إن الفطرة البشریة تهدي الإنسان إلی الدین وتجعله متدیناً دون أن یحتاج إلی مدرس أو تعلیم لإتباع الفطرة التي خلقه الله علیها وهي صالحة لکل مکان و زمان.

وتنسجم أصول وفروع الدين والأخلاق والمعارف ومبادئ الدين مع فطرة الإنسان. إن البشر في أي عمر وفي أي زمان ومكان يعيشون، يريدون أن يعرفوا أين هو مصدر الوجود؟ هذا هو أصل التوحيد.

ولم ترد مفردة الفطرة في القرآن الکریم إلا مرة واحدة ولکن هناك إشارات إلی معنی الفطرة فیما یلي سنشیر إلی البعض منها؛

أولاً: الآیة 16 من سورة البقرة المبارکة "اشتروا الضلالة بالهدى" أي أن الإنسان کان مهتدیاً بالفطرة ثم إشتری الضلالة بعد الهدایة.

ثانیاً: الآیة 67 من سورة التوبة المبارکة "نسوا اللّه" ما تعني أنهم کانوا مؤمنین بالله قبل أن ینسوه.

وهنا ربما یتساءل البعض إذا کان الإیمان فطریاً لماذا لم یؤمن بعض الناس بالله ودینه؟ والإجابة هي أن الدین أمر فطري ولکن الإنسان أحیاناً یخطئ في معرفة أساس العالم کما أن الطفل الذي یبجث عن ثدي أمه ثم یوضع في فمه غلاف بلاستیکي مهدئ یجعله یظن أنه حقیقة ثدي أمه.

ثالثاً: هناك آیات تدعو الإنسان إلی العودة إلی نفسه منها قوله تعالی "یا ایها الّذین آمنوا علیكم أنفسكم" (المائدة / 105) و"أتأمرون الناس بالبرّ و تنسون أنفسكم"(البقرة / 44).

رابعاً: هناك آیات تشیر إلی ندامة البشر "یا ویلتي لیتني لم أتّخذ فلاناً خلیلاً" (الفرقان / 28).

خامساً: الآیات التي تدعو إلی الذکر والتذکر فهي دلیل علی أن الإنسان کان یعرف ویعي التوحید بالفطرة ولکنه بحاجة إلی التذکیر لقوله تعالی "و ذكّرهم بایام اللّه" (إبراهیم / 5)." و"ذكّر فانّ الذكرى تنفع المؤمنین"(الذاریات / 55).

سادساً: الأسئلة التي یعرضها القرآن الکریم علی الإنسان دلیل علی أن الإنسان في باطنه یعرف بعض الأمور من قبل منها قوله تعالی "هل یستوى الذین یعلمون والذین لا یعلمون انّما یتذكّر اولوا الالباب" (الزمر /9).

سابعاً: الآیات التي تتساءل أین تذهبون؟ "انّى‌ تؤفكون"(غافر / 62).

ثامناً: الآیات التي تفید بأن الإنسان یعرف نفسه وبصیر بها "بل الانسان على نفسه بصیرة"(القیامة / 14).

تاسعاً: الآیات التي تشیر إلی المیثاق بین الإنسان وربه "ألم أعهد الیكم یا بنى آدم"(یس / 14).

مقتطفات من كتاب "أصول العقائد(التوحيد)" بقلم المفسر الايراني للقرآن "الشيخ محسن قرائتي"