قال أهل العلم :إن الآية نزلت في الذين ينكثون العهود من أهل الشرك، وهي تعطي ضابطة كلية في حق الناكثين للعهد الشرعي في كل زمان ومكان، ومَن يرى خلاف ذلك، فهو يحكم جهلاً على نفسه بالخروج من عهدة القرآن الكريم، وكما يقول الإمام الصادق(ع):"إذا نزلت الآية على رجل،ثم مات ذلك الرجل، فالآية لا تموت، فالقرآن حيٌ لا يموت،وهو يجري في مَن بقي،كما جرى في مَن مضى".
وقال العلماء في تأسيساتهم الأصولية: إن المورد لا يخصّص الوارد، والعبرة ُبعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وهنا نسأل ما هو الفرق بين أئمة الكفر في زمن نزول القرآن الكريم على رسول الله(ص)، وبين أئمة الكفر في زماننا اليوم، طالما أن المعيار للتوصيف والقتال هو نكث العهود والمواثيق؟
إقرأ أيضاً:
فهل السكوت على قتل أهل غزة فلسطين ونكث العهود معهم، والتخلي عن القدس، والتطبيع مع العدو الصهيوني، وتدنيس المقدسات، وخيانة الأمانات، فهل هذا كله لا يعتبر نكثًا للعهود، ولا يشكّل ضابطة توصيف للكفر!؟ أنى لكم كيف تحكمون؟ فإذا كان المصداق في زمن التأسيس هو مَن نزلت فيهم الآية المباركة، فما هو مصداقها اليوم؟ أم أن أعراب الأمة ومنافقيها لا يرون لها مصداقًا؟ فالعجب كل العجب ممن نكثوا العهود مع فلسطين، وبايعوا الأعداء على قتل شعوبهم!
إن مَن لا يقدّس كلاماً لله تعالى في عالمي التكوين والتشريع لا ينتظر منه نصرة المظلوم، ولا حفظ أمانة الله تعالى في عباده وبلاده! لقد قلتم فعلًا أن القرآن الكريم مات عن الحياة،وأُقصي عن اعتماد التوصيفات اللازمة،إذ لم تعد في حياة المسلمين أدنى قيمة لتنزيل أو تأويل، فكل شيء أصبح لدينا من عالم التزييف والتكذيب،كأن لا نبيًا جاء،ولا وحيًا نزل! هذه هي حقيقة الموقف الذي نحتاج إلى وعيه في زمن عادت فيه حياة الناس إلى كرّة الشياطين.
بقلم أ.د.فرح موسى؛ رئيس المركز الإسلامي للبحوث والدراسات القرآنية في لبنان