ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّة..

مَنْ آمَنَ بِاللّهِ لَجَأَ إِلَيْهِ

22:00 - March 31, 2025
رمز الخبر: 3499569
بيروت ـ إکنا: إن الإيمان لا يقتصر على الإيمان بوجود الله تعالى، بل الإيمان بأنه خالق كل شيء، ومالك كل شيء، والمحيط بكل شيء، والعليم بكل شيء، والحاكم على كل شيء، وبيده أسباب كل شيء، والمدبِّر لكل شيء، والرازق كل شيء، والمنعم على كل شيء، وإليه يرجع كل شيء، وهو المُعِزُّ وهو المُذِلُّ.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "مَنْ آمَنَ بِاللّهِ لَجَأَ إِلَيْهِ".
 
معادلة تجسّد العلاقة العميقة بين الإيمان العملي بالله تعالى المرتكز على الثقة المطلقة برعايته وحمايته، واللجوء إليه في المُلِمّات والأزمات، سواء كانت مادية أم معنوية.
 
إن الإيمان بالله تعالى ليس مجرد تصديق قلبي وحسب، بل هو كما جاء عن النبي الأكرم (ص): "الإيمانُ ما وَقَرَ في القلوبِ وصَدّقَتْهُ الأعمالُ" وعنه (ص): "الإيمانُ مَعرِفةٌ بالقلبِ، وقَولٌ باللِّسانِ، وعَملٌ بالأرْكانِ"
 
والإيمان لا يقتصر على الإيمان بوجود الله تعالى، بل الإيمان بأنه خالق كل شيء، ومالك كل شيء، والمحيط بكل شيء، والعليم بكل شيء، والحاكم على كل شيء، وبيده أسباب كل شيء، والمدبِّر لكل شيء، والرازق كل شيء، والمنعم على كل شيء، وإليه يرجع كل شيء، وهو المُعِزُّ وهو المُذِلُّ، وهو على كل شيء قدير، وهو كما وصف نفسه في كتابه الكريم: قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿26﴾ تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴿آل عمران: 27﴾.

الإيمان بالله تعالى يعني التسليم الكامل لإرادته، والتطابق الكامل مع مشيئته، والرضا المطلق بقَدَرِه وقضائه، والتوَكّل الكامل عليه في كل الأمور، واللجوء إليه عند كل مُلِمَّة، أو مِحنة، أومصيبة، أو شِدّة، أو رخاء، والفزع إليه عند كل عدوان من عدو غاشم، وسلطان ظالم، والاستعاذة به من شياطين الإنس والجن.
 
إن الله تعالى يربط بين الإيمان به والتوكل عليه فيقول: "...وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴿المائدة:23﴾. 
 
ويؤكِّد أن من يتوكل عليه يكفيه ما يخشاه، ويدفع عنه ما يخافه، ومع رعاية الله له لا يحتاج إلى أحد سواه، فيقول سبحانه: "...وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴿الطلاق: 3﴾
 
ويؤكِّد أنه يجيب المُضطر، ويغيث الملهوف، قال سبحانه: "أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَٰهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴿النمل:62﴾
 
ويؤكِّد أنه يدافع عن المؤمنين به، ويدفع كيد أعدائهم عنهم، وينصرهم عليهم في اللحظة المناسبة، فيقول: "...إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا..." ﴿الحج: 38﴾. ويقول سبحانه: "إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ﴿غافر:51﴾.
 
وإذاً، فالعلاقة بين الإيمان واللجوء إلى الله تعالى علاقة سببية، الإيمان يولِّد الثقة المطلقة بالله تعالى، والثقة تدفع إلى اللجوء إليه والاستعاذة به.
 
لذلك، إذا رأيت نفسك مضطربة في الأزمات، خائفة في الملمات، جازعة عند المصائب، مرعوبة أمام الأعداء، ولم تلجأ إلى تعالى، ولم تتوكّل عليه، فذا يعني أن إيمانك نظري وليس إيماناً عملياً، هو إيمان في العقل ولم يصر جزءاً من مشاعرك وعواطفك، لم ينعقد قلبك عليه، فبادر إلى مراجعته وتعزيزه، واعمل على تعميق علاقتك الروحية بالله، وداوم على ذكره، وأكثر من الدعاء، خصوصاً الأدعية الشريفة التي كان يدعو بها رسول الله (ص) والأئمة الأطهار (ع) والتي هي بحق جامعة إسلامية عقدية وفكرية وروحية، واحرص على ترجمة إيمانك إلى فعل يومي باللجوء إلى الله في جميع أحوالك، وليكن منهجك الدائم: "إِلَهي، أَنْتَ ثِقَتي في كُلِّ كَرْبٍ، وَرَجائي في كُلِّ شِدَّةٍ". 
 
بقلم الباحث اللبناني في الدراسات الدينية السيد بلال وهبي
captcha