ایکنا

IQNA

أكاديمي عراقي لـ"إکنا":

حرق المصحف يهدف الى إستدراج الأمة الاسلامية الى مستنقع الصراع

11:31 - July 08, 2023
رمز الخبر: 3491864
بغداد ـ إکنا: أكد الأكاديمي العراقي والأستاذ بجامعة بغداد "الدكتور حيدر عبدالزهرة التميمي" أن الهدف من حرق المصحف الشريف في أول يوم من أيام عيد الأضحى المبارك هو استدراج الأمة الاسلامية الى مستنقع الصراع والاستفزاز والتقاتل، مصرحاً أن ردود الأفعال يجب أن تكون مسؤولة على مستوى رصانة اسلامنا المهذب.

حرق المصحف يهدف الى إستدراج الأمة الاسلامية الى مستنقع الصراعوتتوالي ردود الفعل المنددة إسلامیاً، وعربياً ودولياً بحادثة حرق متطرف سويدي نسخة من المصحف الشريف في العاصمة ستوكهولم، أول أيام عيد الأضحى المبارك، في حين تقف السلطات السويدية موقف المتفرج مما يحدث.

ومزّق المتطرف سلوان موميكا (37 عاماً) نسخة من المصحف الشريف، وأضرم النار فيها عند مسجد ستوكهولم المركزي، بعد أن منحته الشرطة السويدية تصريحاً بتنظيم الاحتجاج إثر قرار قضائي.

ويشار إلى أن هذه الواقعة ليست الأولى من نوعها في السويد، حيث يعيش أكثر من 600 ألف مسلم. ففي 21 يناير/كانون الثاني الماضي، أحرق زعيم حزب "الخط المتشدد" الدانماركي اليميني المتطرف "راسموس بالودان" نسخة من المصحف قرب السفارة التركية في ستوكهولم وسط حماية من الشرطة، مما أثار احتجاجات عربية وإسلامية بموازاة دعوات إلى مقاطعة المنتجات السويدية.

وفي هذا الاطار ولدراسة وتحليل هذه الواقعة ودراسة دور الأكاديميين المسلمين لمواجهة هذا التصعيد العدواني الخطير، أجرت وكالة الأنباء القرآنية الدولية(إکنا) حواراً مع الأكاديمي العراقي والعضو في هيئة التدريس بكلية التربية ابن رشد للعلوم الانسانية التابعة لجامعة بغداد "الأستاذ الدكتور حيدر عبد الزهرة التميمي".

فيما يلي نص الحوار:

1 ـ تبرّر المحکمة السويدية السماح بإهانة القرآن الكريم بذريعة حرية التعبير؟ما هو تحليلكم؟

ابتداء هذه ليست ثقافة سويدية خاصة أو ثقافة مختصة بشخص معين وإنما هي ثقافة عالمية يديرها اللوبي الصهيوني وهذه المحاولات تسعى إلى تمزيق  الوحدة الإنسانية في العالم أجمع،  وتشويه صورة الاسلام والمسلمين كما تحاول الانتقاص من قدرهم بعد أن شعر اللوبي الصهيوني بمخاطر انتشار الإسلام في الدول الأوروبية حيث أن العاقل يعلم أن حرية التعبير لايجب أن تتعدى حدود الإساءة والتجاوز على رموز الآخرين.

وهذا لا يخفى على أي انسان لبيب وعاقل  أن حرية التعبير لاتصل الى إهانة الآخرين بل يجب أن تكون حرية التعبير في مرحلة أن لاتتعدى حدود الإساءة والتجاوز على رموز الآخرين وبالمناسبة اليوم الثقافة الأوروبية التي تتشدق بمفهوم فكرة حرية التعبير تجدها تتعامل بمكيالين والتباين والاختلاف في هذه المسألة، على سبيل المثال هناك آلاف المسلمين الذين يعيشون في الدول الأوروبية وهم من المتدينين والذين يتمتعون بأخلاق دينية رفيعة ومستوى من التدين الاسلامي وهم لايرغبون ولايتذوقون ولايتقبلون فكرة المثلية الجنسية التي تنتشر اليوم في أوروبا، فهل تمنح السلطات السويدية أو السلطات الاخرى هؤلاء رخصة للتظاهر ضد هذه الظواهر البعيدة عن الاخلاق وهل تمسح لهم بحرق علم المثليين في السويد؟

