ایکنا

IQNA

ما سر الحملة ضد جمعية المحافظة على القرآن في الأردن؟

12:33 - October 05, 2021
رمز الخبر: 3482799
عمّان ـ إکنا: جملة قرارات حكومية جديدة في الأردن انتهت إلى محاصرة جمعية المحافظة على القرآن، التي أصبح يسود الاعتقاد في أوساط العاملين فيها بأنه يُراد التضييق عليها وتقليص أنشطتها، على الرغم من أنها لا تتدخل في أي شأن سياسي، ولا تمارس أي أنشطة سوى تحفيظ الأطفال والبالغين القرآن.

وجملة قرارات حكومية جديدة في الأردن انتهت إلى محاصرة أكبر جمعية إسلامية في الأردن، وهي جمعية المحافظة على القرآن الكريم، التي أصبح يسود الاعتقاد في أوساط العاملين فيها بأنه يُراد التضييق عليها وتقليص أنشطتها، على الرغم من أنها لا تتدخل في أي شأن سياسي، أو عام منذ تأسست في عام 1991، ولا تمارس أي أنشطة سوى تحفيظ الأطفال والبالغين القرآن الكريم وتدريسهم العلوم الشرعية.

ما حدث مؤخراً، أن وزارة الأوقاف أصدرت قراراً مفاجئاً تشترط فيه أن يحصل كل معلم يعمل في تدريس العلوم الشرعية على ترخيص مسبق، وموافقة من الوزارة، بعد أن يكون قد استوفى جملة من الشروط من بينها، أن يكون حاصلاً على شهادة جامعية عليا لا تقل عن درجة الماجستير.

فضلاً عن شروط جديدة لمن يريد التبرع، من بينها أن يكون مواطناً، وأن يقوم بالإفصاح للسلطات عن تبرعه. وهو ما يثير الخوف بطبيعة الحال لدى أغلب المتبرعين، الذين سيمتنعون عن إغداق المال على الجمعية لأسباب مختلفة.

ظاهر القرارات الحكومية أنها تهدف إلى تنظيم عمل الجمعية، لكن واقع الحال هو أنها قرارات معطلة، إذ تشترط وزارة الأوقاف على من يريد تحفيظ القرآن للأطفال أن يكون حاصلاً على شهادة الماجستير، بينما يقوم آلاف المعلمين في وزارة التربية بتدريس القرآن والعلوم الشرعية في المدارس وهم يحملون شهادة البكالوريوس فقط، بل إن بعضهم لديه مؤهلات أقل من ذلك، كما أن وزارة الأوقاف الأردنية ذاتها لا تضع هذا الشرط أمام خطباء المساجد وأئمتها، ما يعني أنه «لزوم ما لا يلزم» بالنسبة لجمعية المحافظة على القرآن الكريم، ومحاولة لوضع شروط تعجيزية تحد من أنشطة هذه الجمعية وأعمالها في البلاد.

الأهم من ذلك كله، هو أن «جمعية المحافظة على القرآن الكريم» يرأسها أصلاً العميد السابق لكلية الشريعة في الجامعة الأردنية، وعميد كلية الدراسات العليا، وإلى جانبه مجموعة من أكبر وأرفع وأعلم وأشهر أساتذة الشريعة في الأردن، الذين أصلاً يقررون منح الشهادات العليا لمستحقيها وحجبها عن غيرهم، فيما تشترط وزارة الأوقاف من هؤلاء العلماء أن يجلسوا أمام موظفيها للاختبار، من أجل الحصول على الموافقة لتدريس القرآن والعلوم الشرعية، وهو ما يُشكل إجراءً لا يمتُ للمنطق بصلة.

جمعية المحافظة على القرآن الكريم تأسست في الأردن سنة 1991، وهي حالياً أكبر هيئة من نوعها في العالم العربي، كما أنها أكبر مؤسسة دينية في الأردن، وبلغة الأرقام فللجمعية 42 فرعاً رئيسياً، ويتبع لهذه الفروع أكثر من ألف مركز لتحفيظ القرآن الكريم، وخلال العقود الثلاثة من عمل هذه الجمعية جلس على مقاعدها مئات الآلاف من الأطفال والبالغين، وليس معقولاً أن يُطلب من هذه المؤسسة بعد ثلاثين عاماً من عملها أن تذهب بمعلميها إلى وزارة الأوقاف ليحصلوا على الموافقة أو الترخيص من أجل القيام بوظيفة تعليم القرآن وعلوم الشريعة.
 
وبطبيعة الحال أدى قرار وزارة الأوقاف فعلياً إلى تعطيل دورات العلوم الشرعية في المراكز الألف التابعة لهذه الجمعية العملاقة، كما أدى إلى تعطيل بعض دورات تحفيظ القرآن للكبار والصغار، إذ لو افترضنا أن كل مركز يحتاج لاثنين من المعلمين فقط، فهذا يعني أن الجمعية بحاجة لألفي شخص يحملون شهادات اعتماد من وزارة الأوقاف، وشهادات ماجستير في الشريعة، وربما لا يوجد في الأردن بأكمله أصلاً هذا العدد من الأشخاص الحاملين لهاتين الشهادتين. بهذه المعطيات يبدو واضحاً أن الحكومة في الأردن تتبنى سياسة من أجل التضييق على جمعية المحافظة على القرآن الكريم، وذلك بعد سنوات قليلة من «عملية تأميم» لجمعية المركز الإسلامي، وعلى الرغم من أن الأهداف والغايات من هذه التضييقات ليس واضحاً، لكنَّ المؤكد أن هذه السياسة الكارثية تعني تقليص الهامش المتاح للإسلاميين المعتدلين، وهم الإسلاميون الذين يشكلون صمام أمان أمام انتشار أفكار التكفير والتطرف والإرهاب.

المطلوب هو رفع اليد عن جمعية المحافظة على القرآن الكريم لأنها ببساطة واحدة من الضمانات لإنتاج جيل جديد مؤمن بقيم الاعتدال وقبول الآخر والفهم الصحيح لمعاني القرآن، أما حظر هذه الجمعية أو التضييق عليها فيعني أننا أمام جنوح كثير من الناس نحو أفكار التطرف والتكفير التي تتدفق عبر الإنترنت، أو عبر طرق أخرى.

بقلم الكاتب الفلسطيني "محمد عايش"
 
captcha