ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّة...

الإسلام يفاضل بين الناس على أساس التقوى

16:13 - May 21, 2023
رمز الخبر: 3491243
بيروت ـ إکنا: إن الإسلام يفاضل بين الناس على أساس التقوى وهي مَلَكَة نفسية تتجلَّى في أعمال الإنسان ومواقفه فتصدر منه صالحة متوافقة مع أحكام العقل والشريعة، إذ إنها تعني أن يكون الإنسان في جميع أحواله حيث يرضى الله، وأن يتجنَّب كل موضع أو موقف أو فعل لا يرضاه. وهذا بذاته كافٍ لتكون جميع الأعمال صالحة زكية طيبة.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "بِالْأَعْمالِ يَتَفاضَلُ الْعُمّالُ".

هذا هو المعيار الذي يتفاضل به العاملون من وجهة نظر الإسلام، فالعامل أفضل من غير العامل، والمُخلص في عمله أفضل من المرائي فيه، والمُتقِنُ لعمله أفضل من الذي يعمله كيفما اتفق، والمتقرِّب بعمله إلى الله هو أفضل العاملين شرط أن يُتقنه ويُتِمَّه. ولا يتقربَّ بعمله إلى الله تعالى إلا شخصٌ أيقن أن الثواب من الله، والتوفيق والتسديد من الله، والمَعونة والتيسير من الله.
 
إن الإسلام يفاضل بين الناس على أساس التقوى وهي مَلَكَة نفسية تتجلَّى في أعمال الإنسان ومواقفه فتصدر منه صالحة متوافقة مع أحكام العقل والشريعة، إذ إنها تعني أن يكون الإنسان في جميع أحواله حيث يرضى الله، وأن يتجنَّب كل موضع أو موقف أو فعل لا يرضاه. وهذا بذاته كافٍ لتكون جميع الأعمال صالحة زكية طيبة.

إن معيار التفاضل هذا هو من أكمل وأنبل المعايير. فهو أكمل لأنه لا يقوم على معيار النَّسب والعرق واللون والقومية، ولا يقوم على المكانة الاجتماعية والسلطة السياسية والاقتصادية، فلو اعتُمِدَت هذه المعايير لحالت دون الاستفادة من أعمال معظم البشر الذين لا يتوافقون معها، وفي هذا ظلم للإنسانية كلها، بل ظلم حتى للذين يتفقون مع تلك المعايير. 

وهو المعيار الأنبل لأن إنسانية الإنسان لا تُقاسُ بلونه أو جنسه أو لغته أو سوى ذلك من المعايير التي تقوم على العصبية العائلية أو القبلية أو الوطنية أو القومية، فالإنسان إنسان من أي لون أو قوم أو قومية كان، وإنسانيته تتقوم بكمالاته وفضائله الأخلاقية وما يصدر منه أعمال، وهذا ما نصَّ عليه الله تعالى في كتابه الكريم إذ قال: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ"﴿13/ الحجرات﴾.

فالناس المختلفون أجناساً وأعراقاً وألواناً، والمتفرقون شعوباً وقبائل هم من أصل واحد، من أَبٍ واحد ومن أم واحدة. وإن تَنَوّعهم واختلاف طبائعهم ومواهبهم واستعداداتهم يقتضي أن يتعاونوا فيما بينهم، وأن يكون التنافس بينهم على من يعمل أفضل من الآخر، ومن يتقدم أكثر من الآخر، وعلى الخير والصلاح، فليس لألوانهم وأجناسهم ولغاتهم وأوطانهم حساب في ميزان الله تعالى، إنما هنالك ميزان واحد تتحدَّدُ به القيم ويُعْرَف به فضل الإنسان وهو التقوى.

وبهذا تسقط الفوارق بين البشر، وتسقط الحدود التي تمنعهم من التواصل والتفاهم والتعاون، ولا يكون التعامل فيما بينهم على أساس المعايير الزائفة، بل على أساس العمل وحسب، وهذا المعيار ينزع كل فتائل التفجير فيما بينهم، وترتفع الكثير من أسباب الخصومات والنزاعات، وترخص جميع القيم الرذيلة التي يتكالب الناس عليها. 

وقد أكَّدَ رسول الله (ص) على أن معيار التفاضل هو العمل لا غير، وقد جاء كلامه الشريف في الخطاب الذي ألقاه بعد فتح مكة حيث قال: "إنّ اللَّهَ تباركَ وتعالى‏ قد أذهَبَ عَنكُم بالإسلامِ نَخوَةَ الجاهِليّةِ، والتَّفاخُرَ بآبائها وعَشائرِها. أيُّها الناسُ، إنّكُم مِن آدَمَ، وآدمُ مِن طِينٍ، ألا وإنّ خَيرَكُم عندَ اللَّهِ وأكرَمَكُم علَيهِ اليَومَ أتقاكُم وأطوَعُكُم لَهُ، ألا وإنّ العَربيّةَ لَيست بأبٍ والِدٍ، ولكنّها لِسانٌ ناطِقٌ، فَمَن قَصُرَ بِهِ عَمَلُهُ لَم يُبَلِّغُهُ رِضوانَ اللَّهِ حَسبُهُ".

بقلم الکاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:

twitter

facebook

whatsapp

captcha