هل اليوم يتجرأ أحد من الذين لايتفقون والذين لاتروق لهم فكرة مصداقية المحرقة اليهودية في أوروبا أن تخرج بتظاهرة وتعترض وتقف وتندد بهذة التفاصيل؟ نحن لانقبل ونحن ديننا لايسمح لنا أن نتجاوز على أي من الكتب السماوية ولكن على سبيل الافتراض أي دولة أوروبية وعندها فكرة حرية التعبير تسمح للمسلمين أن يعترضوا على الكتب السماوية منها التوراة والإنجيل الموجودة الغير الأصلية وحرقها أمام الناس. أنا أعتقد أن فكرة حرية التعبير فكرة مغلوطة وفكرة غير صحيحة.


يحاول اللوبي الصهيوني ومن يقف الى جانبه تشويه صورة الإسلام دائماً حيث ألصقوا بالمسلمين داعش، والمسلمون برئيون من داعش وسلوكيات هذا التنظيم الارهابي كما يسعون الى خلق الإسلاموفوبيا في كل أوروبا نتيجة الصاق بعض الظواهر المنحرقة  بالمسلمين  في حين أن الأمة الاسلامية أبعدت من تلك الظواهر.

اليوم بعد أن وصل الدين الإسلامي إلى  مرحلة متطورة في أوروبا وأصبحت هناك مخاوف من إنتشار الاسلام الواقعي ووصول نواة حقيقية للإسلام الاصيل في الدول الأوروبية فحاول الأعداء أن يستفزوا المسلمين ويصدعوا الجدار الإسلامي المبني برصانة، فاستعملوا هذة الظاهرة والتي ترمز إلى مسألتين: الأولى إنها مسّت مقدساً كبيراً من الأمة الإسلامية والثانية أن هذا العمل حصل في أول يوم من أيام عيد الأضحى المبارك في العالم الإسلامي ما يمثل رمزية كبيرة وكل هذا هدفه إستدراج الأمة الإسلامية الى مستنقع الصراع، والاستفزاز والتقاتل ولذلك أجد من الضروري أن تكون الحكمة في هذا الموضوع وأن تكون ردود الافعال مسؤولة على مستوى ورصانة إسلامنا المهذب الخلوق المحترم الذي وضع تفاصيل لكل شيء وان الردود يجب أن تكون مناسبة لمواجهة هذا السلوك المنحرف.

شهدنا حالتين من السويد في حرق القرآن في سنة واحدة حيث قام عدد من المتشددين اليمنين بانتهاك قدسية القرآن وهذا الأمر يتنافى مع مبادئ حقوق الإنسان وحرية التعبير لانه يمسّ شريعة مقدسة.

وما نجده في الأخبار أن هناك خلافاً بين الشرطة السويدية والمحكمة السويدية وقد كانت الشرطة ضد هذه الأفعال لكن قرار المحكمة كان غالباً على قرار الشرطة وقد أعطت المحكمة رخصة لهؤلاء المتشددين اليمنيين بالتطاول  الغير نزيهة وغير محترمة على مقدسات المسلمين. 

برأيكم ما هو الردّ الأقوى لمنع تكرار تدنيس القرآن والاساءة الى المقدسات الإسلامية في الغرب؟

