ایکنا

IQNA

نهضة الإمام الحسين (ع) مواقف وقِيَم...

الإمام الحسین(ع) هو وارث الأنبياء وقائد مسيرة المستضعفين

9:49 - June 29, 2025
رمز الخبر: 3500732
بيروت ـ إکنا: إن الإمام الحسين(ع) هو إمام الدين والأمّة، وهو داعي الله وحامل أمانته، وهو وارث الأنبياء، وقائد مسيرة المستضعفين، ورائد الصلاح، وزعيم المصلحين.

"اَلسَّلامُ عَلَى الْحُسَيْنِ، وَعَلى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَعَلى أَوْلادِ الْحُسَيْنِ، وَعَلى أَصْحابِ الْحُسَيْنِ"
 
"لَعَنَكَ اللهُ ولَعَنَ أمانَكَ"

هذا ما أجاب به أبو الفضل العباس بن علي (ع) شمر بن ذي الجوشن يوم العاشر من محرّم الحرام، حين صاح اللعين: أيا عباس، أُخرج إليَّ أُكلِّمك.

فاستأذن العباسُ الحسينَ (ع)، فأذِنَ له، فقال له: ما لكَ؟ قال شمر: هذا أمانٌ لك ولإخوتك من أمِّك، أخذته لك من الأمير -يعني ابنَ زيادٍ- لمكانكم منّي، لأني أحدٌ أخوالكم، فاخرجوا آمنين.

إقرأ أيضاً:

فقال له العبّاسُ: لَعَنَكَ اللهُ ولَعَنَ أَمانَكَ، واللهِ إِنَّكَ تَطْلُبُ لَنَا الأَمانَ أَنْ كُنَّا بَني أُخْتِكَ، ولا يَأْمَنُ ابْنُ رَسُولِ اللهِ (ص)؟!
 
تستوقفنا في النَّصِّ النقاط التالية:

أولاً: هو ذا شمر بن ذي الجوشن المجرم يعتمد ما يعتمده الطغاة المجرمون من أسلوب التفرقة بين الصفوف في جبهة الحق، يريد أن يوقع الخلاف والشقاق بينهم، ليستوي له الأمر مع الامام الحسين (ع) فيستضعفه، ويبقيه وحيداً يواجه مصيره المحتوم، يعتمد في ذلك قاعدة فرِّق تسُد، وهذا مبدأ قديم يعتمده الطغاة الظالمون، وقد ذكر لنا ذلك الله تعالى في كتابه الكريم حين حدثنا عن فرعون الطاغية إذ قال: إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ﴿القصص: 4﴾.

إن فرعون هذا علا في الأرض، وتكبَّر وتجبَّر، وجعل أهل مصر شِيَعاً، كل طائفة منهم تهتم بشؤونها الخاصة، وتقول: نحن أولاً، ولا تهتمُّ لما يجري على سواها من الطوائف، ثم استضعف طائفة معينة منهم، استضعف قوم موسى (ع) لأن لهم عقيدة غير عقيدته هو وقومه، استضعفهم بعد أن أحسَّ أن هناك خطراً على عرضه ومُلكه منهم، فأخذ في تقتيل الذكور منهم، وإبقاء الإناث على قيد الحياة كي لا يتكاثر عدد الرجال فيهم، فشملهم جميعا بالإذلال والتعذيب بشتّى أنواع العذاب، حتى إذا استقام له الأمر معهم انتقل إلى سواهم من الطوائف ليخضعها له.

كذلك طغاة اليوم يلجؤون إلى التفريق بين الشعوب، وبين الأديان والمذاهب، بل بين المذهب الواحد، والجماعة الواحدة، يستميلون هؤلاء بالترغيب، ويضغطون على أولئك بالترهيب، كي يسهُل عليهم الاستفراد بهم واحدة بعد أخرى، ومن ثم القضاء عليهم جميعاً، أو إخضاعهم بالجور والبطش والتنكيل.
 
ثانياً: هو ذا أبو الفضل العباس صاحب البصيرة النافذة، يعرف مراد شمر بن ذي الجوشن، يريد أن يستفرد بالحسين(ع) ويستضعفه، فيرفض مقترحه الخبيث، ويواجهه بموقف ينضح بالإباء والأَنَفة والشهامة والحَميَّة والشجاعة، قائلاً: "لَعَنَكَ اللهُ ولَعَنَ أَمانَكَ" فلا يكتفي بكشف خطته الخبيثة بل يلعنه ويلعن أمانه الكاذب المخادع.
 
ثالثاً: إن الأولوية في الأمان هي للحسين (ع) من وجهة نظر العبّاس (ع)، فالحسين هو إمام الدين والأمّة، وهو داعي الله وحامل أمانته، وهو وارث الأنبياء، وقائد مسيرة المستضعفين، ورائد الصلاح، وزعيم المصلحين، فبحفظه يُحفَظ الدين، وبأمانه تأمن الأمة على حاضرها ومستقبلها، ودور العبّاس وأخوته والأصحاب هو الفداء للحسين (ع) والذَّبِّ عنه، وتقديم المُهَج دونه. 
 
إن موقف العبّاس (ع) ليعلمنا درساً عميقاً وهو: أن نتمتع بالبصيرة والكَياسَة والفِطنة، والمؤمن كَيِّسٌ فَطِنٌ، وأن نكون عارفين بزماننا كي لا تلتبس علينا الأمور، فالعارف بزمانه لا تهجِم عليه اللوابس، فما أكثر ما يسعى طغاة اليوم إلى التلبيس علينا بمواقفهم وطروحاتهم، إنهم ليلبسون الباطل لبوس الحق، يقولون لبعضنا لكم الأمان إن أنتم سرتم في ركابنا، ولكم الرخاء والازدهار الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي إن أنتم قبلتم ما نقترحه عليكم. 
 
ولئن كان بعض الناس أو الشعوب تنطلي عليهم تلك الحِيَلُ فإن أهل الوعي والبصيرة لا تنطلي عليهم، وجوابهم الأكيد: لعنَكَ الله ولعن أمانك.

بقلم الکاتب والباحث اللبناني في الدراسات الدينية السيد بلال وهبي
captcha