ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّة...

مَنْ هَمَّ أَنْ يُكَافِئَ على مَعْرُوفٍ فَقَدْ كَافَأَ

22:46 - June 07, 2025
رمز الخبر: 3500451
بيروت ـ إکنا: إن للنيَّة مكانة عظيمة في الإسلام، إنها روح العمل وحقيقته، ومعيار قبوله أو رفضه، وعليها يقوم استحقاق الأجر والثواب والجزاء في الآخرة.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "مَنْ هَمَّ أَنْ يُكَافِئَ على مَعْرُوفٍ فَقَدْ كَافَأَ".
 
للنيَّة، -وهي الدافع الذي يدفع إلى العمل- مكانة عظيمة في الإسلام، إنها روح العمل وحقيقته، ومعيار قبوله أو رفضه، وعليها يقوم استحقاق الأجر والثواب والجزاء في الآخرة، فقد جاء عن رسول الله (ص) أنه قال: "يا أيُّها النّاسُ، إنّما الأعمالُ بالنِّيّاتِ، وإنّما لِكُلِّ امرئٍ ما نَوى‏...".
 وجاء عن الإمام الصّادق (ع): "النِّيَّةُ أفضَلُ مِن العَمَلِ، ألا وإنّ النِّيَّةَ هِيَ العَمَلُ‏ ثُمّ تلا قَولَهُ تعالى‏: (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ على‏ شاكِلَتِهِ) يَعني على‏ نِيَّتِهِ".

ولم يقف الإسلام عند هذا الحد، بل كشف عن أن الله تعالى وهو الرؤوف الرحيم، والجواد الكريم، ليثيب الإنسان على نيته ولو لم يتحقّق منه العمل، فقد رُوِيَ عن رسول الله (ص) أنه قال: "مَن أتى‏ فِراشَهُ وهُو يَنوي أن يَقومَ يُصَلِّي مِن اللَّيلِ فغَلَبَتهُ عَيناهُ حتّى‏ أصبَحَ كُتِبَ لَهُ ما نَوَى‏، وكانَ نَوْمُهُ صَدَقَةً علَيهِ مِن رَبِّهِ".

وجاء عنه (ص) أنه قال: "تَرَكنا في المَدينَةِ أقواماً، لا نَقطَعُ وادِياً ولا نَصعَدُ صُعوداً ولا نَهبِطُ هُبوطاً إلّا كانُوا مَعَنا. فقال أصحابه: كَيفَ يَكونونَ مَعَنا ولَم يَشهَدوا؟! قالَ: نِيّاتُهُم".
 
في هذا السياق تأتي المعادلة التي ذكرها الإمام أمير المؤمنين (ع): "مَنْ هَمَّ أَنْ يُكَافِئَ على مَعْرُوفٍ فَقَدْ كَافَأَ" فمن المعلوم أن المعروف يجب بحكم العقل أن يُقابَل بمعروف مثله، وهذا ما نبَّهنا إليه الله تعالى في كتابه الكريم إذ قال: "هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ﴿الرحمان:60﴾ إن مجازاة الإحسان بالإحسان قانون عام، والناس جميعاً يعلمون بعمومية هذا القانون ويؤمنون بوجوب مقابلة الإحسان بإحسان مثله، أو بأفضل منه، لأن المبتدئ بالإحسان هو صاحب الفضل.

وروى علي بن سالم قال: سمعتُ أبا عبد الله الصادق (ع) يقول: "آيَةٌ فِي كِتَابِ اَللَّهِ مُسَجَّلَةٌ. قُلْتُ: مَا هِيَ؟. قَالَ: قَوْلُ اَللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي كِتَابِهِ (هَلْ جَزٰاءُ اَلْإِحْسٰانِ إِلاَّ اَلْإِحْسٰانُ) جَرَتْ فِي اَلْكَافِرِ وَاَلْمُؤْمِنِ وَاَلْبَرِّ وَاَلْفَاجِرِ، مَنْ صُنِعَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ فَعَلَيْهِ أَنْ يُكَافِئَ بِهِ، وَلَيْسَتِ اَلْمُكَافَاةُ أَنْ يَصْنَعَ كَمَا صُنِعَ بِهِ، بَلْ حَتَّى يَرَى مَعَ فِعْلِهِ لِذَلِكَ أَنَّ لَهُ اَلْفَضْلَ اَلْمُبْتَدَأَ".
 
ثم إنه قد يُوَفَّق المَرْءُ لمجازاة المُحسن على إحسانه، ومكافأته على معروفه، فإن أمكنه ذلك يكون قد قام بما يجب عليه، وقد يعزم على ذلك ولكنه يعجز عن تحويل عزمه ونيته إلى فعل واقعي، فهل يعُدُّ أنه قد قام بما عليه ما دام قد نوى ذلك جاداً في نيته ولكن حال بين وبين ما يريد مانع من الموانع؟

المعادلة التي بين أيدينا تجيب بنعم، وتقول: ما دام قد عزم على مكافأة المعروف بالمعروف، وكان جاداً في عزمه، فقد كافأ، فمجرّد توجّه القلب واستعداد الإرادة للمكافأة والجزاء على المعروف هو في حدّ ذاته قيمةً معنويةً توازي الفعل الظاهر، فالنية وحدها مُنَجِّزة لجزءٍ كبيرٍ من الجزاء، فهي هنا بمثابة الغاية التي تحققت في الذهن قبل تحقق المسعى في الخارج، فتحقّق الجزاء لا يقتصر على الأفعال الظاهرة، بل يمتدُّ إلى مقاصد القلب.

بقلم الباحث اللبناني في الدراسات الدينية السيد بلال وهبي
captcha