
ويُعقد المؤتمر الذي تنظمه الدار التابعة لقسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة، وكلية التربية الأساسية للبنات / جامعة العميد، تحت عنوان (السيرة النبوية المباركة بين الثوابت القرآنية ومتغيرات المناهج العلمية)، وتستمر فعَّالياته لمدة يومين.
وقال المرياني: إنّ "الدراسة تتناول تحليل منهجية تأويل النص القرآني والسيرة النبوية في المدرسة الاستشراقية الإيطالية، عَبرَ مقارنة نقدية بين منهج ليوني كايتاني ولورا فيشيا فاغليري، ويسعى إلى الكشف عن أوجه التباين المعرفي والمنهجي بين مستشرقَين يمثّلان اتجاهين متضادين داخل الاستشراق الإيطالي: أحدهما تشكيكي متشدد، والآخر موضوعي متفهم".
وأضاف أنّ "الدراسة تبيّن كيف تبنّى كايتاني قراءة تفكيكية ذات طابع أيديولوجي، أنكر فيها المصدر الإلهي للقرآن الكريم، وشكك في السيرة النبوية، معتمدًا على الروايات الضعيفة والانتقائية لإثبات فرضياته المسبقة".
إقرأ أيضاً:
وتابع "في المقابل، تقدّم فاغليري قراءة عقلانية وإنسانية، ترى في القرآن كتابًا إلهيًا، وتتعامل مع السيرة ضمن سياقها الديني والتاريخي، مبتعدة عن النزعة الاستعلائية الغربية المعتادة".
وأشار إلى أنّ "الدراسة تخلص إلى أن الاستشراق الإيطالي لا يُمثّل بنموذج واحد أو منهج موحّد، بل هو حقل متعدد المناهج، ويؤكّد على ضرورة التمييز بين النقد العلمي المنضبط والتأويل الأيديولوجي عند دراسة الخطاب الاستشراقي حول الدين الإسلامي".
باحث تونسي يتناول السيرة النبوية بين الثوابت القرآنية والمناهج العلمية
قدّم الباحثُ التونسي د. محمد العزيز بن زاكور، بحثاً بعنوان "السيرة النبوية بين الثوابت القرآنية وإعمال العقل الإصلاحي: قراءة في المنهج المقاصدي عند محمد الطاهر بن عاشور"، ضمن فعّاليات مؤتمر دار الرسول الأعظم(صلّى الله عليه وآله) العلمي الدولي الرابع.
وقال الباحث في ملخّص بحثه: إن "السيرة النبوية تمثّل المجال الفسيح الأرحب لتجلّي الوحي الإلهي في التاريخ، باعتبار أنها مجالٌ تطبيقيّ للتجربة الإسلامية التاريخية، يجتمع فيها النصّ القرآني المُنزَل والمؤصَّل بالتطبيق النبوي، فتكون بذلك ميدانًا يجمع بين الثوابت التي لا تقبل التبديل والاجتهادات التي تستجيب لتحدّيات الواقع، ومن ثمّ فإن النظر في السيرة ليس مجرد استدعاء لوقائع ماضية بل هو استبصارٌ لطريقٍ يهدي الأمّة في حاضرها ومستقبلها".
وأضاف أن "الإشكاليّة الكبرى التي تواجه الباحث في السيرة تتمثّل في كيفية الموازنة بين الثوابت القرآنية القطعية التي جسّدتها السيرة، وإعمال العقل الإصلاحيّ الذي يتطلّبه تجديد فهم السيرة في ضوء المستجدات، ويزداد هذا الإشكال تعقيدًا حين نضع في الحسبان ضرورة تحقيق الرواية وتمحيص الأخبار لتمييز الصحيح من الضعيف والزائف قبل اعتمادها في بناء التصوّر المقاصدي، فهل يمكن لهذا التوازن أن يُبنى على منهجٍ علميّ يحقّق الوفاء للمقاصد الشرعية، ويمنع الانفلات من الضوابط أو الوقوع في الجمود؟".
