ایکنا

IQNA

واعيةُ غزة فلسطين وعذابات جهنم

12:12 - August 31, 2024
رمز الخبر: 3496721
بیروت ـ إکنا: كيف لأمة الأعراب تسمع بواعية غزة فلسطين، فلا تنتصر لأهلها، وتنأى بعيداً كأن الموت يسهى عن غدرها، ويذهل عن شقوتها! فيطيب لها الخنوع، فتروى منه تخمةً وتلبدًا! فيا لها من مصيبة أن تمتحن أمة الأعراب بواعية أطفال ونساء غزة فلا يستجاب لنصرتهم.

واعيةُ غزة فلسطين وعذابات جهنمألم يسمع أعراب الأمة بواعية غزة فلسطين، فيكونوا لها سنداً وعوناً؟ أم أنهم سمعوا؛ ولكنهم ماتوا عن السماع ذلاً ورهباً؟ تجدهم مترهلين عن حقهم سكوتاً وخوفاً، فإذا ما نطقوا كان النطق منهم عجباً؛ يأكلون في بطونهم ناراً، ويستغشون ثيابهم تخفياً من الحق وتبرماً.

صمت الزمان عن غِيهم دهراً،وتردى مجد عروبتهم حتى أثملهم جهلاً ووثناً! كم هو الامتحان صعب وعسيرٌ، والعذاب أليمٌ أن لا تحسب لأمة الأعراب أمجادٌ، وأن تطوى لهم الهزائم على حر النار عاراً وخزياً، يروى عن الإمام علي(ع) أنه قال:"مَن شهدنا في حربنا أو سمع واعيتنا، فلم ينصرنا أكبّه الله على منخريه في النار…". وكلنا يسمع بواعية الإمام الحسين(ع)  يوم نادى بالحق غريباً مشفقاً،فما أجابه إلا سكون الليل، فقال لهم:"اتخذوه جملًا! فأبى الأصحاب حياة الذل، واختاروا عز الشهادة وعياً وحباً وحقاً وصدقاً وعدلاً.


فكيف لأمة الأعراب تسمع بواعية غزة فلسطين، فلا تنتصر لأهلها، وتنأى بعيداً كأن الموت يسهى عن غدرها، ويذهل عن شقوتها! فيطيب لها الخنوع فتروى منه تخمةً وتلبدًا! فيا لها من مصيبة أن تمتحن أمة الأعراب بواعية أطفال ونساء غزة، فلا يستجاب لنصرتهم، ولا يُسمع لأنين حقهم! بل تحبس أنفاس الحياة عنهم، زهدًا بمجدهم، وانتقاماً من حظوة عزهم! فهل يشك أحدٌ في ما لأهل غزة من حق مشروع، وصوت مسموع، ودعاء مرفوع، فلمَ هذا الصمت عن واعية حقٍ، ودعوة مظلوم؟ فها هم ينادون من تحت الأنقاض، وأغمار التراب، أمةً سرّها من دينها أنها تتزاحم على أبواب المساجد، وترّتل القرآن طلبًا للعجائب،ثم تطوي كشحاً عن سر صلاتها، وعوة قرآنها، وقد قال تعالى:"إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولذكرُ الله أكبرُ، والله يعلم ما تصنعون.".فكيف لأهل فلسطين غداً أن يشفعوا لمن ترك الحق ونصر الباطل،وأصم أذنيه عن أن يسمع لواعية حق، وأسلم أهله للموت وهم على وعد الحق ونصرة الجار وقرب الديار!؟

أيدري الأعراب معنى فعل الصناعة في الآية المباركة؟ فهي تعني كل من يعمل في السياسة، ويدركُ معنى الواعية من شعب مظلوم لا تُسمع تكبيرة صلاته، ويترك وحيداً من أمة طاغية! لقد سمع العالم كله واعية فلسطين ألا يخاف الأعراب أن تصيبهم قارعةٌ أو تحلُ قريبًا من دارهم،أو أن يسألوا عن حق الأخوة التي رام العدو أن لا تكون لها آذان واعية! فما هو سرُ صمت الأعراب يسمعون نداء الحق، ويذهبون في داهية، وينامون على اللدم كأنهم أعجاز نخل خاوية! أم لهم براءةٌ في الزبر، ويطمعون أن تكون لهم بعد فلسطين باقية؟ فما أصبركم على النار، أنكم تسمعون واعيةَ غزةَ،وترون بأم العين دماء ودموع غزة،ثم تعطون لأنفسكم شهادات المقت، فلا تكترثون لدم أو لدموع! فسيان عندكم أن تكون فلسطين شهيدةً أو باكيةً! فما ضركم ما قاله الأعداء عنكم، إنكم أمواتٌ في حياتكم مقهورين، فلا أملٌ يرجى منكم،فقديمًا فعلتم،فلم تسألوا عن حق! وشقيتم حتى صرتم  لفلسطين  غربةً دائمةً! مليارات المسلمين يهتفون لفقه الدين، ويجمعون أموال الفقراء والمساكين لتشييد صروح التكافل بين المسلمين ثم تراهم يتداكون على أداء الفرائض،تعبداً وعرفاناً، ساهين عن حق الأخوة في الإنسانية والدين!

فلسنا ندري إن كانت فلسطين غرَّةَ دينكم أم أن الدين قد غرُب عن يقينكم؟ فماذا عساكم تقولون غداً يوم يعضُّ الظالم على يديه! ألجهل بحق غزة فلسطين أنتم تنكثون،أم لشكٍ بوعد ربكم أنكم لا تثابون ولا تعاقبون!؟ أم لقلةٍ فأنتم تخافون،ولا تنصرون؟ أنى لكم كيف تحكمون؟وممَ تهابون؟ وقد علمتم علم اليقين أن غزةَ هي المضمار السباق في الجهاد، وفي بصيرة الحق واليقين، فهي التي تنادي باسم الدين،وتجمع إليها الملائكة وصالح المؤمنين.

فماذا أنتم فاعلون يا أعراب الأمة يوم تشهد عليكم غزةَ بالخذلان،وهجرة الحق المبين؟ لقد فزتم بالخزي والعار يوم جهلتم واعية غزةَ،فلم تبادروا إلى نصرةِ وتركتم أنفسكم على قارعة العذاب المهين! تُكشف سرائركم، وتَبلى أخباركم، فلا تعتقون بما كسبتم، بل تندمون على ما جعلتم للأعداء عليكم من سبيل!؟ فإلى غزة ينتمي فجر المسبّحين،وعلى ترابها يعفَّرُ كل جبين. فلولا تصدّقون يا أعراب الأمة أن غزةَ اليوم تأخذ بالنواصي والأقدام إلى حيث يكون الحساب.ويوم عرضها تنادي،أين هم الذين وعدوا بيوم الدين،وسمعوا بواعية الدم الفلسطيني، فهل من مجيب؟ أين هم الذين بشّروا بالعذاب الأليم،واختاروا أن يكونوا من المخلّفين، وتركوا أطفال غزة يموتون جوعاً، ويقتّلون على كل طريق؟ لقد حق القول فيكم،إنكم أعراب الأمة الذين لما يدخل الإيمان قلوبكم،إذ لو كنتم على حق الإيمان لما تركتم واعية فلسطين تحكم عليكم بما حق لكم،ولا جعلتم للأعداء عليكم كل سبيل،كما قال تعالى:"ولن يجعلَ اللهُ للكافرين على المؤمنين سبيلًا..".والسلام.

بقلم الأكاديمي اللبناني والباحث في الدراسات القرآنية "أ.د فرح موسى"

 تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:
أخبار ذات صلة
captcha