
وأشار إلى ذلك، حجة الإسلام والمسلمين "الشيخ الدكتور محسن مهاجرنيا"، رئيس مركز "طلوع مهر" لدراسات الثورة الإسلامية في إیران، في ندوة"خطاب المقاومة" والجلسة الثامنة عشرة لتفسير سورة الفتح المباركة، وقال: "في أواخر سورة الفتح المباركة وبعد الظروف الحرجة لصلح الحديبية حيث واجه المسلمون نوعاً من الصلح المفروض عليهم، يطرح الله تعالى قضية عولمة الدين."
وأشار إلى قوله تعالى "هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا" (سورة الفتح/الآية 28)، موضحاً: "أي أنه بينما لم يخرجوا بعد من الأزمة، يخبر الله تعالى أن الرسول الأعظم (ص) قد أُرسل بالهدى ودين الحق ليُظهر الإسلام على جميع الأديان."
إقرأ أيضاً:
وأضاف: "عبارة "لِيُظْهِرَهُ" في الآية دقيقة جداً، بدلاً من أن يقول إن النبي (ص) ينتصر بالحرب والصراع، يقول إنه "يُظهِر" الدين، وربما لم يكن المفسرون السابقون قادرين على فهم ذلك، لكن اليوم في عصر الحرب الناعمة والحرب المعرفية، هذا المفهوم أصبح مفهوماً تماماً، حيث يعني أن الإسلام لا يسود بالسيف، بل بمنطق المعرفة والثقافة والتفكير."
وأردف الشيخ مهاجرنيا قائلاً: "أساساً الحرب ليست جزءاً من رسالة الأنبياء (علیهم السلام)؛ بل الحرب فقط لإزالة العقبات، والجهاد الابتدائي مشروط بالدعوة، أي يجب أولاً دعوة الناس إلى الدين بالكلام والمنطق، وإذا منع الحكام المستبدون ذلك، حينها يجب القتال معهم، لا مع عامة الناس."
ووصف هذه الآية بأنها "خارطة طريق لبناء الحضارة"، وأوضح: "لقد أرسل الله تعالى النبي (ص) وقال له أن ينشر هذا الدين عالمياً وفق هذه الخارطة الحقة والصحيحة،ومن اللافت أن هذه الآية تكررت بنفس المضمون في ثلاث سور، وهي التوبة، والصف، والفتح، وتؤكد على الإرادة الحتمية لله لإكمال هذه الخارطة."
وأشار إلى واجب المسلمين عبر التاريخ، قائلاً: "هذه الآية تعلمنا "الانتظار الفعّال"، أي أنه بعد النبي (ص)، يجب على المجتمع الإسلامي أن ينتظر بشكل فعّال غلبة الدين، ويجب على علماء الدين من الناحية العلمية، وعامة الناس من الناحية العملية، أن يسعوا لتحقيق سيادة منطق الدين، هذا الانتظار هو واجب يتجاوز التاريخ."
وفي ردّه على ادعاء إجبار الإيرانيين على اعتناق الإسلام، قال الشيخ مهاجرنيا: "يروّج البعض لفكرة أنهم أجبرونا على أن نصبح مسلمين، وهذا كذب."
وأكدّ: "نحن الإيرانيون كتبنا كل الثقافة القرآنية والدينية الجميلة، والمصادر الأربعة للشيعة كتبها الشيخ الصدوق (من الري)، والشيخ الكليني (من الري)، والشيخ الطوسي (من طوس)، وجميعهم كانوا إيرانيين، حتى المصادر الأساسية للمذاهب الأربعة لأهل السنة قام الإيرانيون بتدوينها أيضاً."