ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّة...

مَنْ أَحسنَ الكِفايَةَ اسْتَحَقَّ الوَلايَةَ

23:23 - June 18, 2025
رمز الخبر: 3500607
بيروت ـ إکنا: إنّ قيام اختيار الشخص على أساس الكفاءة يحقِّق أهم مبدأ من أهم مبادئ اختيار المسؤولين والموظفين والقادة وهو مبدأ العدل، فلا اختيار لأحد إلا بناءً على كفاءته.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "مَنْ أَحسنَ الكِفايَةَ اسْتَحَقَّ الوَلايَةَ".
 
تقدِّم لنا هذه الجوهرة الكريمة منهجاً راقياً في اختيار الأشخاص للوظائف والمسؤوليات، فهي تربط بين إحسان الشخص العمل وإتقانه وأدائه الواجب عليه، وبين استحقاقه الولاية والإمرة، فالكفاية تعني الإتيان بالعمل كافياً وافياً حائزاً على كافة ما هو مطلوب فيه، والوَلاية تعني ولاية الأمر وإدارته، وهي سلطة سياسية أو اقتصادية، أو عسكرية، أو أي نحو من أنحاء المسؤولية التي تُناطُ بمن بلغ درجة الأهلية لها.
 
وعليه، فالعبارةَ تجمع بين شرطين: أولهما: أن يؤدي الإنسان عمله بإتقان وكفاية، والثاني: أن هذا الإتقان يوجب استحقاقه الولاية والمسؤولية، أي أن إحسانه العمل وإتقانه الأداء تجعله أهلاً للقيادة، فمعيار الاختيار هو الأهلية والجدارة والاستحقاق، والكفاءة والتقوى، وليس على أساس القرابة، أو الصداقة، أو الواسطة، أو الولاء الشخصي والزبائنية.

إنّ قيام اختيار الشخص على أساس الكفاءة يحقِّق أهم مبدأ من أهم مبادئ اختيار المسؤولين والموظفين والقادة وهو مبدأ العدل، فلا اختيار لأحد إلا بناءً على كفاءته، فمن يكن أهلاً لا يُحرَم منها، وذلك يعزز احترام الشخص لذاته، ويعزز احترام المجتمع للكفاءة والأشخاص الكفوئين، ويعزز احترام الشخص المختار لذاته وثقته بنفسه، كما أنه يحمِل كل فرد من أفراد المجتمع أو الدولة أو المؤسسة على تنمية مهاراته، واكتساب المزيد من العلوم والمعارف.
 
ومِمّا لا شكَّ فيه أن اختيار الأكفأ والأمثل للقيادة والمسؤولية يجب أن يُراعى فيه مبدأ الشورى فمن شاور الناس شاركهم في عقولهم، فلا بد من مراجعة أهل الاختصاص في المجال الذي يُراد اختيار الشخص له لأنهم الأعرف بالمواصفات المطلوبة، وكل منهم ينظر إليه وإلى صفاته ومهاراته من زاوية، ويرى ما قد يغيب عن الآخر، ما يجعل اختياره موفَّقاً.
 
ما سبق كان عن طريقة اختيار الشخص للمنصب أو الوظيفة، أو القيادة، أما عن أهم الصفات الواجب أن تتوفَّر فيه فهي: العلم، والكفاءة، والقدرة، والخبرة، واللياقة النفسية والبدنية، والأمانة، وحُسن الخلق، والتقوى، هذه الصفات نبَّهنا إليها القرآن الكريم، ورسول الله والأئمة الأطهار (ع)، ففي قصة سليمان النبي (ع) عندما طلب من يأتيه بعرش بلقيس، ذكر الله التالي: قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ﴿38﴾ قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ ﴿39﴾ قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ...﴿النمل:40﴾.
 
كما نجد ذلك فيما ذكره الله لنا من قصة لقاء نبيه موسى (ع) مع ابنتي الشيخ الكبير من أهل مَدين، فقد أبدت إحداهما لأبيها رغبتها في أن يستأجِره لرعي الأغنام ذاكرة صفتين مهمتين من صفاته تجعلانه جديرا بهذه المهمة، بل جديراً أن يكون زوجاً لها، قال تعالى: قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ﴿القصص: 26﴾.
 
النتيجة التي نخرج بها هي: أن قول الإمام أمير المؤمنين (ع): "مَنْ أَحسنَ الكِفايَةَ اسْتَحَقَّ الوَلايَةَ" يمثِّل منهجاً عادلاً في اختيار من تتوفر به الكفاءة والأهلية لتولي المسؤولية والولاية، لتكون من نصيب أهلها الحقيقيين، وبذلك تكون الإدارة رشيدة، والمجتمع متماسكاً نامياً متطوِّراً.

بقلم الباحث اللبناني في الدراسات الدينية السيد بلال وهبي
captcha