ایکنا

IQNA

 جواهر عَلَويَّة...

القناعة هي أن ترضى بما أعطاك الله

19:30 - February 18, 2024
رمز الخبر: 3494654
بيروت ـ إکنا: القناعة هي أن تكتفي بما في يدك وترضى بما أعطاك الله، وتترك التشوُّف إلى المفقود، وتستغني بالموجود عن غير الموجود، ولا تشغل بالك بما زاد عما يكفيك.


و رُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "عِزُّ الْقُنُوعِ خَيْرٌ مِنْ ذُلِّ الْخُضُوعِ".

والقناعة هي أن تكتفي بما في يدك وترضى بما أعطاك الله، وتترك التشوُّف إلى المفقود، وتستغني بالموجود عن غير الموجود، ولا تشغل بالك بما زاد عما يكفيك، فإن جاءك المزيد شكرت الله تعالى، وإن لم يجِئك مزيد رَضِيتَ بما قَسَم الله لك، ولم تَتَطَلَّع إلى ما في أيدي الناس.


وهي فضيلة عظيمة، وصِفة كريمة تُعرِبُ عن غِنى النفس وعِزَّتها، وتبعث على العديد من الفضائل الأخلاقية كالزُّهد، والعِفَّة، والنَّزاهة، ولها آثار جليلة على مجمل حياة الإنسان أقلها العِزَّة والاحترام والطمأنينة.

وقد مدحت النصوص الدينية الشريفة القناعة، وأشادت بالقانعين، واعتبرت القناعة ثمرة لوفور العقل، والعِزَّة، وعُلُوِّ الهِمَّة، وذكرت أنها أفضل الحظوظ، وأنها غِنىً، ومالٌ لا ينفد، وأن القانع غِنِيٌ، بل من أغنى الناس، لأن الغنى الحقّ هو غِنى النفس، والفقر الحقّ هو فقر النفس، فقد لا يملك المرء إلا القليل من المال ولكنه لا يشتهي المزيد، ولا يتطلَّع إلى ما في أيدي الناس، وقد يكون ثرياً ولكنه يشتهي المزيد، ويلهث وراءه، ويتطلع إلى ما في أيدي الناس، ويرجوه لنفسه دونهم، ولا يبالي من أين يأتيه، وبأي كيفية يأتيه فقد يأتيه من طريق حرام، كأن يسرق المال، أو يغصبه، أو يبلغ موقعه بالظلم والبَطش والجَور، وقد يُذلُّ نفسه ويهين كرامته من أجله،  ولذلك جاء في الحديث عن الإمام أمير المؤمنين (ع): "طَلَبتُ الغِنى‏ فَمَا وَجَدْتُ إلّا بالقَناعَةِ، علَيكُم بالقَناعَةِ تَستَغنُوا".

والقناعة وإن كانت تعني الرِّضا بالقليل، ولكنها لا تعني ضَعف الهمَّة عن طلب معالي الأمور، ولا تعني أن يقتل الإنسان رغباته وطموحه، ولا تعني عدم السَّعي للحصول على المزيد، كيف وقد أمر الله تعالى بالسعي والطلب، وكان الأنبياء والأولياء يسألون الله تعالى أن يزيدهم من فضله ورزقه، فلا تعارض بين القناعة والطموح وعُلُوِّ الهِمَّة، لأن القناعة تعني الرِّضا بما ناله بعد جهده وسعيه، وبكلمة أخرى: يسعى ويرضى بما يناله جرَّاء سعيه، فالقناعة تهذيب للطمع، ومنع للجشع.

كما أن القناعة لا تعني التكاسل، ولا التواكل، ولا القعود عن العمل والسَّعي والكسب، وتحصيل المنافع الدنيوية، والتقدم في كل خير، فالكسل مذموم، والمتكاسل عن القيام بواجبه تجاه نفسه وتجاه الحياة مذموم، وكذلك التواكل مذموم، ويقابله التَّوَكُّل الممدوح، والفرق بين الإثنين أن المتواكل هو الذي لا يقوم بما يجب بل ينتظر من الله تعالى أن يقوم بذلك بالنيابة عنه، أما المتوكل فهو الذي يبذل الجهد الممكن، ويسعى بالقدر الذي يجب ثم يتكل على الله تعالى.

كذلك لا تعني القناعة أن يبخل المرء على نفسه أو عياله، فالبخل والشُّحُّ كلاهما مذموم، بل إن التَّوسِعة على النفس مطلوبة ومستحبَّة، ولكنها تكون بالقَدْرِ الذي يملكه، أي يُنفِق على نفسه وعِياله بقدر ما وسَّع الله عليه.

والمُحصِّلة التي نخرج بها هي: أن القناعة استغناء عما ليس في اليد، والمستغني بما في يده لا شك أنه عزيز، لأنه لو أراد المزيد رغم عدم القدرة عليه لأوقعه ذلك في جملة من الأمور الخطيرة، فإما أن يستَبِدَّ به الجشع والطمع، أو يتملَّق ويتزلَّف لمن بيده ما يرغب به، أو يخضع له ويستسلم لإرادته، ولا كرامة له إن حصل معه ذلك.

وبهذا يتضح أن القناعة عِزٌّ، وعدمها ذُلٌ، لأن عدم القناعة يعني الخضوع للآخرين لينال منهم ما يريد ولو كان ذلك على حساب كرامته، وما أكثر هذا الصنف في الناس.

بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية "السيد بلال وهبي"

تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:
captcha