ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّةٌ....

الدين يزيل القلق والشك من نفس المتدين

10:15 - December 13, 2022
رمز الخبر: 3489007
بيروت ـ إکنا: الدين يزيل القلق والشك من نفس المتدين، ويملأ قلبه باليقين، ويحميه من السقوط في براثن الشيطان وغوايته، ويحرِّره من بين مخالب الشهوات والأهواء والغرائز، ويمنحه طاقة روحية خلّقة يستطيع بها أن يواجه المصاعب والبلايا، ويتجاوز العقبات والأزمات، ويحقق له الأمن النفسي.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "الدِّيْنُ يعْصِمْ"

يُخطِئ من يعتقد أن الدين تنحصر آثاره على علاقة الإنسان بربه، إنه أبعد أثراً وأوسع تأثيراً في عموم حياة الإنسان، إذ يواكبه في كل خطوة من خطواته، ويحضر معه في كل موقف من مواقفه، وله في كل يوم عطاء ثري يرفده به.

إن الدين بما حوى من عقيدة وشريعة ومنظومة أخلاقية يصنع الإنسان الكامل، يدعوه إلى الخير والمعروف، وينهاه عن الشر والمنكر، ويجعل منه إنساناً متصفاً بالإيجابية الدائمة، ويعصمه من الوقوع في الخطأ والشذوذ الفكري والنفسي والأخلاقي، ويردعه عن العدوان على الآخرين، ويمنعه من تعدي الحدود التي يرسمها بينه وبينهم، ويُصَيِّره رحمة للناس وبركة عليهم.

الدين يزيل القلق والشك من نفس المتدين، ويملأ قلبه باليقين، ويحميه من السقوط في براثن الشيطان وغوايته، ويحرِّره من بين مخالب الشهوات والأهواء والغرائز، ويمنحه طاقة روحية خلّقة يستطيع بها أن يواجه المصاعب والبلايا، ويتجاوز العقبات والأزمات، ويحقق له الأمن النفسي، والأمان الاجتماعي، ويجَنِّبه القلق واليأس والقنوط، ويُحقِّق له العِزَّةَ والكرامة وعلوَّ الشأن والاحترام، ويبني له حياة مستقرة آمنة، ويمنحه هوية صحيحة ثابتة. 

الدين هو الذي منع ابن آدم من أن يقتل أخاه عندما أراد أخوه أن يقتله، لأنه كان يخاف الله ويُعَظِّم مقامه، قال تعالى: "وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴿27﴾ لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ﴿28﴾ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ"﴿29/ المائدة﴾.

الدين هو الذي عصم نبي الله يوسف (ع) من أن يستجيب لِمُراودة امرأة العزيز، فعصمه من الوقوع في الفاحشة، قال تعالى: "وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴿23﴾ وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَىٰ بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ" ﴿24/ يوسف﴾. وهو الذي جعله يلجأ إلى الله لائذا به من مكر نسوة المدينة، طالباً منه أن يحميه من أذاهن، بعد أن تم تخييره بين الاستجابة لامرأة العزيز وبين السجن، قال تعالى: "قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴿33﴾ فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ"﴿34/ يوسف﴾.

الدين هو الذي دعا أهل البيت الأطهار صلوات الله عليهم أن يُؤثروا المسكين واليتيم والأسير على أنفسهم فيطعموهم طعامهم ويبقون صائمين أياماً ثلاثة، قال تعالى: "وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ﴿8﴾ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا ﴿9﴾ إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا" ﴿10/ الإنسان﴾.

والدين هو الذي يمنع من الاعتداء على أنفس وكرامة وأموال الآخرين، قال تعالى: "... وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ"﴿190/ البقرة﴾. وهو الذي يمنع المتدين من أن يسخر ويستهزئ بالآخرين ويسُبُّهم ويسيء الظَّنَّ بهم، قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَىٰ أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَىٰ أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴿11﴾ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ"﴿12/ الحُجُرات﴾.

إن الدين يعصم، يعصم الإنسان من كل ذلك، وسوى ذلك، ويُحَصِّنه ضد الأخطاء والانحرافات والتعدي والظلم والجور والتَّعَسُّف والباطل، وإذا كان كذلك فهو ضروري لصلاح الإنسان واستقامته، وضرورة لسلامة المجتمع وأمنه وأمانه.

بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

captcha