ایکنا

IQNA

المرجع الیعقوبي: إستيعاب السيرة الحسنة للنبي(ص) مسؤولية إجتماعية على الأمة + فيديو

13:55 - September 09, 2025
رمز الخبر: 3501558
النجف الأشرف ـ إکنا: أكد سماحة المرجع الديني آية الله العظمى الشيخ محمد اليعقوبي أن استيعاب السيرة الحسنة للنبي(ص) وتمثّلها في حياتنا ليس فقط مسؤولية فردية لتحصيل القرب من الله تبارك وتعالى ونيل الكمالات وانما هي مسؤولية إجتماعية على الأمة أن تتحرك باتجاهها في ضوء التحديات الكثيرة التي تواجهنا.

وأعلن عن ذلك، المرجع الديني الكبير سماحة آية الله العظمى الشيخ محمد اليعقوبي في الندوة الالكترونية الدولية التي نظّمتها وكالة الأنباء القرآنية الدولية(إکنا) اليوم الثلاثاء 9 سبتمبر / أيلول 2025 م تحت عنوان "15 قرناً من الإقتداء برسول النور والرحمة"، وذلك بمناسبة الذكرى الـ1500 للمولد النبوي الشريف.

وتحدث في هذه الندوة، الأستاذ في الحوزة العلمية والجامعة من إیران "الدكتور السيد حسين خادميان نوش آبادي" خلال تواجده في أستوديو "مبين" التابع لوكالة "إکنا" للأنباء القرآنية بالعاصمة الايرانية طهران، كما تحدث فيها عبر تقنية الاتصال المرئي كل من المرجع الديني الكبير سماحة آية الله العظمى الشيخ محمد اليعقوبي، وأستاذ التاريخ بجامعة "ميشيغان" الأمريكية "د. خوان كول"، وأستاذ الحوزة العلمية والجامعة ورئيس ممثلية رابطة الثقافة والعلاقات الاسلامية في قم المقدسة "د. الشيخ يحيى جهانغيري"، والعالم الأزهري البارز من مصر "د. الشيخ سلامة عبدالقوي"، ورئيس مجلس أمناء تجمع العلماء المسلمين في لبنان "الشيخ غازي حنينة".
 
ومن المواضيع التي تمت مناقشتها في هذه الندوة هي "الرسالة العالمية للنبي محمد (ص) من منظور القرآن والأحاديث"، "التساهل والتسامح واللين في السيرة النبوية"، و"الرسول الأعظم (ص)؛ قدوة حسنة لكل العصور"، و"سيرة النبي (ص) وإعادة‌ إکتشاف الهوية الدينية"، و"خلود الإسلام والأمة الواحدة في مواجهة فكرة العولمة الغربية".
 
وفيما يلي النصّ الكامل لكلمة سماحة المرجع الديني الشيخ اليعقوبي:

"بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم أيها الحفل الكريم ورحمة الله وبركاته
 
نبارك لكم حلول الذكرى العطرة لولادة الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله) والتي لها خصوصية هذه السنة لمصادفتها مرور خمسة عشر قرناً على إهداء هذه الرحمة للعالمين، وبهذه المناسبة نقتبس من نور القرآن دعوة صادقة مخلصة للتأسي بالنبي الاكرم(ص).

 قال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} {الأحزاب: 21}، الاسوة بمعنى القدوة الذي يُتبَّع في الأقوال والأفعال والصفات الشخصية، فالأسوة لك هو من لك به اقتداء.

إقرأ أيضاً:


والانسان لابد له من أسوة وقدوة ليتعلم منه ويأخذ عنه، قال أمير المؤمنين (ع): "الا وإن لكل مأموم إماماً يقتدي به ويستضيء بنور علمه"  فعليه أن يتحقق ويتثبت من كون الأسوة حسنة صالحة ليتبعها قال رسول الله (ص): "إن أئمتكم وفدكم إلى الله، فانظروا من توفدون في دينكم وصلاتكم".
   
والآية وإن كانت بصيغة الأخبار الا انها تتضمن الدعوة والالزام بالتأسي برسول الله (ص) في أقواله وأفعاله وغاياته وأهدافه وصفاته وملكاته.

