ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّة..

مَنِ اسْتَعانَ بِغَيْرِ مُسْتَقِلٍّ ضَيَّعَ أَمْرَهُ

22:15 - September 20, 2025
رمز الخبر: 3501688
بيروت ـ إکنا: إذا أنتَ استعنتَ بشخص لا يملك زمام أمره، أو استعنت بجماعة مسلوبة الإرادة، أو استعنت بدولة لا تتمتع بالسيادة على قرارها فقد ضيَّعتَ أمرك، وفشلتَ في نيل مبتغاك، وأخفقتَ في تحقيق أهدافك،

رُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "مَنِ اسْتَعانَ بِغَيْرِ مُسْتَقِلٍّ ضَيَّعَ أَمْرَهُ".
 
إذا أنتَ استعنتَ بشخص لا يملك زمام أمره، أو استعنت بجماعة مسلوبة الإرادة، أو استعنت بدولة لا تتمتع بالسيادة على قرارها فقد ضيَّعتَ أمرك، وفشلتَ في نيل مبتغاك، وأخفقتَ في تحقيق أهدافك، تلك هي المعادلة التي ينبِّهنا إليها الإمام أمير المؤمنين (ع)، وهي معادلة مُلهِمَة، موحية، تعلِّمنا مهارة مهمة وضرورية في اختيار من نستعين به على قضاء حوائجنا، وتحقيق أهدافنا. وتقدم لنا قاعدة مهمة في بناء قراراتنا وإدارة شؤوننا، سواء كانت شخصية، أو اجتماعية، أو سياسية. 

يعرف قارئي الكريم، أن المراد بغير المستقل هو الشخص أو الجهة، أو الدولة، الذين لا يملكون زمام أمرهم، ولا يقومون به بأنفسهم، وليسوا أحرار في اتخاذ قراراتهم، بل هم تابعون لغيرهم، هو الذي يقرِّر وهم ينفِّذون، هو السيِّد وهم الأدوات التنفيذية، فهؤلاء وأمثالهم لا يمكن الاعتماد عليهم في شيء، ولا طلب المساعدة منهم لأنهم لا يستطيعون أن يقدموها من تلقاء أنفسهم، ولو كانوا راغبين بذلك، إذ عليهم أخذ الإذن ممن يقرر لهم وعنهم. فتعليق الآمال عليهم تعليق على سراب ووَهم، وتضييع مُحقَّق للوقت والجُهد، وتهديد جِدِّيٌ لنجاح ما يسعى إليه من يؤمِّل بهم ويراهن عليهم، فبدل أن يكونوا عوناً يتحوَّلون إلى عِبءٍ، إذ يصبح الاعتماد عليهم هو المشكلة بدل أن يكونوا عوناً على حلِّها. 
 
وهذا أمر مشهود لنا جميعاً، نرى شعوبنا المظلومة المستضعفة المقتولة، تصرخ مستنصرة بأمة العرب وشعوبها، وبأمة الإسلام وشعوبها تطلب نجدتهم، وتستغيث بهم تطلب عونهم، فإذا بها كمن يصرخ في صحراء جرداء قاحلة ماحِلَة لا حياة فيها، حتى صدى الصوت لا يتردَّد فيها، سبعون عقداً والمظلومون يستصرخون العرب، ينادون بأعلى أصواتهم إخوانهم في القرابة والعروبة والدين، حتى لقد بُحَّت حناجرهم، فلا أحد يجيبهم، بل يجيب عليهم، ويمد قاتلهم بالمال والعتاد والاقتصاد، والسبب في ذلك أن أمتي العرب والإسلام وشعوبهما ليستا مستقلتين ولا تملكان السيادة على قرارهما ومواردهما وثرواتهما.
 
ما يصحُّ في السياسة يصح في كل مورد تحتاج فيه إلى الاستعانة بشخص أو جهة أو مؤسسة لا تملك زمام أمرها، فالاعتماد على غير المستقل من هؤلاء اعتماد على الوَهم والسَّراب، لأن ضعفهم سينعكس عليك أنت، بدل أن تقوى بهم، فإنهم يُضعفوك ويُضَيِّعون جهودك، ووقتك.
 
نستنتج مِمّا سبق ضرورة التدقيق فيمن نختاره لمساعدتنا، والتدقيق فيمن نسند إلى مهمة من المهمات، فلا نختار إلا من نتيقن من كفاءته واستقلاله وقدرته على الإنجاز وتقديم العون.

ونستنتج ثانياً: ضرورة أن نعتمد أولاً على الله تعالى، وعلى أنفسنا ثانياً، وأن نعمل دائماً على تطوير مهاراتنا وإمكانياتنا ومواردنا.

ونستنتج ثالثاً: ضرورة ألّا نجعل حياتنا مَرهونة بالاعتماد الكامل على الآخرين، وألّا نطلب عونهم في كل شيء، بل نستعين بهم حال الضرورة القصوى التي لا نملك فيها خياراً آخر.

بقلم الباحث اللبناني في الشؤون الدينية السيد بلال وهبي
captcha