ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّة...

مَنْ اهْتَدى بِهُدَى اللّهِ أَرْشَدَهُ

22:00 - March 30, 2025
رمز الخبر: 3499561
بيروت ـ إکنا: إن الله تعالى هو الهادي، وهو المرشد، وهو الدليل، هو الذي عرَّفنا نفسه المقدسة بما خلق وأبدع وصوَّر وأتقن ما صنع، وبما أظهره من آيات قدرته في الآفاق وفي الأنفس، وبما أودع فينا من فطرة نقية، وعقل سليم، والانسان هو الذي عليه أن يتقبل هداية الله، وهو الذي عليه أن يمسك بها. 

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "مَنْ اهْتَدى بِهُدَى اللّهِ أَرْشَدَهُ".
 
الله تعالى هو الهادي، وهو المرشد، وهو الدليل، هو الذي عرَّفنا نفسه المقدسة بما خلق وأبدع وصوَّر وأتقن ما صنع، وبما أظهره من آيات قدرته في الآفاق وفي الأنفس، وبما أودع فينا من فطرة نقية، وعقل سليم، والانسان هو الذي عليه أن يتقبل هداية الله، وهو الذي عليه أن يمسك بها. 
 
لقد أخذ الله تعالى على ذاته المقدسة أن يهدي جميع خلقه، فما من مخلوق إلا وهو مهدي إلى غايته، يستوي في ذلك الجماد والنامي والعاقل وغير العاقل، كُلٌ بحسبه، ومحال في حكمة الله ولطفه أن يخلق الخلق لغاية ثم لا يهديهم إليها مع عجزهم عن معرفتها، وعن معرفة الطريق الموصل إليها.

إقرأ أيضاً

قال تعالى: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴿1﴾ الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ ﴿2﴾ وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ ﴿الأعلى:3﴾. وقال تعالى: ... رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ ﴿طه: 50﴾. وكما ترى قارئي الكريم فما من مخلوق إلا وهو مهدي، فالله يخلق ويسَوّي ويُقَدِّر ويهدي، وعلى المخلوق أن يتقبل هداية الله.
 
وقال تعالى: إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَىٰ ﴿الليل: 12﴾ وقال تعالى: وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ﴿النحل: 9﴾. 

إن الآية الأولى تبيِّن أن الله تعالى كتب على نفسه -فضلا منه بعباده ورحمة- أن يبين الهدى لفطرة الناس ووعيهم، وأن يبينه لهم كذلك بالرسل والرسالات والآيات، فلا تكون هناك حجة لأحد، ولا يكون هناك ظلم لأحد، إنه سبحانه أوجب على نفسه أن يزَوِّد العبد بالقدرة على العمل، وبالعقل الذي يميز بين الخير والشر، ثم يبين له ويرشده ويبشره وينذره، وقد تحقق ذلك كله على أكمل وجه، و هو منتهى اللطف والرحمة. 
 
أما الآية الثانية فتؤكّد ما جاء في الآية الأولى من أن الهداية من الله تعالى، وأن هدايته عامة لجميع البشر بما فطرهم عليه من توجُّه تلقائي إليه، وما زوّدهم به من عقل، وقدرة على التفكير، وما أنزل من كتب وأرسل من رُسُل، هذا ما أخذه الله على نفسه المقدسة، أن يوضِح الطريق ويهدي الإنسان إليه، إلا أن الإنسان مريد مختار فمن الناس من يهتدي بهداية الله، ومنهم من يُعرِض ويجور وينحرف.
 
إن الهداية نور رباني ينير القلب، ويفتح له باب الحق، وليست مجرد توجيه عقلي، بل عملية روحية ومعنوية ترتقي بالإنسان إلى مراتب الوعي، والبصيرة، والإخلاص، والصدق، والسَّعي المستمر للتقرب إلى الله تعالى، وهي المنبع الوحيد للرُّشد والصَّواب في شَتَّى مجالات الحياة، فطوبى لمن يتقبّل قلبه ذلك النور، وبؤسى لمن ينغلق عنه، ولهذا نجد أن المؤمن الحق يسأل الله في اليوم عشر مرات على الأقل أن يهديه الله إلى صراطه المستقيم، ويجنِّبه الضّلال والضياع فيقول: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴿6﴾ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴿الفاتحة: 7﴾. 
 
ولئن كانت الهداية من الله مستمرة متوالية لا تنقطع كما لا تتوقف الشمس عن إنارة الأرض، فإن الاهتداء أي قبول تلك الهداية رهن إرادة الإنسان واختياره، وشرط ذلك أن يفتح لها قلبه، وتتواضع لها نفسه، وأن تكون مستعدة لتلقي ذلك اللطف.
 
على أن الهداية هنا لا تقتصر على معرفة الله، ومعرفة الطريق إليه، بل تتعدّى ذلك لتشمل الهداية إلى الصواب والحق والرشد والحكمة في القرارات، والبصيرة في فهم الواقع والاستجابة له، فالرشاد والنجاح الحقيقي في الدنيا والآخرة متصلان بالاعتماد الكلي على هُدى الله، ولا مجال للاعتماد على الذات دون الرجوع إلى مصدر النور الإلهي الذي يُنير العقول ويُصَفّي القلوب.

بقلم الباحث اللبناني في الدراسات الدينية السيد بلال وهبي
captcha