وقال الله تعالى في سورة البقرة المباركة "وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴿۲۳﴾ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ﴿۲۴﴾".
وهنا يتحدّى القرآن الكريم جميع المشركين بأن يأتوا بمثله أي يأتوا بكلام يبلغ مستوى كلام الله من حيث الفصاحة والبلاغة وإن لاتستطيعوا فآمنوا به واتقوا النار.
والتحدّي في اللغة يعني المباراة والمبارزة. من حيث الاصطلاح: التحدي اصطلاحاً يتصل اتصالاً وثيقاً بالمعنى اللغوي فهو طلب الإتيان بالمثل على سبيل المنازعة والغلبة ويتحدد المثل تبعا لما يتحدى به، وايضاً يعبُر عن إنذار شخص بفعل شيء مع التّلميح إلى عدم قدرته عليه، والتحدي في اصطلاح علوم القرآن والكلام الإسلامي هو أنَّ الأنبياء(ع) يتحدّون منكري النبوة بالمعجزات، فيطلبون منهم الإتيان بمثلها.
واختلفت الآراء في كيفية التحدّي القرآني، يعتقد البعض أنَّ التحدي القرآني يقتصر على الجانب الأدبي فقط، أي أنه تحدّى بأن يؤتى بمثله في الفصاحة والبلاغة؛ ولكن يعتقد البعض الآخر أنَّ التحدي يعمّ كلّ ما في القرآن.
وهذا التحدّي يكشف عن إعجاز القرآن الكريم إذ لم يأتوا بمثله رغم مرور ألف وأربعمائة عام عليه وكُثُر أعداءه على مر الزمان ولكنهم عجزوا عن ذلك على الرغم من تطور الأدب والأنغام.
وقد يقول البعض بأن كل كتاب فريد فلم يستطع أحد أن يأتي بنغمات كـ تلك التي أتي بها "فولفغانغ أماديوس موزارت"(أحد أهم ملحني ومؤلفي الموسيقى الكلاسيكية في العالم) أو "المُلحن الألماني لودفيج فان بيتهوفن"، وهنا علينا الاعتراف بأن هذا صحيح ولكن هناك من أتى بمثل لتلك النغمات بينما لم يقدر أحد أن يأتي بمثل سورة واحدة من القرآن الكريم حتى تلك السور الصغيرة كـ النصر والكوثر.