وفي الآية الثانية من سورة المائدة المباركة، تم بيان عدة أوامر إسلامية مهمة من آخر التعاليم التي نزلت على الرسول الأعظم (ص)، وغالبها يتعلق بالحج وزيارة بيت الله الحرام.
في هذه الآية الكريمة، جعل احترام جميع الشعائر واجباً، وحرّم انتهاك حرمتها، وذكر بعض الشعائر مثل الأشهر الحرم، والقرابين، وحرمة الصيد في حال الإحرام، وحجاج بيت الله الحرام بشكل خاص، "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ" (المائدة: 2).
إقرأ أيضاً:
وتؤكد الآية في تكملتها أنه الآن بعد فتح مكة المكرمة، لا ينبغي أن تؤدي العداوات السابقة إلى أن يتجاوز المسلمون الحدود "وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا" (المائدة: 2).
هذا الحكم وإن نزل بشأن زيارة بيت الله الحرام، إلا أنه في الحقيقة يُستفاد منه قانون عام، وهو أن المسلم لا ينبغي أن يكون حقوداً، ولا أن يحيي في ذهنه الأحداث التي وقعت في الماضي، ولا أن يسعى للانتقام.
بالنظر إلى أن أحد أسباب النفاق والفرقة في أي مجتمع هو هذه المسألة، تتضح أهمية هذا الأمر الإسلامي في منع اشتعال نار النفاق بين المسلمين، خاصة في أواخر حياة النبي (ص).
لاستكمال هذا النقاش، يقول في الفقرة التالية: بدلاً من أن تتحدوا للانتقام من أعدائكم السابقين وأصدقائكم الحاليين، يجب أن تتعاونوا على البر والتقوى، لا أن تتعاونوا على الإثم والعدوان: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَ التَّقْوَى وَ لَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَ الْعُدْوَانِ" (المائدة: 2). في ختام الآية، لتأكيد الأحكام السابقة، تؤكد على اتقاء الله والابتعاد عن مخالفة أمره، فإن عقاب الله شديد: "وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ" (المائدة: 2).