ایکنا

IQNA

مشهدية قرآنية لصنمية فرعونية، الطاغي الأمريكي أنموذجاً

10:45 - June 29, 2025
رمز الخبر: 3500733
بيروت ـ إکنا: قد بيّن الله تعالى حقيقة الموقف بأن خاتمة الصراع في ظل توفر الإيمان وإرادة الصمود، لا بد أن تكون للمؤمنين،كما كانت للأنبياء(عليهم السلام) في صراعهم مع الطواغيت والمترفين.

مشهدية قرآنية لصنمية فرعونية، الطاغي الأمريكي أنموذجاً

ولقد أمر النبي موسى(ع) بالذهاب إلى فرعون بآيات ربه، لعلّه يتذكّر أو يخشى، فأراه الآيات الكبرى، فما كان جواب فرعون إلا التكذيب والعناد والعلو،كما قال الله تعالى في القرآن الكريم: "ولقد أريناه آياتنا كلها، فكذّب وأبى"، وقال للنبي موسى(ع) معاندًا: "فلَنأتينك بسحر مثله، فاجعل بيننا وبينك موعدًا لا نخلفه نحن ولا أنت مكانًا سوًى"، قال والكلام للنبي موسى(ع): "قال موعدكم يوم الزينة وأن يُحشر الناس ضحًى،فتولى فرعون فجمع كيده، ثم أتى…".إنها مشهديةٌ قرآنيةٌ تصوّر لنا حقيقة كل طاغٍ في كل زمان ومكان، فالآيات تعرض لحالة طغيانية أعماها الضلال، وأصمها عن سماع الحق الغرور والكبرياء، وطغيان السلطة والمال!

فنلاحظ أنه بقدر ما كان النبي موسى(ع) واثقًا بربه، ومطمئنًا في دعوته،كان فرعون مأخوذًا بعمى نفسه، وغارقًا في تكذيبه وطغيانه لدرجة أنه طلب موعدًا لاجتماع الناس لرؤية أكاذيبه وسحرته! ظنًا منه أن ما سيأتي به السحرةُ، سيكون بمثابة الهزيمة للنبي موسى(ع) وآياته! ففرعون الطاغوت في مؤتمره الصحفي أمام ملئه ووسائل دعايته، هو الذي يقترح المكان السوي المعتدل" مكانًا سوًى"، بحيث يسمع كل الناس لمنطقه،"أنا ربكم الأعلى"،"وقد أفلح اليوم مَن استعلى"،ويرون ما يزعمه لنفسه من قوةٍ وعزةٍ وكبرياء في ما سيأتيه من السحر،للتهوين بالنبي موسى(ع) و آيات الله الكبرى!


إقرأ أيضاً:


فقال النبي موسى(ع) مستجيبًا لدعوة فرعون أن يجتمع الناس يوم الزينة، وهو اليوم الذي يشهده كل الناس، عيدًا وفرحًا، على أن يكون الوقت ضحًى، ليرى الناس مذلة فرعون وملئه! فهذه المشهدية تقدّم لنا دروسًا في ما سيؤول إليه أمر كل ظالم،فهي تبيّن لنا في جملة دلالاتها،أن الطاغوت حينما يعمى عن حقائق الأمور أو يكابر عن علم، لدرجة الجحود والنكران للحق، فإن مصيره سيكون حتمًا السقوط والافتضاح أمام الناس،كما هو حال الطاغي الأمريكي اليوم،فهو لا يسمع لنصحٍ،ولايتّعظ بتجربةٍ، بل هو غارق إلى حد الذهول عن ما ينتظره من أحداث، فنراه يدعو إلى استسلام الدول وخضوعها لإرادته، ومهددًا بالقتل والغلبة لكل مَن يطالب بحقه ويدافع عنه،ففرعون القديم كان يقطع جاهلًا، ويتولى مكابرًا، ولكنّه في يوم امتحان الآيات عاد خائبًا بعد أن رأى من آيات ربه ما رأى!

