ایکنا

IQNA

محامي وأكاديمي لبناني لـ"إکنا":

حرية التعبير ينبغي أن تحترم حقوق الآخرين ولايجوز الإعتداء على المقدسات

10:03 - December 10, 2023
رمز الخبر: 3493761
بيروت ـ إكنا: أكد محامي وأكاديمي لبناني أن حرية التعبير ينبغي أن تحترم حقوق الآخرين ولايجوز الاعتداء على المقدسات الدينية، مصرحاً أن حرق المصحف الشريف الذي شهدناه في الآوانة الأخيرة في بعض الدول الغربية يشكّل إنتهاكاً صريحاً للإعلان العالمي لحقوق الانسان.

يحتفل المجتمع الدولي باليوم العالمي لحقوق الإنسان في 10 كانون الاول/ديسمبر من كل عام. ويحيي ذكرى اليوم الذي اعتمدت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948.
 
ويحدد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان مجموعة واسعة من الحقوق والحريات الأساسية التي نتمتع بها جميعنا. كما يضمن حقوق كل فرد في كل مكان، دونما تمييز على أساس الجنسية أو مكان الإقامة أو الجنس أو الأصل الوطني أو العرقي أو الدين أو اللغة أو أي وضع آخر.


وبمناسبة إحياء هذا اليوم العالمي، أجرت مراسلة وكالة "إكنا" للأنباء القرآنية الدولية في لبنان الإعلامية "ريما فارس" حواراً مع المحامي اللبناني بالاستئناف والحائز على الدكتوراه في القانون والأستاذ المحاضر في العديد من كليات الحقوق في لبنان، " الدكتور محمد طلال شامي".

فيما يلي النص الكامل للحوار:


يحتفل المجتمع الدولي باليوم العالمی لحقوق الإنسان في 10 ديسمبر من كل عام في حين أن هناك تمييزاً ممنهجاً ضد المسلمين في المجتمعات الغربية،كيف تحللون ذلك؟

يعيش حوالي عشرين مليون مسلم في دول الاتحاد الأوروبي وحوالي عشرة ملايين مسلم في أميركا وهم يتعرضون منذ انتهاء الحرب الباردة الى حملات عنصرية شرسة جعلت منهم رمزاً للارهاب والتخلف في الغرب وأصبحوا أهدافاً للكراهية والتمييز العنصري بسبب إنتماءهم الديني وأسمائهم الإسلامية وأصبح يُنظر للرموز الاسلامية كالحجاب واللحية على أنها رمز للارهاب والتطرف وكمصدر للتهديد من قبل أكثرية سكان الدول الغربية ما يشكل عائقاً كبيراً أمام الحياة العادية للانسان المسلم في الغرب بحيث يشعر أنه شخص غير مرغوب فيه وشبه منعزل عن المجتمع الذي يعيش فيه.

واشتدت ملاحقة المسلمين بسبب انتماءهم الديني في الغرب بصورة مخيفة بعد أحداث الحادي عشر من أيلول في أميركا.

وهذه السياسة العنصرية تجاه الاسلام والمسلمين تخالف جميع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الانسان، فالمادة السابعة للاعلان العالمي لحقوق الانسان نصّت على أن "الناس جميعاً سواء أمام القانون وهم يتساوون في حق التمتع بحماية القانون دون تمييز"، والمادة 20 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية نصّت صراحة على أنه: "تحظر بالقانون أية دعوة الى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكّل تحريضاً على التمييز أو العداوة أو العنف"، وقرار مجلس الامن رقم 1624 لعام 2005 طالب جميع الدول أن تحظر بنص القانون التحريض على ارتكاب أعمال إرهابية بدافع التطرف والتعصب الديني.

نحن نرى أن الحملات العنصرية ضد الاسلام والمسلمين والاتهامات المتعلقة بالارهاب ضدهم ليست غاية بل وسيلة تمهّد لحملات استعمارية ضد الدول الاسلامية وخاصة الغنية بالنفط منها والبحث في تاريخ العنصرية يظهر لنا أن أية حملة استعمارية في التاريخ سبقتها حملة عنصرية ضد الشعوب والبلدان المستهدفة وهذا ما حصل ضد شعوب أسيا وأفريقيا منذ القرن السادس عشر والى الحرب العالمية الثانية فالحملات العنصرية كانت تستند الى إدعاءات حول همجية وتأخر هذه الشعوب لتبرير استعمارها.

فباسم الديمقراطية وحقوق الانسان دخلت أميركا العراق لتنهب ثروته النفطية والأمر ذاته في أفغانستان وسوريا، فالغرب يصف الاسلام والمسلمين بالتطرف والارهاب وهو الذي يصنع الارهاب والجماعات والارهابية ويقدم كافة أشكال الدعم لها ليحقق عبرها غايته التدميرية للدول المستهدفة.

