ایکنا

IQNA

الكيان الصهيوني ومعزوفة المنع النووي

15:05 - April 20, 2025
رمز الخبر: 3499812
بيروت ـ إکنا: لقد أعلنت الجمهورية الإسلامية الإيرانية مراراً أنها لا تريد صناعة القنبلة النووية، ولا حيازة برنامج عسكري نووي،وذلك إنما كان منها انطلاقاً من تحريمها الديني والشرعي لصناعة أسلحة الدمار الشامل،وقد أظهرت للعالم كله سلمية برنامجها وحرصها على الاستفادة من التقنية النووية للأغراض السلمية.

ولقد أعلنت الجمهورية الإسلامية الإيرانية مرارًا، أنها لا تريد صناعة القنبلة النووية،ولا حيازة برنامج عسكري نووي،وذلك إنما كان منها انطلاقًا من تحريمها الديني والشرعي لصناعة أسلحة الدمار الشامل،وقد أظهرت للعالم كله سلمية برنامجها وحرصها على الاستفادة من التقنية النووية للأغراض السلمية،ومما يدل على صدقية إيران في هذا المجال،هو أنها أبرمت اتفاقًا محكمًا مع الدول الكبرى، ولكن للأسف جاء الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" في ولايته السابقة وألغى هذا الاتفاق، لا لكونه غير محكم، ولا يلبي طموحات الغرب بل لأنه لا يتضمن مصالح زائدة لأمريكا! ،مستغلًا الضغط الصهيوني لتسويغ أطروحته في الخروج من الاتفاق!

وها هي المفاوضات الجديدة قد بدأت في مسقط بهدف إبرام اتفاق نووي جديد يمنع من عسكرة البرنامج النووي في إيران،وكما يظهر من نتائج المفاوضات غير المباشرة بين أمريكا وإيران بوساطة عمانية، أن الأمور ذاهبة إلى توافق جديد يحفظ لإيران حقوقها النووية وفق مصالحها الاستراتيجية.

وهنا يمكن لنا الحديث عن معزوفة الكيان الصهيوني الدائمة والمملة،أنه لن يسمح لإيران بإنتاج السلاح النووي! ولا شك في أن المتابع لتصريحات رئيس حكومة العدو ،يعرف أن عمر هذا التهديد الصهيوني يتجاوز العشرين سنة،التي لم ينفك فيها هذا الكيان عن التهديد والوعيد من دون أن تكون له الجرأة على فعل شيء إزاء البرنامج النووي الإيراني!


إقرأ أيضاً:


فالكيان الصهيوني يُدرك تمامًا مدى عجزه في مواجهة إيران،ويعمل جاهدًا لتوريط الغرب وأمريكا في الحرب، رغم علمه المسبق بأن أي حرب يمكن أن تقع لن يكون الكيان الصهيوني بمنأى عن نتائجها،هذا إذا لم يكن من أكثر المتضررين منها! فهو يعلم أن إيران ليست ليبيا،لكي يكون من شروط التفاوض تفكيك البرنامج النووي على شاكلة ما جرى في ليبيا،وكذلك هو يدرك تمامًا أن إعلاناته المتكررة بضرب هذا البرنامج لم يعد لها قيمة تذكر،طالما هو عاجز عن تحقيق أدنى انتصار في غزة ولبنان واليمن!،فهل سيكون بمقدوره تغيير الشرق الأوسط كما يزعم في أكاذيبه التي أصبح شعبه يمجّها ضجرًا ويأسًا من صخبها الإعلامي؟ إنها معزوفة،فعلًا أصبحت ممجوجة لدرجة أن أمريكا نفسها قد هدّدت وتوعّدت ،ثم عادت لتفاوض إيران على قاعدة أن الرئيس الأمريكي ليس على عجلة من أمره!

فإيران لا ترى حاجة لعسكرة مشروعها،وهي لو أرادت ذلك،لفعلت،كما قال الولي الفقيه،وكل الدول الكبرى تعرف ذلك، وتبني عليه في علاقاتها مع إيران،فلم يعد مجديًا لرئيس حكومة العدو التطاول بالكلام جريًا على عادته في ذلك،لأنه يعلم أن السلاح النووي لا يشكّل ردعًا له في ظل ما يعاني منه من ترهل داخلي،وقلقٍ وجودي جرّاء حروبه في غزة ولبنان!