فهل فرعون أمريكا اليوم يُدرك حقيقة ما ستؤول إليه الأحداث،بحيث تكون له الموعظة مما حدث في المنازلة الكبرى بينه وبين آيات إيران الكبرى؟ فانظروا إلى مؤتمره الصحفي الأخير،وعودوا إلى التدبّر في ما عرضت له مشهدية القرآن عن صنمية فرعون، فإنكم سترون حتمًا انعكاس هذه المشهدية في الطغيان الأمريكي! لقد سبق لفرعون أن ادّعى كذبًا وزورًا كل العزة لنفسه، قوةً وانتشارًا،كما قال تعالى عن فرعون: "وإنا فوقهم قاهرون"، فهذه الآية تثبت حقيقة ومنتهى ما كان عليه فرعون من صلف وغرور وكبرياء! فهو لكبريائه اختار الموعد السوي، فما كان يظن أن يأتيه النبي موسى(ع) بيوم الزينة، ما اضطره إلى أن يكون أمام مشهد الحق،ليبوء بالخذلان،وينتبه من رقدته وتكذيبه!

فهو لم يكن أعمى عن حقائق الغيب والوجود، بل كان مستبصرًا،كما قال الله تعالى:"وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلمًا وعلوًا، فانظر كيف كان عاقبة المفسدين..".إنها مشهديةٌ يعرض لها القرآن الكريم،ليؤكد على حقيقة ما سينتهي إليه كل طغيان،وما نعيشه اليوم من منازلة وصراع بين الطغيان الصهيوأمريكي، وبين محور الحق وعلى رأسه الجمهورية الإسلامية،ليس بدعًا من الصراعات والمشهديات،التي عرفتها البشرية في تاريخها.

وقد بيّن الله تعالى حقيقة الموقف بأن خاتمة الصراع في ظل توفر الإيمان وإرادة الصمود، لا بد أن تكون للمؤمنين،كما كانت للأنبياء(عليهم السلام) في صراعهم مع الطواغيت والمترفين. فالمشهد القرآني واضح لجهة دلالته على أن الطغيان الغربي اليوم، صائرٌ إلى مزيد من التبصّر بمآلات الأمور، بحيث يلتفت الأمريكي قبل غيره إلى ضرورة التخفيف من الكذب والكبرياء بعد رؤية الآيات.

وكم من آية قد ظهرت لهذا الغرب في مخادعته لإيران،وفي عدوانه عليها؟ ويكفيه في ختام حربه، وفي ما اختاره من مكان سوي أن تكون نتيجة الحرب،وإعلانه لوقف النار،بمثابة يوم الزينة له،ذلك أنه شهد على نفسه بالخسران،مكتفيًا بالتهديد والوعيد،تمامًا كما توعّد فرعون سحرته بأنه سيقطّع أيديهم وأرجلهم من خلاف!

فهذه هي نتيجة المشهد،وكل ما نسمعه من ثرثرة طغيانية على أدراج البيت الأسود الأمريكي، ليست سوى هوامات وترهلات تشبه تلك التي كان يعيشها فرعون قبل أن تنال منه عصا موسى في يم الموت والعذاب. هناك حيث غرق فرعون، وعادت الحياة أدراجها إلى طغيان جديد وفوز لمن ألقى السمع وهو شهيد.

إن ما نشهده اليوم من صراع بين الحق والباطل،بين المقاومة والطاغوت بكل أشكاله ومسمياته،يبقى خاضعًا لتداول الأيام،وحاكمية السنن،فلنحرص على أن تكون مشهدية الحق لله ورسله، هي الماثلة أمامنا في صراعات الوجود، وتدافع الأمم والشعوب،فكل طغيان إلى زوال، وما طغيان الغرب اليوم سوى طفرة في ما عايشته البشرية من طغيان! فالله ولي الذين آمنوا…والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت.

بقلم أ.د. فرح موسى؛ رئيس المركز الإسلامي للبحوث والدراسات القرآنية في لبنان 

captcha