وقوله تعالى في الاية (لكم) شامل لكل من خوطب بهذا القرآن الكريم فالدعوة في الآية عامة لكل الناس لانهم جميعاً مكلفون باتباع الحق والوصول الى الحقيقة قال أمير المؤمنين عليه السلام: (اقتدوا بهدي نبيكم فانه افضل الهدي واستنوا بسنته فانها اهدى السنن)  وانما خُص بالذكر من كان يرجو الله واليوم الآخر لان هؤلاء هم من يتوقع منهم الاستجابة لهذه الدعوة ولا ينتفع بها الا من وثق بالله تعالى وما عنده من الثواب الجزيل وخاف الآخرة وحرص على جلب الخير والسعادة والكمال والفوز في الآخرة لنفسه {أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (الأحزاب: 21).

ومن الطبيعي أن يختار الله تعالى لنا رسوله الكريم ليكون الأسوة الحسنة لنا لأنه أكمل الخلق وأرقى نماذج الإنسانية وقد اجتمعت فيه كل صفات الكمال، وكيف لا يكون كذلك وقد تولى الله تعالى صنعه وتربيته وتأديبه بحسب الحديث الشريف (أدبني ربي فأحسن تأديبي)، والتأسي من بعده بالائمة المعصومون (ع) من أهل بيته، قال (ص): (من سره أن يحيى حياتي، ويموت مماتي ويسكن جنة عدن التي غرسها الله فليوال عليا من بعدي، وليوال وليه، وليقتد بالأئمة من بعدي، فإنهم عترتي خلقوا من طينتي، رزقوا فهماً وعلماً) ، وعنه  قال(ص) في بيان منزلة الائمة (عليهم السلام): (هم أبواب العلم في أمتي، من تبعهم نجا من النار، ومن اقتدى بهم هدي الى صراط مستقيم، لم يهب الله عز وجل محبتهم لعبد الا ادخله الجنة).

وبذلك يكون اتخاذ رسول الله (ص) أسوة حسنة طريقاً لتطبيق الآية {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى} (النحل: 60) فقد صنعه الله تعالى ليكون وسيلة لتحقيق هذا الغرض فهو  كتاب الله الناطق، وروي عن إحدى أزواجه انها سُئلت عن أوصافه فاختصرت الجواب قائلة (كان خلقه القرآن).
  
إن التأسي يعني جعل حياة الأسوة الحسنة معياراً وميزاناً لسلوك المتأسي وصفاته ويجعلها فرقاناً في حياته يميزّ به بين ما يصح فعله وما لا يصح، ويسعى المتأسي الى أن يكون مثالاً ونسخة من الاسوة.

وصّور أمير المؤمنين(ع) اكمل صور التأسي برسول الله (ص) حيث قال(ع): "وقد كنت أتبعَهُ إتباع الفصيل أثر أمّه، يرفع لي في كل يوم من اخلاقه عَلَما، ويأمرني بالاقتداء به".

إن تقديم النبي (ص)  كأسوة حسنة يتطلب دراسة سيرته المباركة وتحليلها وعدم الاكتفاء بالسرد التاريخي والروائي، لتشخيص جوانب التأسي سواء على صعيد حياته الشخصية وملكاته وصفاته الذاتية أو على صعيد منهجه في سياسة الأمة ورعاية شؤونها.

و{كَانَ} هنا ليست كان الناقصة التي تعني ثبوت الوصف في زمان وارتفاعه في زمان آخر، بل هي كان التامة التي تفيد الثبات, لأنه من شأنه ذلك وقد سبقتها (اللام) و(قد) لتفيد التحقق والتأكيد.

قال أمير المؤمنين (ع): "فتأسَّ بنبيك الأطيب الأطهر، فإن فيه أسوة لمن تأسى وعزاء لمن تعزى. وأحب العباد إلى الله المتأسي بنبيه، والمقتص لأثره.

قضم الدنيا قضماً، ولم يعرها طرفا. أهضم أهل الدنيا كشحا، وأخمصهم من الدنيا بطنا، عرضت عليه الدنيا فأبى أن يقبلها، وعلم أن الله تعالى أبغض شيئا فأبغضه، وحقر شيئا فحقره، وصغر شيئا فصغره.