الإساءة إلى القرآن لم تكن للمرة الاولى وقد تكرر هذا العمل لأكثر من مرة في الدول الغربية وكل المبررات التي قيلت في هذا المجال ليست حقيقة، بل ان هذا العمل ممنهج ومخطط  وهناك دواعي لإستفزاز المسلمين واستدراجهم وتمزيق الاستقرار الامني كما أنهم يريدون أن يروا ردود الافعال من الدول الإسلامية حيال هذا السلوك وبعدها يكون لهم قرارت أخرى ليظهروا بها غضب  الدول الاسلامية.
حرق المصحف يهدف الى إستدراج الأمة الاسلامية الى مستنقع الصراع
ويجب أن تكون الدول الإسلامية واعية لهذه الأفعال والتبريرات في هذ المجال وتتبع كل السبل القانونية والدستورية والسياسية للوقوف ضد هذه السلوكيات وعدم اتخاذ قرارت فوضوية بل يجب أن يتجاوز الامر الحزن والشجب والاستنكار لأن هذا الموضوع سيجرئ الغرب واللوبي الصهيوني على جعل منه فتناً وحرباً بين الدول الاسلامية والغربية والمفروض اتخاذ قرارت من الجديد بالتفكير قبل المساس بالمقدسات الإسلامية، فالقرآن هو دستور المسلمين والمسألة الثانية يجب أن تكون المواقف متناسبة مع العمل والوقوف إلى جانب مطالبات المرجع السيستاني فلهذا يجب إجبار الدولة المسيئة إلى تقديم اعتذار عالمي والضغط على اصدار قانون يجرّم هذا العمل المسيء والامر الاخر أيضاً أن يكون هناك موقف واحد للدول الإسلامية ووحدة الرأي والقرار للأمة الاسلامية لكي يشعر الآخرون أن هناك التماسك بالصف الاسلامي كما أنه يجب أن تكون سلوكياتنا بمستوى واقع ثقاقتنا الإسلامية ونابع من القرآن الكريم وهذه الامور اذا تحققت فسنحقق عدم المساس بالإسلام والمسلمين والا اذا لم يكن لدينا موقف رادع مسؤول عاقل فسنتعرض لاكثر من ذلك.

كيف تحللون مبادرة المرجع السيستاني في إرسال رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو غوتيريش" بشأن الاعتداء على نسخة من القرآن بترخيص من الشرطة السويدية؟

يجب أن تكون  ردود الأفعال متناسبة مع ثقافة الدين الإسلامي الذي علّمتنا أدب الحوار بحكمة عالية ونحن شاهدنا بأم أعيننا مواقف عن المرجعية الدينية العليا السيد السيستاني وكيف تم معالجتها في حين أن المرجع السيستاني هو  درع حصين للأمة الاسلامية.

ولقد تعامل المرجع السيستاني مع هذه المسألة بحكمة رشيدة حيث وجّه خطابه الى الإمم المتحدة ولم يخاطب الدولة السويدية بل قطّع العلاقات معها، والمسألة الثانية في موضوع الرسالة أنه لم يكن فيها محاسبة لمن ارتكب الإساءة بل اقرار بإصدار قوانين تحرم هذا السلوك لذلك سماحة المرجع كان يمارس وسيلة الضغط لإقرار قوانين تحرم هذا السلوك وتجريمه وعدم قبوله وهذا هو الهدف السامي، وكانت مطالبات المرجع هي اعادة النظر في القوانين وتحريم هذا السلوك لان الإنسانية تجمعها الروح والمحبة بين المسلمين وغير المسلمين والإسلام اكثر الأديان التي تحثّ على الإنسانية والمحبة وسنّ قانون يحمي الأديان.

ولو قرأنا ردود الأفعال لصدى رسالة الإمام السيستاني (حفظه الله) نرى أن الردود كانت إيجابية، والأمين العام للأمم المتحدة قال نحن بصدد كتابة رسالة للجواب على رسالة السيد السيستاني كما أن البابا فرنسيس قدّم أسفه عن حرق المصحف الشریف وقال إن المسيحية لا ترضى بهذا العمل وتنبذه.

ما هو  دور  الأكاديميين المسلمين في مواجهة هذا التصعيد العدواني الخطير الذي يواجه القرآن الكريم؟

أعتقد أن اليوم نحن بحاجة إلى هذه الطبقة من المثقفين والأكاديميين في العالم الإسلامي، هؤلاء الذين يدعون  إلى تهدئة الأمور وصناعة الوعي والبحث في القوانين التي تمنع التعدي على مقدسات الآخرين.

