكفيري هي عقبة ( اللا تأويل) ، وهي عقدة مفاهيمية صعبة وشائكة.

القضية ليست سهلة تماماً، فاليد هي اليد والوجه هو الوجه، لذا فالتمسّك بنفي التأويل حشر الذهنية التكفيرية في إطار رفض الحلول ، وإلغاء الحوار.

اللا تأويل يجعلنا أمام رؤية قاصرة وإنطوائية وإقصائية إلى حدّ الإلغاء بالقوة، وعليه فإن من الواجب دراسة القضية (اللا تأويل) من اتّجاهات متعددة، يبدو الاتّجاه ( اللغوي - البلاغي) واحداً منها.

الظاهريون أو أتباع المذهب الظاهريّ يتجاذبون المسألة من زاوية مشابهة؛ فهم ينفون (التأويل) بشكلٍ، أو آخر، ولكن لم يتبنَّ أتباعهم الحلول الإقصائية والإلغائية لدرجة القتل والإيغال فيه.

وهذا يدعونا لدراسة القضية من وجهات (غير لغوية) لمعرفة الأسباب التي تدعو لرفض التأويل وجعله مادّاً للتكفيريين بأسباب الإلغاء والإقصاء.

المنظومة التكفيرية وجدت حاضنة في الغرب بسبب الأنظمة القانونية في تلك البلدان

captcha