ایکنا

IQNA

القرآن وهجرة الإمام الحسين(ع)

22:06 - July 06, 2025
رمز الخبر: 3500829
بيروت ـ إکنا: إن الحسين(ع) والقرآن صنوان، فلا يميل الناس عن الهدى، فالله لا يخدع عن جنته، ولا ينال ما عنده إلا بطاعته، فإن كان الوهم يغلب طباع الناس أن عاشوراء هي حدث في التاريخ؛ فأقول وليسمعوا أن الحسين(ع) كجده محمد(ص)،كتب في تاريخ الإسلام فصلاً.

وبين الهجرة والهجران زمان أمة، وحياة دين، وفداء للحسين تنبض به الحياة وتكشف عنه أنوار ملكوت لم يسدل ستاره حتى لا تغيب الشمس وتبقى لنا في آفاق الزمان آمال وأحلام، أن الامام الحسين(ع) يعبر في كربلاء في سفر من القرآن وإليه..فيا إمام القرآن الكريم أنت لا تهجر القرآن، فهو أنت وأنت هو، بل الناس يهجرونك على وعد من أكذوبة الدنيا التي أدبرت وتنكّرت!

فها أنت تأخذ بالأيادي إلى حيث تسكن النفوس، وتطمئن الأرواح، وتعلو الجباه، فما غيّر الزمان من وجهك، ولانطق القرآن بغير هداك، فأنت الولي أبدًا في حديث القرآن، هدايةً وولايةً، يأمر بطاعتك، ويهدي إليك، تعصمك الآيات في امتداد جدك.

فالويل لأمة هجرت القرآن بك، فهي لم تسمع بقوله تعالى:"أطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم…".وهلا سمعنا يومًا بسماع من لم يسمع، والله يقول:"إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله.".لقد أسمعت أيها الإمام صخورًا، وجبالًا ،ووهادًا، فتشقق منها الماء، وبدت منها الخشية لله تعالى، وما خشِيَت قلوب تسكنها ظلمة الحياة، وتهوى الباطل إلى حد الممات.!

إقرأ أيضاً:


فلو تدبّر الإنسان سر نهجك لعلم أنك الأقوم، ولو كشف الغطاء لعلم الناس معنى قوله تعالى:"ليت قومي يعلمون…".فما جهل أحدٌ أنك في عرفانك أرحب،فلم تخسر صفقة عبد رأى فيك أحمد، فإن كان زمانك كربًا وبلاءً، فما لزماننا وأنت تشهد، فيا ليتنا دخلنا في ضمير حبك، ليكون لنا في ضمير القرآن مرقد.

أنت الولي قائمًا وقاعدًا، فما ضرك أنك تُهجر!،فهذا القرآن يشهد بعصمتك، وينادي بطاعتك وقليل من يسمع! فالذين ماتوا عن البصيرة، وكانت أبصارهم محدّقةً،فلم يطل منهم السؤال:لِمَ هكذا نحشر عميًا وصمًا وبكمًا،؟ فهل لنا من بصر أو سمع به نسمع؟ فمن يشك من أهل العلم، أنك نور تمتد في الوجود، وتعطي شهادة وسيادة لمن له في الجنة مطمع.

هكذا، تواتر حديث السيادة،جنةً وخلودًا،فكيف لأمة أن تنسى طاعة إمام شافع ومشفع!؟ فلسنا ندري لِمَ لا تجوب مواكب الحزن الحياة؟ ألم يسمع الناس باصطفاف ملائكة الوجود لصلاة بغير محمد وآله لا ترفع! إنها عاشوراء التي تحكي قصة وجودنا، في صلاتنا وصومنا وكل عباداتنا، تروي عطشًا وجوعًا وخوفًا وحزنًا وجهادًا في الله؛ولكنها ليست غافلة عما نصنع! 

فإن كنا نروي واقعة عاشوراء وتروينا بما تعنيه من مصيبة حياة، فهلا تساءلنا يومًا عن حضور قلب ألقى السمع،وعاين المفجع! فالعجب كل العجب من أمة تاهت في التاريخ،ودخلت تيه الحياة،يشكو القرآن هجرتها وهي تظن أنها تعبد الله وله تشهد! فالحسين(ع) والقرآن صنوان،فلا يميل الناس عن الهدى، فالله لا يخدع عن جنته، ولا ينال ما عنده إلا بطاعته، فإن كان الوهم يغلب طباع الناس أن عاشوراء هي حدث في التاريخ؛ فأقول وليسمعوا أن الحسين(ع) كجده محمد(ص)،كتب في تاريخ الإسلام فصلًا،وفي أحداث الوجود فرقانًا، يمتد في بدر وأحد وحنين والأحزاب وخيبر ،ولا يزال يكتب فصول الحياة بكل متسع، فهو يعطف آخر الزمان على أوله، بجده فتح الله وبه ختم؛ فهو من فتح جده نور،ٌومن سر أبيه مطلع؛ فيا له من سر طافت الحياة ببعث هداه، فهلا سمعتم بعهد علي والأشتر!؟

فلتبك العيون ولتحرن القلوب يا معشر الناس، فأهل العلم يريدون زكاةً، ومجدًا للإسلام وبه،وأنى يكون لهم ذلك،وهم عن الحسين(ع) والقرآن أبعدُ،كما قال لهم الحسين(ع):"من يعرف بالله فلا تكرمون، وأنتم بالله في عباده تكرمون.."،فلبئس القوم الذين هجروا القرآن،ليجعلوا من الحسين(ع) حدثًا في التاريخ،وتجربة تحفظ ولا تقاس،أو لا تقتبس!؟

كأن من يزعم ذلك لا يعلم أن سفينة النجاة تبحر، ولا بد أنها نجاةٌ وسبق إلى الفوز بكل محشر،وكذلك مصباح الهدى ،فهو مضيءٌ أبدًا،فأركان الهدى لا تهدم. فالحسين(ع) معصوم بنص القرآن،وقد افترض الله طاعته،وهذا ما يجمع عليه أهل العلم والتقى،وجاءت كربلاء لتؤسس لمنهج جديد، له كنه الفتح المبين في حياة المسلمين، فمن أراد الحياة َوالعزةَ، فليبحث عن الحسين(ع) في نفسه، هناك حيث مهج الحياة تفدى في حبه،لعله بذلك يهتدي إلى أسرار في الخلقة والوجود، وأنوار في الملك والملكوت،فالحسين(ع) كل ذلك في امتداد الرسالة والرسول(ص)، لقول رسول الله(ص):"حسين مني وأنا من حسين…".والسلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين .والحمد لله على ما قضى وقدّر.والسلام.

بقلم الأكاديمي اللبناني "الدكتور فرح موسى"

captcha