أشار إلى ذلك، ممثل الولي الفقيه في شؤون الحج والزيارة ورئيس بعثة الحج الايرانية حجة الإسلام والمسلمين "السيد عبد الفتاح نواب"، في حوار خاص له مع وكالة "إكنا" للأنباء القرآنية الدولية، ردّاً على سؤال حول ما يطرحه البعض من أن اهتمام الشباب بالقضايا الدينية قد انخفض، وهل حضور الشباب في الرحلات الدينية مثل العمرة قد تراجع بحيث يكون دليلاً لإثبات هذا الادعاء؟
حيث قال السيد نواب: "إن الإقبال على البرامج الثقافية والدينية مرتبط بعوامل مختلفة؛ فالأوضاع والعوامل تختلف من زمن إلى آخر ولا يمكن مقارنة مسألتين في زمنين مختلفين، بل يجب الانتباه إلى العوامل المؤثرة فيها."
إقرأ أيضاً:
وأضاف: "إذا كان في سنة من السنوات إقبال الزوار على زيارة العتبات المقدسة في أيام النوروز كبير جداً، وفي سنة أخرى في نفس الأيام كان الإقبال أقل، فلا ينبغي الاستنتاج بأن رغبة الناس في الزيارة قد انخفضت؛ بل يجب دراسة العوامل التي أثرت في هذا الاختلاف. مثلاً في إحدى السنوات تزامنت أيام العيد مع شهر رمضان المبارك، ولم يقبل الناس على رحلات النوروز للعتبات المقدسة حتى يتمكنوا من الصيام. لذلك، فإن عدم الإقبال هذا ليس دليلاً على ابتعاد الأشخاص عن الدين."
وأردف ممثل الولي الفقيه في شؤون الحج والزيارة، قائلاً: "فيما يتعلق بسفر العمرة، يجب على الفرد أولاً أن يجد أسباب هذا السفر في نفسه، كما قال الإمام الراحل (ره) "كل عمل يريد الإنسان القيام به، يجب أولاً أن يعرفه ويؤمن به، ثم يدخل فيه."
واستطرد رئيس بعثة الحج الايرانية، قائلاً: "لا أنصح أبداً من يقول "لماذا نضع أموالنا في جيوب الدول الأخرى؟" بالذهاب إلى العمرة، بل أنصحه بالتفكير والتأمل، وأقول له اجلس وفكر."
وأكدّ السيد نواب: "الأشخاص الذين يسافرون لديهم أهداف مختلفة؛ فبعضهم يسافرون للسياحة، والسياحة جزء من حياة الإنسان ليصنع أياماً جديدةً لنفسه؛ وبعضهم يسافرون للعلاج، وبعضهم للدراسة، وبعضهم للعمل وخدمة الآخرين، ومن يسافر للعمل يكسب رزقاً، ومن يسافر للعلاج ينال الصحة، ومن يسافر للسياحة يجدد نشاطه، أما من يسافر للزيارة فيحصل على شعور جميل، وإحساس جديد".
وصرّح ممثل الولي الفقيه في شؤون الحج والزيارة: "من يتشرف بالعمرة والحج يطأ أرضاً ولد وعاش فيها النبي (ص) والإمام علي (ع) والسيدة فاطمة (س) والأئمة الآخرون (ع). وكان الإمام الرضا (ع) أيضاً في تلك الأرض حتى سنتين أو ثلاث سنوات قبل استشهاده."
وأوصى أولئك الذين يقولون إن السفر للعمرة والحج يؤدي إلى أن تصبح أموالنا في يد شعوب الدول الأخرى، بأن لا يعطوا أموالهم لأحد، بل يجلسوا ويفكروا، لأن "التفكير قبل التشرف"، حسب قوله.
قال ممثل الولي الفقيه في شؤون الحج والزيارة ورئيس بعثة الحجاج الايرانيين: "لا أقترح مطلقاً على من يقول "لماذا نضع أموالنا في جيوب الدول الأخرى" أداء العمرة، بل أقترح عليه التفكير والتأمل وأقول له اجلس وفكّر"، مؤكداً "لا ينبغي للإنسان أن يذهب للعمرة ما لم يكن مؤهلاً للتشرف بها. وحتى تتحقق هذه النضوج والأهلية، لا ينبغي الذهاب."
وأضاف: كان المرحوم "الهي قمشهای"، يقول: "كلما ذهبت إلى مشهد المقدسة، كنت أولاً مدعواً"، فسُئل: كيف دُعيت؟ فأجاب: "رأيت في المنام أو في مكاشفة أن هناك عناية أُعطيت لي وأصبح قلبي مستعداً للزيارة"، موضحاً: "عندما يكون قلب الإنسان مستعداً، تدمع عيناه ويشعر بالراحة عند الزيارة، أما إذا لم يكن مستعداً، فإن صعوبات الطريق تثقل عليه، ولكن مع الاستعداد، حتى تحمل أشواك الطريق لا يبدو له صعباً."
وفي الختام، أعرب حجة الإسلام والمسلمين نواب عن أمله في أن يكون لدى الأعزاء الذين يتشرفون بالعمرة والحج، وخاصة المتعلمين، برنامج لأنفسهم، مؤكداً: "إذا أراد أحد أن يستفيد جيدًا من هذه الرحلة، فعليه أن يأخذ برنامجاً من الذين ذهبوا من قبل، وأن يجلس هو نفسه ويفكر ويرى ما هي احتياجاته الروحية والفكرية ويكتب برنامجًا لنفسه."