فالعدو يعلم أن هذا السلاح لم يحمِ الاتحاد السوفياتي من الانهيار،ولا حال دون انهياره اقتصاديًا،وأهل العقل والدراية في الدين والشرع لا يرون في هذا السلاح ضمانةً من أن يطالهم الخواء والبوار !فهذه أمريكا نفسها استطاعت تحقيق مكاسبها ونفوذها الاستعماري بالقوة الاقتصادية،وليس بالسلاح النووي،وإن أي دولة في العالم لا يمكنها حماية نفسها من مساوىء هذا السلاح فيما لو واجهت السقوط الحضاري،ما يؤكد لنا حقيقة أن هذا السلاح لا يحقق ردعًا للدول النامية،كما أنه لا يجعلها في منأى عن الانهيار،حتى إسرائيل نفسها عاجزة عن حماية نفسها بالردع النووي،لكونه سلاحًا ذو حدين!

وهذا ما نصح به المستشرق الصهيوني"برنارد لويس"، الكيان الصهيوني،أن لا  يعوّل كثيرًا على القوة النووية في الشرق الأوسط،كاشفًا عن ضرورة اعتماد أساليب التفريق والتمزيق والحروب والفتن في البلاد العربية والإسلامية، كضمانة لبقاء الكيان الصهيوني! إن إيران كانت ولا تزال صادقة في أنها تحرّم إنتاج هذا السلاح،لكونه من مصاديق الإفساد في الأرض،خلافًا لمن يزعم أنه من مصاديق إعداد القوة في الإسلام! نعم،يمكن اعتبار العلم النووي والتقنيات النووية من مصاديق القوة في إدارة البلاد وتنميتها اقتصاديًا،بحيث يستفاد منها في الطب والزراعة وإنتاج الكهرباء،وفي غير ذلك مما يسهم في تطوير البلاد ونهوضها العلمي،أما أن تصنع أسلحة الدمار الشاملة لمجرد أن هناك دولًا تنتج هذا السلاح،ولا بد من توازن الردع معها،فهذا مما لا يستقيم في شريعة الإسلام،فإذا ما أرادت البلاد الإسلامية إنتاج هذا السلاح في ظل ترهلها الاقتصادي والاجتماعي،كما هو حال كثير من الدول التي تملك هذا السلاح،وهي عاجزة عن بناء نفسها اقتصاديًا،فما تكون قيمة هذا السلاح غير أن تكون مخاطره محققة على البلاد الإسلامية نفسها قبل غيرها.

إن معزوفة التهديد والوعيد التي يعتمدها الكيان الصهيوني منذ عقود من الزمن ضد الجمهورية الإسلامية،لم يعد لها قيمة تذكر في ظل ما حققته إيران من قوة عسكرية واقتصادية لحماية نفسها،والدليل على ذلك،هو ما يجري من مفاوضات طيلة عقدين من الزمن!وكم تبرّم قادة الكيان الصهيوني على منابر مجلس الأمن بمجسماتهم النووية لحشد القوى ضد إيران،وكانت النتيجة اتفاقات نووية،ومفاوضات سرية،وعقوبات شكلية!؟،ولا زلنا نسمع القادة الصهاينة يتوعّدون إيران لمنعها من إنتاج السلاح النووي!

فالعدو لا يخاف من النووي الإيراني،بقدر ما يخاف من القوة الإيرانية لما وصلت إليه من مستويات ردعية في الثقافة ،والعقيدة،والاقتصاد،والموقف السياسي،ومن ثمّ في القوة العسكرية،وما تعرضت له إسرائيل مؤخرًا من وعود صادقة،يكشف عن حقيقة هذا الردع المتميّز على مستوى المواجهة في الشرق الأوسط… فليقلع هذا العدو عن صلفه وعنجهيته الفارغة قبل أن يُصدم بالعجز الأمريكي عن ضرب إيران!فأنى له أن يبلغ مجد النووية،وهو لما يزل في صدمة الردع اليمني على أبواب البحر الأحمر وباب المندب!

بقلم أ.د.فرح موسى:رئيس المركز الإسلامي للبحوث والدراسات القرآنية

captcha