ولو لم يكن فينا إلا حبنا ما أبغض الله ورسوله، وتعظيمنا ما صغر الله ورسوله لكفى به شقاقا لله تعالى ومحادة عن أمر الله تعالى.

وروى في مجمع البيان إن ثعلبة بن حاطب وكان رجلاً من الأنصار قال للنبي(ص): "ادع الله أن يرزقني مالاً، فقال: يا ثعلبة قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه، اما لك في رسول الله أسوة حسنة، والذي نفسي بيده لو أردتُ أن تسير الجبال معي ذهباً وفضة لسارت"، فلم يتأسَّ بنبيه  وآل أمره إلى الخسران. 

والتأسي لا يقتضي ان يبلغ المتأسي درجة المتأسى به اذ لا شك في عدم قدرة أحد على الوصول الى منزلة رسول الله(صلى الله عليه وآله) أو أمير المؤمنين(عليه السلام) والائمة من بنيه(عليهم السلام) لكننا مطالبون ببذل الوسع في تحقيق الحالة قال أمير المؤمنين (ع): "الا وإنكم لا تقدرون على ذلك ولكن اعينوني بورع واجتهاد وعفة وسداد", وكلما اتسعت حالة التأسي ارتقت منزلة المتأسي، قال تعالى: {فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي} (إبراهيم: 36), وقال تعالى: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ } (آل عمران: 68).

إن التأسي به لا يقتصر على اتباعه في حياته الشخصية فنستفيد منها في حياتنا كأفراد، بل التأسي أوسع من ذلك فعلى المصلحين والقادة والزعماء والمسؤولين أن يتاسوا به كأعظم قائد ومصلح عرفته البشرية واستطاع تأسيس خير أمة أخرجت للناس، وهكذا على الآباء أن يتأسوا به كأب والأزواج كزوج والأصدقاء كصديق، والمربيّن كمربي والسائرين الى الكمال كأفضل خلق الله تعالى، فهو  طبيب آسي حقاً كما وصفه أمير المؤمنين (ع) "طَبِيبٌ دَوَّارٌ بِطِبِّه قَدْ أَحْكَمَ مَرَاهِمَه - وأَحْمَى مَوَاسِمَه يَضَعُ ذَلِكَ حَيْثُ الْحَاجَةُ إِلَيْه - مِنْ قُلُوبٍ عُمْيٍ وآذَانٍ صُمٍّ - وأَلْسِنَةٍ بُكْمٍ - مُتَتَبِّعٌ بِدَوَائِه مَوَاضِعَ الْغَفْلَةِ - ومَوَاطِنَ الْحَيْرَةِ".

لقد ورد لفظ الأسوة الحسنة في القرآن الكريم في موضع آخر، قال تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا} (الممتحنة: 4), وقال تعالى بعدها: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} (الممتحنة: 6), لكنها دعوة للتأسي بموقف محدد ذكرته الآية، اما الأسوة المحمدية فهي مطلقة في كل شيء، ولذا استدل بعضهم بالآية على عصمة النبي (ص) لأن الله تعالى لا يدعو الى التأسي والاقتداء بأحد في كل شيء الا اذا كان معصوماً من الخطأ والزلل، وتدل بالتبع على عصمة أئمة اهل البيت (ع) لأن النبي (ص) أمر باتباعهم والاقتداء بهم.

ان وجود الأسوة الحسنة على الأرض من أعظم وسائل الاقناع برسالة الإسلام، وان كثيراً من الناس دخلوا الإسلام من دون أن يقرأوا أو يسمعوا عنه شيئاً لكنهم رأوا سيرة الأسوة الحسنة وهو النبي (ص) والأئمة المعصومين (ع) من أهل بيته فاقتنعوا بأحقية ما يدعون إليه. 