المسألة الثانية يجب أن تكون لديهم قراءة قانونية لهذه الاحداث وتحليلها وبيان انتماءها وفلسفتها وفصلها عن حرية التعبير عبر دراسة واعية وعدم المساس بالآخرين ومقدساتهم ويجب أن يكون هناك وعي وتثقيف وكتابة عن ذلك وتحليل حقيقي لما يحصل.
حرق المصحف يهدف الى إستدراج الأمة الاسلامية الى مستنقع الصراع
وأيضاً على الأكاديميين متابعة مطالبات المرجعية الدينية العليا بالدراسة والتعاطي مع هذه الاحداث بوعي ومراجعة القوانين التي تسمح لهولاء الشواذ والمتشددين بممارسة هذه الأعمال المشينة كما يتوجب أيضاً على طبقة الأكاديميين والمثقفين تحديد المسارات السياسية والدبلوماسية المطلوبة للتعاطي مع هذه الظاهرة مثل مقاطعة الدول المسيئة ومقاطعة المنتجات السويدية وغيرها وانا اعتقد ان هذه الخطوات يجب أن توضع في ميزان التحليل ليخدم القضية ويجب أن لاتكون  ردود الافعال عفوية غير منضبطة بل يجب أن تكون الردود مدروسة وهنا يأتي دور المثقف في ذلك.

کما أنه يجب أن يكون لدى الآكاديميين والمثقفين التحليل الحقيقي للدواعي والأسباب التي تصدر عنها هذه الافعال وكيف نستطيع أن نواجه هذه الأفعال ونخلق البنية الفكرية تواجه هذه الأحداث المنحرفة.

كما تعلمون أن منظمة التعاون الإسلامي طالبت بأخذ التدابير الجماعية ضد تكرار حرق المصحف؟ برأيكم  ما هو القصد من التدابير الجماعية؟

وأعتقد أن التدابير الجماعية هي الوحدة في الصف، وإطلاق الكلمة الواحدة، وعدم تشتت الرأي، واتخاذ موقف واحد، وعدم الإنجرار وراء هذه الفتنة الكبيرة التي تعصف بالمسلمين الموجودين في الدول الأوروبية،  لذلك يجب أن تكون التدابير الجماعية واعية ومدروسة وممنهجة وحاضرة في المكان والزمان المناسب وهذا يتطلب أن يكون هنالك تأني وقراءة وتحليل واستشارة وعدم الخروج عن دائرة أهل القرار وأصحاب الرأي وأن لاتكون هناك آراء مبعثرة بل يجب أن تكون هناك وحدة الرأي والكلمة في الصف الاسلامي.

ينذر بعض العلماء في العالم الاسلامي بأن حرق المصحف الشريف يؤدي الى الحرب الدينية، ما هو رأيكم؟

أنا أعتقد أن ظاهرة حرق المصحف لاتؤدي الى الحرب الدينية لأنه قال الله سبحانه تعالى "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ".

القرآن كريم عند الله والاسلام عزيز عند الله والاسلام باقٍ والمسلمون باقون رغم تشویه هذه الحقيقة من قبل البعض.

إن أعداء الاسلام كلما وجدوا أن اشعاع الاسلام بدأ يعمّ على أرجاء المعمورة تشتدّ مخاوفهم وشدة الخوف تولد الانهيار في السلوك وممارسة بعض السلوكيات التي تخرج عن دائرة العقل وهذا يدل على ضعفهم امام مواجهة الدين الاسلامي ومدّه  كما جاء في الآية الثامنة من سورة الصف المباركة "يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ".

وسیبقى نور الله على أرجاء المعمورة ويبقى الدين الاسلامي ديناً عالمياً محترماً عزيزاً  كريماً كما أننا بحاجة الى الحزم في القرارات وعدم الانجرار وراء الفتنة تأكل الاخضر واليابس وعلينا أن نبقى على حدود تعاليمنا وأخلاقياتنا وتنبع كل سلوكياتنا من وحي القرآن وتعاليم الدين الاسلامي الحنيف.

أخبار ذات صلة
captcha