وقال الله سبحانه وتعالى: ﴿اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ﴾ (المجادلة: 19).
أولاً: معنى الاستحواذ: الاستحواذ: من الحَوْز، أي السيطرة والاستيلاء التام على شيء. أي: سيطر على قلوبهم وعقولهم حتى نزع عنهم نور الذكر والوعي، وصار لهم القائد بدل الله تعالى.
ثانيًا: متى يتمكن الشيطان من الاستحواذ على الإنسان؟ وفقًا للقرآن الكريم وأحاديث أهل البيت (ع)، لا يتمكّن الشيطان من السيطرة الكاملة إلا عندما يُهيئ الإنسان له الطريق بنفسه، من خلال عدة أسباب، منها:
1. الغفلة عن ذكر الله
قال تعالى: ﴿وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَـٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ﴾ (الزخرف: 36)
العُشُوّ عن الذكر هو الإعراض والتغافل عنه.
النتيجة: تهيئة بيئة داخلية مظلمة يسهل على الشيطان الدخول إليها.
من كلام الإمام علي (ع) : الغفلة أضر الأعداء. عنه (عليه السلام): ويل لمن غلبت عليه الغفلة، فنسي الرحلة ولم يستعد.
2. اتباع الهوى:
قال تعالى:﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ...﴾ (الجاثية: 23).
من يجعل هواه حاكمًا عليه، يُضعف عقله وروحه، فيتمكن الشيطان من التحكم به، عبر بوابة الشهوات والغرائز.
3. الإصرار على الذنب
عن الإمام الصادق (ع): "إذا أذنب الرجل خرج في قلبه نُكتة سوداء، فإن تاب محيَت، وإن عاد زادت حتى يَسودّ القلب، فذلك الرَّين الذي ذكره الله" (الكافي، ج2، ص273).
الرَّيْن هو تغطية القلب بالمعصية، وهي أرض خصبة لاستحواذ الشيطان.
4. ضعف البصيرة وترك طلب العلم
الجاهل العاجز عن تمييز الحق، سهلُ الوقوع في حبائل إبليس، ولذلك ورد: عن الإمام علي (ع): "الناس أعداء ما جهلوا"(نهج البلاغة، الحكمة 172).
الجهل يمنع الإنسان من كشف خداع الشيطان، فيستسلم له بدون مقاومة.
ثالثًا: من لا يقدر الشيطان على استحواذهم؟
قال تعالى: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ﴾ (الحجر: 42) ﴿إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾ (الحجر: 42)
إذن:
الشيطان لا يقدر على السيطرة على المخلصين (الذين أخلصوا العبادة والطاعة لله). ولا يقدر على أهل الذكر واليقظة والوعي، ولا على أولياء الله من الأنبياء والأوصياء. اللهم لا تجعل للشيطان علينا سبيلا ,اللهم اعذنا من كيد الشيطان وكيد اعوانه من شياطين الجن والانس يا رب العالمين .
بقلم أستاذ الحوزة العلمية في النجف الاشرف "آية الله السيد فاضل الموسوي الجابري"