ایکنا

IQNA

جواهر علوية....

عاتِبْ أَخاكَ بِالإِحْسانِ إِلَيْهِ، وَارْدُدْ شَرَّهُ بِالإِنْعامِ عَلَيْهِ

14:59 - February 19, 2024
رمز الخبر: 3494637
بيروت ـ إکنا: يوصي الإمام أمير المؤمنين (ع) بأن يكون المُعاتِب رفيقاً في عِتابه، فلا يتفَوَّه بكلام جارِحٍ مُهين، ولا يسخَر من الطرف الآخر، ولا يكُثر من عِتابه، بل يُسجِّل موقفه ويكتفي بذلك.
 عاتِبْ أَخاكَ بِالإِحْسانِ إِلَيْهِ، وَارْدُدْ شَرَّهُ بِالإِنْعامِ عَلَيْهِورُوِيَ عن الإمام علِيّ (ع) أنه قال: "عاتِبْ أَخاكَ بِالإِحْسانِ إِلَيْهِ، وَارْدُدْ شَرَّهُ بِالإِنْعامِ عَلَيْهِ".
 
سُمُوٌّ أخلاقي، ورُقِيَّ في التعامل الإنساني، وسلوك هادف، لا يهتم بإفراغ الصَّدر مِمّا فيه من حنق وغضب ومؤاخذة على الغير، بل يهتم بإصلاحه وتغييره نحو الأفضل، كي يعيد توطيد العلاقة معه بعد أن كادت أن تتقطع حبالها، ويطمئن إليه بعد أن نزغَ الشيطان بينه وبينه، سلوك يهتم باسترجاع ذي الرَّحِم بعد أن أخذته هفوته بعيداً، أو ذهب به الغضب إلى حد النفور، فكان منه ما كان من مواقف استدعت أن يعتب عليه قريبه أو صديقه أو شريكه، بل سلوك يذهب أبعد من ذلك لا يكتفي بإصلاح القريب الخاطئ، والصديق المُقَصِّر، يذهب إلى جعل العدو اللدود صديقاً، والعدو الحاقد مُحِباً. 

بهذا السلوك يوصي الإمام أمير المؤمنين (ع) مع من نعاتبه، والعتب وإن كان فيه تأنيبٌ، ولوم. ولكنه غالباً ما يكون من مُحِب لمحبوب، مُحِبٍ كان يرجو الخير من محبوبه فإذا بمحبوبه يُقَصِّر معه، أو يخالف إرادته، أو يصدر منه فعل لا ينبغي أن يصدر منه، كأن يُسيء إليه، أو يُهملَه، أو يكشف سِرَّه، أو غير ذلك من الأفعال التي تترك ألَماً في نفسه، وتصدمه، وتُخَيِّبَ ما كان يُؤَمِّله منه، فيندفع تحت وطأة صدمته وشعوره بالخِذلان وخيبة الأمل إلى الانتصار لنفسه باللوم للطرف الآخر وتذكيره بمحبته ومودته، وإخلاصه، وإرادته الخير له، وتفانيه من أجله، فيعاتبه ويبين له خطأه، وما كان منه من سلوك أو تعامل سلبي، أو إهمال، أو تضييع، أو سوى ذلك مما يعتب به عليه، وغالباً ما يكون الهدف من العِتاب تسجيل موقف مِمّا بَدَرَ منه، ومحاولة لإصلاح ما أفسده، ووصل ما انقطع بينهما إن كان قد حدث ذلك. 
 
لكن العِتاب واللوم قد يثير في الطرف المُعَاتَبِ المَلومِ دفائن نفسه، فإن كانت كريمة شَعَر بالتقصير وأقَرَّ بالخطأ وأصلح ذات بينه وبين المُعاتِب اللّائم، وإن كانت خبيثة لئيمة فقد تَعظُم ضغينته، ويزداد حِقده، فيزداد في الغِيِّ، ويتمادى في الشَّرّ، ويَردُّ الصَّاع صاعَين.
 
وللحيلولة دون ذلك، ودَرئاً لمزيد من الخِلاف، وتضييقاً لشُقَّته، يوصي الإمام أمير المؤمنين (ع) بأن يكون المُعاتِب رفيقاً في عِتابه، فلا يتفَوَّه بكلام جارِحٍ مُهين، ولا يسخَر من الطرف الآخر، ولا يكُثر من عِتابه، بل يُسجِّل موقفه ويكتفي بذلك.

وقد رُوِيَ عن الإمام (ع) أنه قال: "لا تُكْثِرْ مِنَ العِتَابِ فَإِنَّهُ يُورِثُ الضغينة، ويدعو إلى البغضاء"، بل يترَقَّى الإمام (ع) فيوصي أن يستبدل المُعاتِبُ عتابه بالإحسان إلى المُعاتَب، ورَدِّ شَرِّه بالإنعام عليه، وهذه فضيلة أخلاقية راقية، فلئن كان العِتاب يريح نفس المُعاتِب، أو يُنتظَر منه أن يشعر المُعاتَب بفداحة الخطأ الذي صدر منه تُجاهه فيبادر إلى الاعتذار منه وطلب الصفح عنه، فإن الإحسان إليه أبلغ في وَعظِه وهو مدعاة لإصلاحه، وهذا هو الأفضل على كل حال.
   
بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي
 
تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:
captcha