ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّةٌ...

حریة الإنسان أعظم وأسمى من حُرّية الحيوان

23:25 - December 29, 2022
رمز الخبر: 3489247
بیروت ـ إکنا: الإنسان كذلك هو حُرٌّ، خلقه الله حُراً، وحُرّيته أعظم وأسمى من حُرّية الحيوان، هو حُرٌّ في تفكيره، وحُرُّ في إرادته، وحُرٌّ فيما يختار لنفسه.

حریة الإنسان أعظم وأسمى من حُرّية الحيوانورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "الْحُرُّ حُرٌّ وَإِنْ مَسَّهُ الضُّرُّ"

يخطئ من يظن أن الحُرِّية منحة يمنحها إنسان لإنسان، الحُرِّية لا تُعطى من أحد، ولا تُسلَب من أحد إن لم يتنازل الفرد عنها، الحُرُّ حُرٌّ بوجوده وحياته، الحَيُّ حُرُّ، كل ما فيه نُمُوٌ فهو حُرٌّ، وكل ما فيه حياة فهو حُرٌّ، الجماد وحده ليس حُراً، قطعة الخشب اليابسة ليست حُرَّة يمكنك أن تقطعها، ويمكنك أن تُشعلها، ويمكنك أن ترمي بها إلى أي جهة أردت، لأنها فاقدة للحياة، أنت تتصرف بهما كيفما شئت، وهي لا تملك شيئاً حيالك لأنها فاقِدة للحياة، أما هذه العود عندما كانت حَيَّة نامية كانت تملك شيئاً من الحُرّية، كانت تطلب غذاءها، تبحث عن الماء والهواء والضوء، كانت جذورها وأغصانها تذهب إلى حيث تجد ما تحتاج إليه، وإذا صادفها سقف فوقها كانت تميل عنه إلى جهة الفراغ، فهذا نوع من الحُرِّية، وهكذا الحيوان حياته تعطيه حُرّيته، وحُرّيته أسمى من حُرّية الشجر والنبات، الحيوان ذو إدراك غريزي للنفع والضُّرّ، أين يجد ما ينفعه يذهب إليه، وأين يجد ما يضره يجتنبه، وهو يقا.و.م من يَحدّ من حُريته، وقد يحتال للخروج من الأسر.

الإنسان كذلك هو حُرٌّ، خلقه الله حُراً، وحُرّيته أعظم وأسمى من حُرّية الحيوان، هو حُرٌّ في تفكيره، وحُرُّ في إرادته، وحُرٌّ فيما يختار لنفسه، الحُرِّية مشتركة بين كل الكائنات الحية، كل من امتلك إرادة تكوينية، أو إرادة غريزية، أو إرادة عاقلة فهو حُرٌّ، وإن تفاوتت بين كائن وكائن، فالحُرِّية تتفاوت بين الحيوان والنبات، لأن حياة الحيوان تختلف عن حياة النبات، وهي تتفاوت بين الإنسان والحيوان، لأن الإنسان يمتاز بطاقة فكرية وإرادة عظيمة، الإنسان لديه القدرة على البحث والاكتشاف والتطوير والتغيير والإبداع، ولديه القدرة على أن يتحكم بشهواته وغرائزه، فحرّيته أكمل وأعظم، إذ كلما كانت الحياة أكمل وأثرى كانت الحرية أكثر وأعظم.

*تلك هي الحقيقة وهي حقيقة كُبرى لا يجوز لأي منا أن يغفل عنها أو يتجاهلها، الإنسان مخلوق حُرٌّ، وما يكون حُرّاً ليس له أن يختار العُبودية على الحُرّية، وليس لغيره أن يستعبده أو يحُدّ من حُرّيته الطبيعية، وإلى هذه الحقيقة يشير الإمام أمير المؤمنين (ع) بقوله: "لا تَكُنْ عَبْدَ غَيْرِكَ وَقَدْ جَعَلَكَ اللهُ حُرّاً"*. ليس لك أن تكون عبداً إلا لله الذي خلقك وسَوّاك وعَدَلَك، وليس لك أن تسكت عَمّن يُصادِر حرّيتك، وليس لأحد أن يستعبدك، شخصاً كان أو حالة، أو فكرة، أو عادة، أو شهوة من شهواتك، جميع هؤلاء عليك أن تأبى أن يستعبدوك ويُذِلُّوك ويصادروا حُرّيتك.

*واعلم أن حُرّيتك لا تكون من دون أثمان، وأثمانها باهظة، ويجب أن تكون على استعداد تام لدفعها، لكن أرباحها أكثر من أن تُعَدُّ وتُحصى، أنت تولَد حُرّاً، وتَدْرُجُ في الحياة حُراً تفَكِّر وتبحث، وتريد وتعزم، الحُرّية جزء من تكوينك، لكنك تواجه في حياتك صنوفاً من المُستَعبِدين الذين يحاولون استعبادك، يحاولون أن تكون عبداً لهم، طائعاً لأوامرهم، قد يكونوا أشخاصاً، ظالمين طغاة متجَبرين، وقد يكونوا شهواتك وغرائزك، واستعباد هذه أخطر وأقسى وأسوأ أثراً من استعباد أولئك، الطغاة لا يمكنهم أن ينالوا من حُرّيتك إلا إذا استسلمت لغرائزك، حين تكون إنسانا شهوانياً غرائزياً فأنت تُسَهِّلُ على الطغاة مهمتهم، أنت تأتيهم بإرادتك، يكفيهم أن يثيروا غرائزك وشهواتك.

أن تحافظ على حريتك يعني أن تواجه الاثنين معاً الطغاة والشهوات، يعني ذلك أن يصيبك ضُرٌّ وفقر وضيق وحزن وألم، يعني ذلك أن تدخل الزنازين الضيقة، أن تكون القيود في يديك، أن تُعّذَّب بصنوف العذاب، لكن رغم ذلك ستكون حُراً، حراً في عقيدتك، وحراً في فكرك، وحراً في إرادتك، ترفض الظلم والباطل، وتؤمن بالحق وتثبت عليه.

بقلم الکتاب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

أخبار ذات صلة
captcha