وان تأثير رسول الله (ص) في أصحابه مما شهد به اعداؤه حتى تملكهم الرعب وملأهم يأساً واحباطاً، ولنأخذ شاهداً على ذلك قول زعيم ثقيف عروة بن مسعود الثقفي لما أرسلته قريش ليستطلع خبر رسول الله (ص) عندما نزل الحديبية هل يريد زيارة البيت الحرام أم قتالهم، روى ابن هشام قال: "فقام من عند رسول الله (ص) وقد رأى ما يصنع به أصحابه، لا يتوضأ الا ابتدروا وضوءه، ولا يبصق الا ابتدروه، ولا يسقط من شعره شيء  الا أخذوه، فرجع الى قريش فقال: يا معشر قريش: اني قد جئت كسرى في ملكه وقيصر في ملكه والنجاشي في ملكه، واني والله ما رأيت ملكاً في قوم قط مثل محمد في أصحابه، ولقد رأيت قوماً لا يسلمونه لشيء أبداً، فروا رأيكم".

وهذا يبرز أهمية وجود الأسوة الحسنة في حياة الأمة، لعدم إمكان التفكيك بين الرسالة وحاملها وقد عبرّ أمير المؤمنين (ع) عن هذه الملازمة بقوله (ع): "اني والله ما أحثكم على طاعة الا وأسبقكم إليها ولا أنهاكم عن معصية الا واتناهى قبلكم عنها" فعلى من يتصدى لشأن من شوؤن الناس يجعله في مقام الاسوة والقدوة ان يؤهل نفسه أولاً لهذا المقام، روي عن امير المؤمنين (ع) قال: "من نصب نفسه للناس إماماً فعليه أن يبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره، وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه".
المرجع الیعقوبي: إستيعاب السيرة الحسنة للنبي(ص) مسؤولية إجتماعية على الأمة + فيديو
ولذا قالوا: ان الواعظ إذا لم يكن متعظاً فلا يؤثر في القلوب ولا يهذب النفوس، ومن وصايا الإمام الحسن العسكري (ع) لشيعته: "اتقوا الله وكونوا زيناً ولا تكونوا شيناً، جرّوا إلينا كل مودة وادفعوا عنا كل قبيح", ولا يجرّون المودّة إلى أئمتهم (ع) الا عندما يعكسون صورة الأسوة الحسنة في حياتهم وقد بيّن الإمام (ع) ذلك في نفس الوصية فقال (ع): "فان الرجل منكم اذا ورع في دينه وصدق في حديثه وأدى الأمانة وحسن خلقه مع الناس قيل: هذا شيعي فيسرّني ذلك".

وفي ضوء هذه الملازمة ـ بين الرسالة وحاملها وبين الفكرة ومطلقها وبين الأيديولوجية ومؤسسها ـ نفهم خطورة وجود القدوة السيئة والمنحرفة، قال امير المؤمنين (ع): "ولا يجنح بكم البغي فتضلوا عن سبيل الله باتباع أولئك الذين ضلوا وأضلوا", قال الله تعالى: {وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا، رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا} (الأحزاب: 67-68).

خصوصاً القدوات السيئة التي تحمل عنوان الاسلام وتدّعي العمل به كالمجاميع الإرهابية واجندات التعصب والتكفير والعنصرية فان خطرها عظيم على الإسلام وينفر الناس من الشريعة الإلهية السمحاء، وقد اتخذ أعداء الإسلام هذا الاسلوب لمحاربة الاسلام ومحاصرته من خلال صناعة مثل هذه النسخ الضالة المنحرفة، وخلق ما يعرف بالإسلام فوبيا أي الخوف من الإسلام، قال أمير المؤمنين (ع) في كتابه الى معاوية (لبئس الخلف خلف يتبع سلفاً هوى في نار جهنم).

ان الأسوة الحسنة قد لا يحتاج إلى الكلام مع الناس ليصلحهم ويهديهم وإنما يؤثر فيهم بسلوكه وأخلاقه وقد حثّ الأئمة (ع) على ذلك بقولهم: "كونوا لنا دعاة صامتين" و"كونوا لنا دعاة بأفعالكم لا بأقوالكم" وهكذا أثر أهل البيت (ع) في الأمة بحيث تكفي دقائق من اللقاء بهم أو الاطلاع على سيرتهم والاستماع إلى حديثهم لانقلاب العدو الحاقد إلى صديق حميم وهو يقول: "اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ" (الأنعام: 124) تصديقاً لقوله تعالى: {فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} (فصلت: 34)  والشواهد على ذلك كثيرة ومعروفة.