وتابع بن زاكور: "من هنا تبرز أهمّية مشروع الإمام محمد الطاهر بن عاشور التونسي مولدًا ومنشًأ، الزيتونيّ علمًا ونسبةً وهو الذي جمع في كتاباته بين عمق الفقيه الأصولي وسعة المفسّر المتبحّر وبُعد نظر الإصلاحيّ المتبصّر، وقد أتاح لنا عبر مؤلّفاته الكبرى ومنها تفسير التحرير والتنوير وقصّة المولد ومقاصد الشريعة الإسلامية وأليس الصبح بقريب وأصول النظام الاجتماعي وغيرها من المصنّفات، أنموذجًا متكاملًا في قراءة السيرة من منظورٍ يجمع النصّ بالعقل".
وذكر أن "الشيخ بن عاشور لا يكتفي بظاهر النصوص -كما يفعل الاتّجاه الحرفي-، بل يُعمِل العقل لفهم مقاصدها وعللها، كما يجمع بين الجزئي والكلّي أي أنّه لا يقف عند الأحكام الجزئية المتفرّقة وإنّما يربطها بالكلّيات المقاصدية، فكان بحقٍّ يؤصّل النصّ ويحقّقه ويفعّل العقل ويرجّحه في منهجٍ أصوليّ مقاصدي عجیب، جعل من الشيخ الإمام شخصيةً إصلاحيةً محورية في الفكر المقاصدي الحديث".
وأشار الباحث إلى أن "هذا البحث ينطلق من فرضيةٍ أساسية مفادها أن الشيخ محمد الطاهر بن عاشور قد أصّل منهجًا مقاصديًا يسمح بإعمال العقل الإصلاحيّ في قراءة السيرة النبوية، مع الحفاظ على الثوابت القرآنية، كما تفيد هذه الفرضية أنّ المقاصد عنده تعمل كضابطٍ ومعيار للفصل بين ما هو ثابت وما هو ظرفي أو قابل للاجتهاد".
وبيّن أنه "اعتمد منهجًا تحليليًا استقرائيًا يقوم على استقراء نصوص ابن عاشور من كتبه المركزيّة، مع تحليل دلالاتها فيما يتّصل بالسيرة مع محاولة ربطها بأصول المنهج المقاصدي، في موازنةٍ بين النصّ الثابت والعقل المجتهد".
دراسة تطبيقية تبحث توظيف السيرة النبوية في بناء برامج التنمية البشرية
قدم الباحث الشيخ حسين محسن علي التميمي، بحثًا بعنوان (توظيف السيرة النبوية في بناء برامج التنمية البشرية: دراسة تحليلية تطبيقية)، ضمن فعاليات مؤتمر دار الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) العلمي الدولي الرابع.
وذكر الباحث في ملخص بحثه أنّ "البحث يستعرض موضوع توظيف السيرة النبوية في بناء برامج التنمية البشرية، عبر دراسة تحليلية تطبيقية تسلط الضوء على الجوانب العملية المستوحاة من حياة النبي محمد (صلى الله عليه وآله)".
وأضاف أنّ "البحث يهدف إلى استخراج المبادئ والقيم النبوية التي تعزز تطوير الذات وبناء القدرات الشخصية والاجتماعية، مثل القيادة والتواصل الفعال، وإدارة الوقت، ويعتمد على تحليل النصوص التاريخية والشرعية لتقديم نموذج عملي قابل للتطبيق في برامج التنمية البشرية المعاصرة".
وتابع التميمي أنّ "البحث يبرز أهمية الاقتداء بالسيرة النبوية كأساس لتحسين الأداء الفردي والجماعي، مع اقتراح آليات عملية لتفعيل هذه القيم في الواقع المعاصر".
المصدر: شبكة الكفيل العالمية