وأشار إلى ذلك، "أبوالفضل محمدي"، عضو الهيئة العلمية في جامعة الإمام الحسين (ع)، في ندوة "الزهد؛ عنصر مفقود في الحُكم" العلمية من سلسلة ندوات "الحُكم من منظور القرآن الكريم" المتخصصة، وقال: "إن الزهد يجب أن يُراعى بشكل خاص بين كبار مديري المجتمع".
وبيّن أن "ثقافة المجتمع يجب أن تكون قائمة على الزهد، وهذا يعني عدم السعي وراء الدنيا والعمل على تحقيق المصالح العامة للمجتمع"، مؤكداً أنه "من وجهة نظر قائد الثورة الاسلامية الايرانية، حتى عامة الناس إذا كانوا يتحلون بالزهد ستكون حياتهم أكثر سهولة".
وأضاف: "لقد شدّد سماحة قائد الثورة الاسلامية الايرانية كثيراً على هذه المسألة، واعتبر عدم الالتزام بها مرضاً للمجتمع. وقال في أحد الاجتماعات: "أبرز نقطة في نهج البلاغة هي الزهد."
إقرأ أيضاً:
وأردف متسائلاً، ما إذا كان الله يريد الزهد لحياة الحكام مثل حياة الرسول الأعظم (ص) أم لا؟ وقال: "يحذّر القرآن الكريم النبي الأكرم (ص) بوضوح حول هذه المسألة؛ فعندما عاد النبي (ص) من إحدى الغزوات، طلبت نساؤه الغنائم منه، لكنه قال (ص) إنه قسّمها بين الناس؛ فقال القرآن: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا"."
واستطرد قائلاً: "وفقاً لهذه الآية الكريمة، للقرآن الكريم تعاليم ليتّبعها النبي (ص) في حياته الشخصية وليطبّقها على سلوك نسائه، كما إن هذه الآية تظهر أن الله يهتم كثيراً بكيفية حياة الحكام؛ وينبغي أن تكون أنماط سلوك الحكام وأسرهم متوافقة مع مثل هذه التعاليم."
وأشار الى الفقرة الأولى من دعاء الندبة "الْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعالَمِینَ، وَصَلَّى اللّٰهُ عَلَىٰ سَیِّدِنا مُحَمَّدٍ نَبِیِّهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِیماً . اللّٰهُمَّ لَکَ الْحَمْدُ عَلَىٰ مَا جَرىٰ بِهِ قضاؤُکَ فِی أَوْلِیائِکَ الَّذِینَ اسْتَخْلَصْتَهُمْ لِنَفْسِکَ وَدِینِکَ، إِذِ اخْتَرْتَ لَهُمْ جَزِیلَ مَا عِنْدَکَ مِنَ النَّعِیمِ الْمُقِیمِ الَّذِی لَازَوالَ لَهُ وَلَا اضْمِحْلالَ، بَعْدَ أَنْ شَرَطْتَ عَلَیْهِمُ الزُّهْدَ فِی دَرَجاتِ هٰذِهِ الدُّنْیَا الدَّنِیَّهِ وَزُخْرُفِها وَزِبْرِجِها، فَشَرَطُوا لَکَ ذٰلِکَ، وَعَلِمْتَ مِنْهُمُ الْوَفاءَ بِهِ، فَقَبِلْتَهُمْ وَقَرَّبْتَهُمْ وَقَدَّمْتَ لَهُمُ الذِّکْرَ الْعَلِیَّ وَالثَّناءَ الْجَلِیَّ، وَأَهْبَطْتَ عَلَیْهِمْ مَلائِکَتَکَ، وَکَرَّمْتَهُمْ بِوَحْیِکَ، وَ رَفَدْتَهُمْ بِعِلْمِکَ"، قائلاً: إن هذا التعبير يدلّ على أن حاكم كل الكون، سواء كان حيوانًا أو إنسانًا أو أشياءً أو غير ذلك، هو الله الذي يدبر شؤون المخلوقات باستمرار.
وأضاف أنه من منظور نهج البلاغة، الزاهد هو الإنسان العاقل الذي عرف قيمة الدنيا والآخرة كما هي، ويختار ما له قيمة أكبر؛ أي أن الإنسان العاقل هو الذي يفضل حياة الآخرة على الدنيا؛ لا أن لا يستفيد من الدنيا.