ان التأسي برسول الله (ص) في حياته الشخصية والاجتماعية كفيل بإحداث نقلة إصلاحية عظيمة في حياة الأمة كالتي أحدثها هو  حين صنع من القبائل العربية المتخلّفة الجاهلة المتناحرة المنحطّة خلقياً أمة واحدة متماسكة حضارية قادت ما لا يقل عن نصف العالم المعروف آنذاك، وصنع من أفراد المسلمين افذاذاً نادرين. 

إن استيعاب السيرة الحسنة للنبي(ص) وتمثّلها في حياتنا ليس فقط مسؤولية فردية لتحصيل القرب من الله تبارك وتعالى ونيل الكمالات وانما هي مسؤولية اجتماعية على الأمة أن تتحرك باتجاهها في ضوء التحديات الكثيرة التي تواجهنا ومنها:
 
1 - تسافل العالم الى مستوى من الجاهلية انحطّ كثيراً عن الجاهليات السابقة وهو يلزمنا بانبعاث رسالي جديد في موازاتها؛ لانقاذ البشرية منها كما انقذها الله تعالى بالقرآن وبرسوله الكريم(صلى الله عليه وآله) في زمن البعثة النبوية.

2 - اننا مسؤولون عن التمهيد للدولة الكريمة المنتظرة وتعجيل الظهور الميمون، ومن متطلّباته اقناع البشرية بالإسلام المحمدي الأصيل وهو المشروع الذي ينهض به الإمام (ع) وأفضل وسيلة لتحصيل هذه القناعة هو تجسيد الأسوة الحسنة في حياتنا، وقد ورد عن الإمام الرضا (ع) قوله: (فان الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتبعونا) وقد علّمنا الإمام الحجة المنتظر (عج) في دعاء الافتتاح أن نقول: (اَللّـهُمَّ اِنّا نَرْغَبُ اِلَيْكَ في دَوْلَة كَريمَة تُعِزُّ بِهَا الاْسْلامَ وَاَهْلَهُ، وَتُذِلُّ بِهَا النِّفاقَ وَاَهْلَهُ، وَتَجْعَلُنا فيها مِنَ الدُّعاةِ اِلى طاعَتِكَ، وَالْقادَةِ اِلى سَبيلِكَ، وَتَرْزُقُنا بِها كَرامَةَ الدُّنْيا وَالاْخِرَةِ), وهذه مرتبة عظيمة لا تنال الا بالتأسي برسول الله (ص) وأهل بيته الطاهرين (صلوات الله عليهم أجمعين).

3 - إن المسلمين اليوم ضائعون ممزقون متخلفون قد استمرؤا التبعية والعبودية لاعدائهم ومن يكيد لهم فهذا متخندق مع الغرب وذاك مع الشرق حتى تحالفوا مع اعدائهم ضد اخوانهم وأحد الأسباب المهمة في بلوغهم هذا الانحطاط فقدان الأسوة الحسنة فلابد من إيجادها ليعودوا إلى حياة العزة والكرامة والانعتاق من العبودية الا لله تبارك وتعالى.

٤- كثرة محاولات الإساءة إلى رسول اللّٰه (ص) وتشويه صورته لتنفير الأمم منه (ص) وخلق حواجز بينهم وبين الإسلام خوفاً من اقتناعهم به، وقد استغلوا بعض الروايات التي دسّها أعداء النبي (ص) من الكفار والمنافقين والمأجورين في تراث الإسلام، وأعانهم على عدوانهم بالسلوك الهمجي لبعض المجاميع التي ترفع شعار الإسلام، فيكون الردّ على هؤلاء جميعاً من خلال أبراز السيرة المحمدية النقية الأصيلة من المصادر الموثوقة.

نسال الله تبارك وتعالى ان يبلغ رسوله الكريم المقام المحمود الذي وعده وان ينصر دينه ويظهره على الدين كله ولو كره الكافرون وان يثبتنا على صراطه المستقيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطاهرين. 
captcha