ایکنا

IQNA

غزة فلسطين تختبر دين العرب والمسلمين

9:04 - December 05, 2023
رمز الخبر: 3493696
بيروت ـ إكنا: إن غزة فلسطين اليوم تمتحن الدين والإيمان في قلوب العرب والمسلمين، وتظهر مدى ما آلت إليه هجرة الدين ليكون مجرد طقوس وعادات وتهريجات، وقد عبّر عنها القرآن الكريم بالمكاء والتصدية.

لقد علّمنا الإسلام والقرآن أن نكون إخوة في الدين، وأن تكون أمة المسلمين خير أمة أخرجت للناس، أمة تستوي على الوسطية، وتشهد على نفسها بالوحدة والحرية والشهادة، وقد سئلت هذه الأمة ذات يوم عن معنى إيمانها، فقال تعالى: "أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ...."


فهذه آية تستوقف كل باحث في علوم الدين والدنيا، وتطرح سؤالاً ملحاً حول ما اشتهر عن المسلمين في بناء المساجد، وحرصهم على تأدية الصلاة في أوقاتها! وهنا يأتي السؤال الذي تطرحه غزة فلسطين عن تكبيرات المسلمين وأعمال برّهم، فتسأل هل من صلاتكم وصومكم وحجّكم وزكاتكم أن يقتل إخوة غزة وأن يموت أهلها جوعًا وعطشًا؟

فما قيمة أعمال البر وعمارة المساجد والتزاحم على منابرها وأبوابها إذا كانت غزة فلسطين تنتظر من شعوب الغرب والشرق التظاهر دعماً لها وتأييداً لحقها المشروع في الدفاع عن نفسها وأرضها وأكثرية شعوب العرب والمسلمين تنام على اللدم وتورث السدم!؟

غزة فلسطين اليوم تمتحن الدين والإيمان في قلوب العرب والمسلمين
 
فأي دين هذا وأي إيمان بالله وحق الإنسان يجعل من أكثرية العرب والمسلمين تصمت أمام الإجرام الصهيوني؟ إن غزة فلسطين اليوم تمتحن الدين والإيمان في قلوب العرب والمسلمين، وتظهر مدى ما آلت إليه هجرة الدين ليكون مجرد طقوس وعادات وتهريجات، وقد عبر عنها القرآن الكريم بالمكاء والتصدية.

كما قال تعالى:"وما كانت صلاتهم عند البيت إلا مكاءً وتصدية…"، فيا لها من أعجوبة أن تمتلىء مكتبات العرب والمسلمين بفتاوى المسلمين ومصنفاتهم عن الفقه والجهاد، وتترك غزة لدينها وجهادها في سبيل الله!؟ نعم إنها أعجوبة أن تفتح أبواب الحوزات والجامعات ومراكز البحوث الإسلامية والقرآنية ليتعلم الناس معنى البحث والكرامة والحرية، ثم لا يكون للناس شيء من ذلك!؟
 
لقد كشفت غزة فلسطين بدمائها وجهادها عن حيوية دينها، واستواء أمرها في القول والعمل، فلم تهجر دينها لتكون أسيرة جاهلية جديدة يصطنعها كثير من العرب والمسلمين تحت عناوين الدين والسياسة لخدمة الصهيوني والمستعمر الغربي.

وهنا نسأل متى كان الإسلام والقرآن يدعوان إلى الذلة والمسكنة؟ فهل عرفتم حقيقة تلك الأمم التي ضرب عليها الصغار في دينها ودنياها؟ أليس من حق غزة فلسطين أن تسأل عن معنى أن تنفق الأموال ويسقط القتلى لتغيير نظام هنا أو هناك دون أن يكون لغزة شيء من ذلك؟

أسئلة كثيرة توجهها غزة فلسطين لأهل العروبة والإسلام ولسائر الملل والنحل، تسأل عن ضجيج الربيع العربي وثورات الميادين؟ تسأل عن أموال العرب والمسلمين؟ تسأل عن حقيقة الانتماء وصدقية الأقوال والأفعال، تسأل عن كذب ونفاق من يصافح العدو ثم ينبري للدفاع عن غزة باسم الإسلام؟

إن أهم ما كشفت عنه غزة فلسطين هو أنها قدّمت بياناً واضحاً حول الصديق والعدو، وأفصحت عن مكنون دين، وسرّ صلاة سبحها بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى! ذلك هو ما تكتبه دماء وأطفال فلسطين أن الدين هو الحياة، وهو حق الإيمان، فلايستوي أن يكون دين العرب والمسلمين نوراً وجهاداً في سبيل الله، وأهل فلسطين يظلمون من أهل دينهم، ويحاصرون من أهل ملتهم! ما هكذا تكبر المآذن، وتصان إخوة الدين! فلتصمت مآذن الصمت العربي والإسلامي، ولتدمع العين أسفًا ولوعة وحزنًا على دين بلاد أعزها الله به نورًا وحقًا وفتحًا مبينًا، فآل أمره إلى أن يكون قهرًا وحرمانًا للولدين والمستضعفين في غزة الإسلام وفلسطين.والسلام.
 
بقلم الأكاديمي اللبناني والباحث في الدراسات القرآنية "د . فرح موسى"
 
تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:
captcha