
من "أحمد" الذي حمد الحمد كله، ومن "محمد" الذي حمد في السماء والارض، خرج نور الهدى والشفاعة العظمى.
ومن "عبد الله" الذي سجد بين يدي الحق، واخترق بالعبودية أسماء الجبروت، خرجت روح الورع والجهاد.
ومن "الجنيد" الذي جاهد في سبيل العقيدة، ونصر بالسيف والبيان
المشروع القرآني، خرج قائداً ميدانياً يهزم جبابرة الزمان.
إقرأ أيضاً:
هو صرخة الحق في وجه المستكبرين، وسفر الجرء الذي لا يخشى طغاة الأرض، ينشر فكر الامام زيد عليه السلام في العلم والعمل، ويرفع
صوت المستضعفين براية التوحيد.
فقل للجبارية:
"هذا نبض أمة لا تموت، وروح سماء لا تتراجع!"
هنا، حيث يلامس جبل صبر الأشم عنان السماء، ويحرس باب المندب بصلابة الأجداد، من رحم قرية الصراري، منبر العلم ومعدن الرجال، انطلق المجاهد أحمد محمد عبدالله الجنيد كصاروخ بركاني، يحمل على كتفيه عزة اليمنيين الأوائل، وشجاعة الذين صدقوا أن اليمن مقبرة للغزاة.
لم يكن رجلاً عابراً في سجل الأزمنة، بل كان العاصفة التي تسبق هبة الجماهير، والعقل الذي يستقبل زخم الحشود وينظم إيقاع الثورة في صدورها. كان لسانه سلاحا، وخطابه نورا يضيء الطريق للمشروع القرآني الذي يقوده السيد عبدالملك الحوثي لمواجهة غطرسة المستكبرين.
الطالب أحمد.. والكلية الحربية:
في ريعان شبابه، وقبل أن تشرق أنوار المشروع القرآني على اليمن، كانت الكلية الحربية محطة لصقل مواهبه القيادية وغرس الانضباط العسكري في نفسه.
هناك تلقى العلوم العسكرية التي ستصبح لاحقا أداة في يد القضية، فتشكلت فيه شخصية الضابط المنظم، الذي أنضجت تجربته العسكرية ليصبح أحد أبرز من وظفوا هذه المعرفة في خدمة مشروع العزة والكرامة، ممهدة الطريق ليكون لبنة من لبنات جيش الإيمان.
العقيد أحمد.. وقوة التنبؤ:
أيقن بخيانة النظام السابق وولائه للاستكبار، فلم يتردد في ترك السلك العسكري وهو يحمل رتبة العقيد، مفضلا طريق الجهاد والحقيقة على بريق الرتب وزهو المناصب.
المجاهد أحمد.. والسلطة القضائية:
ربطته بالقاضي أحمد عبدالله أواصر الفكر الزيدي الأصيل، فكان الجسر لنشر هذا الفكر في أسرته ومحيطه في تعز.
ولما رأى القضاة صدق الالتزام وعمق الإيمان، اقترحوا تكليفه العمل في وزارة العدل، وهناك لم يكن موظفا عاديا، بل كان مصلحا غيوراً، أجرى إصلاحات جذرية وترك بصمات واضحة في مسار القضاء، جاعلا من العدل شعارا ومن الاحسان منهجا.
المجاهد أحمد.. والتوقيف عن العمل:
عندما شن النظام السابق حروبه الست الجائرة على صعدة، لم يقف المتفرج، بل انطلق داعية ومنشرا لفكر الشهيد القائد السيد حسين الحوثي – رضوان الله عليه – فكان ثمن صدقه أن أوقف عن العمل وأسقطت درجته الوظيفية، فقبلها وسام شرف على صدره.
القيادي أحمد محمد الجنيد.. والصرخة في وجه المستكبرين:
في زمن توارى فيه الكثيرون، وقف في قرية الصراري شامخا، وأطلق من على منبر جامع جمال الدين صرخته المدوية، مناصرا للمشروع القرآني في عز المحن.
كانت الصرخة الشرارة التي أضاءت قلوب الشباب، فتحول الجامع إلى منارة توعوية وتعبوية، يدفع بالأفواج إلى ساحات الاعتصام، ويرسل بالمئات من أبنائه إلى جبهات العزة والكرامة، وكان من بين من نال وسام الشهادة ابنه البار الشهيد صدام – رضوان الله عليه – الذي روى بدمائه تراب الوطن.
المجاهد أحمد.. وساحات التغيير في صنعاء:
في غماري الساحات، كان ركنا من أركان حركة "شباب الصمود"، قائدا منظما، وخطيبا مفوها، ووجها إعلاميا بارزا يدافع عن المقدسات ويفضح المؤامرات.
ففي 15 سبتمبر 2012، وقف في ساحة التغيير ليعلن للعالم أن الإساءة لرسول الله – صلى الله عليه وآله – لن تمر، وأن الشعوب لن تسكت على حكام الخيانة.
وكان ارتباطه الوثيق بالقيادي خالد المداني والمكتب السياسي لأنصار الله خير شاهد على مكانته ودوره المحوري في تمهيد الطريق لثورة 21 سبتمبر المجيدة.
القيادي أحمد محمد الجنيد.. وحركة شباب الصمود:
كان أحد المؤسسين الأوائل والقيادات البارزة في حركة "شباب الصمود"، كلف بمهام جسام من قبل الأستاذ خالد المداني، فكان بحق العقل التنظيمي والقلب النابض للحركة.
ولم يقتصر عطاؤه على الداخل، بل امتد ليتأسس على يده "مقر آل الجنيد" في حي الكويت بالعاصمة صنعاء، الذي أصبح منصة لربط أفراد الأسرة بالعمل الجهادي، ونافذة لتأهيل الكوادر عبر ربطه بمكاتب تعز وصنعاء وصعدة.
القيادي أحمد محمد الجنيد.. والتعبئة العامة:
كان له دور بارز في التعبئة العامة، خاصة في محافظة تعز، حيث كان يحرك الهمم ويشحذ العزائم، إلى جانب مهام أخرى سيظل صيتها خالدًا في سجلات الجهاد.
القيادي أحمد محمد الجنيد.. شهيد الحصار:
لم تنله رصاصات الأعداء في الميدان، لكن حصار الظالمين الخانق على مطار صنعاء الدولي حال بينه وبين السفر للعلاج، فاستشهد صابراً محتسباً، ليكون رقته شهادة، وحصاره قرباناً للقضية.
الخاتمة:
سلام عليك أيها القلب الكبير الذي ضاق بالألم فاتسع بالشهادة. سلام على روحك التي آمنت بالله جهاداً وثورة ووفاء. سلام على المجاهد الذي وقف صامداً في وجه الطغاة، مؤمناً بالمشروع القرآني، مناصراً لفلسطين حتى آخر نفس. لقد رحلت جسداً، لكنك بقيت درباً يسلك، وعهداً ينفذ، وشعلة لا تنطفئ. وعداً على دربك سائرون، وعهداً للقدس ماضون.
"ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل احياء عند ربهم يرزقون"
القيادي المنظم، صاحب الصرخة الأولى، مهندس التعبئة، وأحد أعمدة ثورة 21 سبتمبر، الذي حول الحصار إلى شهادة، والوجع إلى إرادة.
بقلم الكاتب والمحلل السياسي اليمني "عدنان عبدالله الجنيد"