من الشواهد على تأثير التوسل بالأنبياء (علیهم السلام) هي طلب إخوة النبي يوسف (ع) الاستغفار من أبيهم، وقد قبل ذلك منهم، حيث قال: «قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ» (يوسف: 98).

ولكن الإشارة الأكثر وضوحاً إلى هذه المسألة وردت في سورة النساء المباركة، فقد جاء المنافقون الذين أعرضوا عن الرسول الأعظم (ص) وذهبوا للتحاكم عند الطاغوت، إلى النبي (ص) وحلفوا أنهم لم يقصدوا إلا الإحسان والتوفيق.

إقرأ أيضاً:

ويقول القرآن الكريم في الردّ على كلام هؤلاء "وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا" (النساء: 64).

إن كل عبارة في نهاية هذه الآية تدلّ بوضوح على أن المجيء إلى النبي (ص) واتخاذه شفيعاً وطلب استغفاره عند الله يؤدي إلى قبول التوبة ونيل الرحمة الإلهية.

فـ "جَاءُوكَ" تدلّ على زيارة رسول الله (ص)، و"فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ" تعني التوبة والاستغفار والاعتراف بالذنب في حضرته، و"وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ" تعني التوسل وتهيئة الأسباب لنيل عناية رسول الله (ص)، و"لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمً"» تشير إلى أن نتيجة هذه الوساطة هي العفو الإلهي ونيل رحمة الله تعالى.

من اللافت أن القرآن الكريم لا يقول "إذا جاءوك فاستغفرت لهم"، بل يقول "واستغفر لهم الرسول"، وهذا التعبير يشير إلى مقام ومكانة النبي (ص) التي تؤثر في قبول توبة المخطئين.