ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّة...

المؤمن القويُّ خير من المؤمن الضعيف

11:38 - May 13, 2023
رمز الخبر: 3491124
بيروت ـ اكنا: إن المؤمن القويُّ خير من المؤمن الضعيف كما جاء في الحديث الشريف، وإنه من شكر نعمة القوة والقدرة أن تستعملها في الحق لا في الباطل، وأن تدفع بها العدوان لا أن تعتدي بها، فإن القدرة يُزيلها العدوان، وأن تكون نصيراً للعاجز والمُستضعف والمَحروم لا أن تكون عليهم تنهب أموالهم وتنكر حقوقهم.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "آفَةُ الْقَوِىَّ اسْتِضْعافُ الْخَصْمِ".

أن تكون قوياً فتلك نِعمة تستحِقُّ الشكر الموصول بالشكر، والمؤمن القويُّ خير من المؤمن الضعيف كما جاء في الحديث الشريف، وإن من شكر نعمة القوة والقدرة أن تستعملها في الحق لا في الباطل، وأن تدفع بها العدوان لا أن تعتدي بها، فإن القدرة يُزيلها العدوان، وأن تكون نصيراً للعاجز والمُستضعف والمَحروم لا أن تكون عليهم تنهب أموالهم وتنكر حقوقهم.

واعلم أن الله كما يبتليك بالعَجز يبتليك بالقوة، ليريك كيف تتصرف في الحالَين وليُظهِرَ مكنون أخلاقك، فقد رُوِيَ عن الإمام أمير المؤمنين (ع) أنه قال: "القُدرَةُ تُظهِرُ مَحمودَ الخِصالِ ومَذمومَها" وقد صدق عليه السلام وهو الصادق المُصَدَّق، فكم من شخص أظهرت القوة والقدرة مكنونه الأخلاقي فأبانت عن فضائله أو رذائله، وكم من شخص حين الضعف وقلَّة الحيلة غيره تماما حين القوة والقدرة، حين ضعفه تراه الإنسان الخلوق الطيب الوديع، والمحب الصادق، والمدافع عن الحقوق، والصائن للكرامة والثائر في وجه الظالمين والطغاة والمستكبرين. فإذا به حين امتلك القوة والقدرة كأنه شخص آخر تماماً، ظالم يتجاوز بظلمه ظلم من سبقه، وطاغٍ يصغر طغيان الآخرين أمام طغيانه.

وكم من شخص حين اقتدر وقوي أنفق قوته في سُبُل الخير والصلاح، فانطلق يقارع الظالمين، ويحارب الفاسدين، ويدافع عن حقوق المحرومين، ويدفع الضيم عن المظلومين. فالقدرة والقوة كشفا مكنون هذا ومكنون ذاك، وأظهرا محمود خصال الثاني ومذموم خصال الأول.

إن قول الإمام أمير المؤمنين (ع): "آفَةُ الْقَوِىَّ اسْتِضْعافُ الْخَصْمِ" فيه دعوة إلى رحمة الخصم والتساهل معه وعدم الاستقواء عليه، والخصم هو الذي ينازع الآخر في حقه ويجادله بالحجة لإثباته.

وما أكثر الذين يستضعفون خصماءهم من ضعفاء الناس الذي لا حول لهم ولا قوة، ولا واسطة تتوسط لهم، ولا شفيع يشفع، ولا نافذ يسندهم ويدفع الظلم عنهم، فترى أولئك الأقوياء مادياً أو معنوياً يستقوون عليهم بالمال تارة وبسلطتهم تارة أخرى، وبأتباعهم وأزلامهم، ولا يتركون وسيلة من الوسائل الخبيثة إلا ويعتمدونها لإسكات الخصم واستضعافه والتأثير في إرادته وسلبه حقوقه، ولو أردنا أن نستحضر أمثلة عن ذلك لضاقت بها آلاف الصفحات والمجلدات، فكم من ظالمين طغاة استقووا على مستضعفين فقراء فسلبوهم ما سلبوهم من أموال وعقارات، بالقوة تارة وبالحيلة تارة أخرى، وبعضهم يلجأ إلى رشوة مسؤول أمني أو عسكري، أو رشوة قاضٍ ظالم. 

ويفوت هؤلاء أن يوم المظلوم على الظالم أشَدُّ من يوم الظالم على المظلوم، وأن الله تعالى أقسم بذاته المقدسة ألا تجوزه مظلمة مظلوم، وأنه للظالم بالمرصاد، قد يُمهِله يوماً أو يومين، أو سنة أو سنتين، لكنه سيأخذه في الوقت المناسب أخذ عزيز مقتدر. 
     
بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

captcha