برأيكم أليس حرق القرآن والاساءة الى هذا الكتاب المقدس إنتهاكاً لحقوق المسلمين،  ما هو توضيحكم بهذا الصدد؟

إن حرية التعبير ينبغي أن تحترم حقوق الآخرين ولايجوز الاعتداء على المقدسات الدينية كحرق المصحف الشريف الذي يشكل انتهاكاً صريحاً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي نصّ في مادته التاسعة والعشرین على أن "كل فرد عليه أن يخضع في ممارسة حقوقه وحرياته للقيود التي يقررها القانون والذي يهدف إلى ضمان الإعتراف بحقوق وحريات الاخرين واحترامها"، وهذا الاعتداء يسهم بشكل مباشر في نشر التطرف والارهاب ويُعدّ مبرراً للجماعات المتشددة في استخدام العنف رداً على انتهاك مقدساتهم.

ورغم تبني مجلس حقوق الإنسان التابع للإمم المتحدة قراراً يدين أعمال الكراهية الدينية مثل حرق القرآن الا إن السلطات في الغرب لا تزال تتساهل مع هذه الانتهاكات دون أن تعاقب عليها كجرائم من شأنها أن تؤدي إلى صراعات دينية.

وهناك دائماً ازدواجية غربية بالتعاطي مع حرية التعبير فالتعرض للمثليين أو حرق علمهم يشكل بنظر الغرب انتهاكاً لكرامة فئة إجتماعية من الواجب حمايتها قانوناً وحرق المصحف الشريف لا يشكل بنظرهم أي انتهاك أو خرق للقوانين والمواثيق الدولية!

كما تعلمون أن الكيان الصهيوني ينفذ حالياً هجمات وحشية شرسة ضد الشعب الفلسطيني المظلوم في قطاه غزة، لماذا لا تبالي المؤسسات الدولية بانتهاك حقوق الإنسان للفلسطينيين؟

أثبتت مجريات العمليات العسكرية التي يقوم بها العدو الاسرائيلي في قطاع غزة مدى تجاهله لاحكام القانون الدولي وارتكابه لكافة الجرائم التي تستوجب الملاحقة الجنائية أمام القضاء الجنائي الدولي، وهذه الجرائم هي من الاشد خطورة ضد الإنسانية وحقوق الإنسان، ورغم وصف منظمة "هيومن رايتس وتش" ومنظمة العفو الدولية أن ما تقوم به اسرائيل يشكل جرائم حرب لكنها ما زالت مستمرة في طغيانها لان الحكومات الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة لا تزال ترفض الدعوة الى وقف اطلاق النار وتؤمن الغطاء لاسرائيل بتحقيق إبادة جماعية لاهل غزة وهذا ما يشكل تقويضاً للمبادئ الاساسية القانونية التي يقوم عليها النظام الدولي الحالي، والمنظمات الحقوقية الداعمة لغزة تواجه حملات شيطنة وتشويه سمعة.

الحرب الحالية على غزة يتعاظم فيها الشعور، وتتراجع الحماية القانونية للحريات وحقوق الانسان وهذا الأمر دفع عدداً من موظفي وكالات الإعلامية الدولية للإستقالة كما حصل في قناة BBC البريطانية، و"نيويورك تايمز" الأميركية، ففشلت المؤسسات والكيانات الحكومية وغير الحكومية الالتزام بمعايير متساوية في احترام الحريات وحقوق الانسان، فالاعلام الغربي الذي يخضع للهيمنة الصهيونية يصور اسرائيل على أنها الضحية والمعتدى عليها ويبرر لها عدوانها المتمادي، ما يظهر بشكل واضح أن نصوص حقوق الانسان هي مجرد حبر على ورق.

يؤكد بعض الخبراء أنه يجب إعادة النظر بقوانين حقوق الإنسان وصياغتها بنظرة عالمية، وأخذ وجهات نظر وتصورات الثقافات والشعوب بما فيها الأمة الاسلامية لهذه الحقوق، ما هو رأيكم؟

ثمة مفارقة كبيرة في ما يتعلق بحقوق الانسان هي أنه لا أحد يجرؤ على المجاهرة برفض فكرتها لكن الجميع يعتدي أو هو مستعد للاعتداء عليها.

وتعدد الثقافات دليل واضح على أنه ليست هناك ثقافة كاملة انما هناك ثقافات تتكامل فيما بينها وكل ثقافة تزيد كمالاً بقدر ما يزيد وعيها بنواقصها عبر الحوار والتبادل مع غيرها.

نحن نرى أن العديد من المواثيق الدولية كرست الحقوق الاساسية للانسان ودعت الى نبذ التطرف والعنصرية كما سبق وذكرنا وخاصة على صعيد الامم المتحدة ومجلس حقوق الانسان الا أن المشكلة الاساسية تكمن في النصوص القانونية الخاصة في كل دولة غربية حيث الحاجة ضرورية لقانونين خاصة تجرم التمييز العنصري على أساس الدين وتعاقب انتهاك المقدسات الدينية وتفرض احترام الاختلاف الثقافي بين الشعوب، ففي مختلف أنحاء أوروبا تحظر قوانين مختلفة على المسلمات ارتداء رموز وملابس دينية في مكان العمل والاماكن العامة وهذه القوانين بحاجة ماسة لتعديل ما يستوجب ممارسة ضغط من الحكومات الاسلامية للوصول لهذا الهدف.

تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:

twitter

captcha