إن الله وهب الإنسان نعمة السمع والبصر والقلب لتکون أداة یعرف بها نفسه لإن "معرفة النفس" تمیز الإنسان عن الحیوان.
والإنسان من خلال معرفة النفس یستطیع التحکم بالمستقبل وإن فقد معرفة النفس سیفقد إنسانیته التي أساسها معرفة النفس کما قال الله سبحانه وتعالی في الآیة 179 من سورة الأعراف المبارکة "وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ کثِیرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا یفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْینٌ لَا یبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا یسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِک کالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِک هُمُ الْغَافِلُونَ".
و"الغفلة" تعني الغفلة عن الله ولكن هذا لا يعني أننا إذا كنا مع الله فلن نغفل ونخطئ. ويقول الله سبحانه إنه يمكنني المساعدة عندما لا تنقطع علاقتك بي، والله وحده من يمكنه مساعدة الإنسان کما جاء في قوله تعالى: "إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّک وَلِذَلِک خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ کلِمَةُ رَبِّک لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِینَ"(هود / 119) وهي آیة تبث روح الأمل لأن الرحمة الإلهیة وعد إلهي.
والرحمة الالهية لها ثلاثة صفات وهي الاكتمال والعمومیة والكمال أي أن الله عندما ینزل رحمته علی الفقراء ینزلها علیهم جمیعاً بخیرهم وشرهم.
وفي هذا السياق، يقول الشاعر والفيلسوف الايراني "فيض كاشاني" إن لرحمة الله ثلاث خصائص: الاكتمال، والعمومية، والكمال. والقصد من "الاكتمال" هو أنه عندما يرحم الله المحتاج فإنه يزيل تلك الحاجة عن كل محتاج، و"العمومية" تعني الرحمة الإلهية التي تشمل جميع الصالحين والأشرار، و"الكمال" يعني أن الله سبحانه وتعالى يرحم الانسان لكي لایعاني من مشقة.