ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّةٌ...

لصحبة الصاحب الصالح آثار جليلة تنعكس على حياة الفرد النفسية والاجتماعية

14:38 - December 25, 2022
رمز الخبر: 3489186
بيروت ـ إکنا: إن لصحبة الصاحب الصالح آثاراً جليلةً تنعكس على حياة الفرد النفسية والاجتماعية، فهي تُحَسِّن مزاجه بسبب قضائه وقتاً طويلاً مع صاحب صالح إيجابي، وتُعَزِّز نظرته الإيجابية للأمور، وتَعَزِّز تفكيره الإيجابي، وتجنِّبه التوتر والاكتئاب أو تُقلِّل منهما، وتساعده على الوصول إلى غاياته النبيلة وتحقيق أهدافه السامية.

لصحبة الصاحب الصالح آثار جليلة تنعكس على حياة الفرد النفسية والاجتماعيةورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "المُعِينُ على الطَّاعَةِ خَيْرُ الأَصْحابِ"

جميعنا يتأثر بقوة بمن يصادق ويصاحب، ومعظمنا إن لم يكن جميعنا تأثَّرَت بداية مشواره في الحياة بصديق أو رفيق، شاركه فكره وأخلاقه واهتماماته وتأثر بسلوكياته ونمط عَيشه، فسلك به طريقاً لم تكن تخطر في باله، سواء على الصعيد الفكري، والأخلاقي، أو على الصعيد العلمي والعملي.

إن تأثير الصاحب على صاحبه أمر لا يناقِشُ فيه إنسان عادي فضلا عن العالم والباحث، ويعلم قارئي الكريم أن الإنسان مدني بطبعه، يحب أن يخالط الناس، بل هو محتاج إلى مخالطتهم والتعامل معهم، وما من إنسان إلا ويتخذ لنفسه أصدقاء وأصحاب، خلا الشخص الذي يكون مبتلى بالتوحُّد، والصديق يؤثِّرُ على صديقه تأثيراً يكاد يكون كلياً، يؤثر عليه سلباً أو إيجاباً، سِيَّما في مرحلة الشباب حيث تكون شخصية الإنسان في طَورِ التَّشَكُّل، فإن كان الصديق صالحاً أصلحه وهذَّبه وأكسبه أخلاقاً رفيعة، وزاد في همته، وطموحه، وعلمه، ومعارفه، وارتقى به في مدارج الكمال الإنساني. 

إن لصحبة الصاحب الصالح آثاراً جليلةً تنعكس على حياة الفرد النفسية والاجتماعية، فهي تُحَسِّن مزاجه بسبب قضائه وقتاً طويلاً مع صاحب صالح إيجابي، وتُعَزِّز نظرته الإيجابية للأمور، وتَعَزِّز تفكيره الإيجابي، وتجنِّبه التوتر والاكتئاب أو تُقلِّل منهما، وتساعده على الوصول إلى غاياته النبيلة وتحقيق أهدافه السامية، وتُعَزِّز اهتمامه بالقيم الأخلاقية والالتزام بها، وتُكسبه رضا الناس والتفافهم من حوله، بسبب أخلاقه وحُسنِ تعامله معهم، وتساهم في اجتنابه السلوكيات السلبية، كما تساهم في تَطَوُّرِه المعرفي والعلمي، وتحفزه على تحصيل المزيد منه، الأمر الذي يزيد من همته وإنتاجيته، وسوى ذلك من الآثار الكثيرة التي يذكرها المتخصصون في هذا المجال. 

لكن الأهَمَّ من جميع ما سبق من آثار إيجابية لاختيار الصاحب الصالح أنه مرآة صادقة لصاحبه، يريه عيوبه ويُصلحها فيه، وتنكشف له مساوئه الأخلاقية فيزكِّيه منها، ويرى فيه خصالاً أخلاقية حميدة فيُنَمِّيها ويقويها، فيعينه على دنياه وعلى آخرته، لا يدعوه إلا إلى خير، ولا يقبل منه إلا العمل الصالح الذي يرجِع عليه بالخير والثمرة الطيِّبة، وكم من صاحب صالح سلك بصاحبه طريق الصلاح والإيمان والتقوى، وحَثَّه على الطاعة والعبادة، وأمسك بيده فارتقى به في مدارج الكمال، وهذا والله من خيرة الأصحاب الذين يجب أن يطلبهم المرء ويبحث عنهم كمَن يبحث عن الكنوز المُخَبّأة في باطن الأرض، وقد جاء في الحديث عن الإمامِ الحسن بن عليِّ المُجتَبى (ع في وَصِيَّتِهِ لجُنادَةَ في مَرَضِهِ الذي تُوُفِّيَ فيهِ: "اِصحَبْ مَنْ إذا صَحِبتَهُ زانَكَ، وإذا خَدَمتَهُ صانَكَ، وإذا أرَدتَ مِنهُ مَعونَةً أعانَكَ، وإنْ قُلتَ صَدَّقَ قَولَكَ، وإنْ صُلْتَ شَدَّ صَولَكَ، وإنْ مَدَدتَ يَدَكَ بِفَضلٍ مَدَّها، وإنْ بَدَت عنكَ ثُلمَةٌ سَدَّها، وإنْ رَأى‏ منكَ حَسَنةً عَدَّها، وإنْ سَألتَهُ أعطاكَ، وإنْ سَكَتَّ عَنهُ ابتَدَأكَ، وإنْ نَزَلَت إحدَى المُلِمّاتِ بهِ ساءَكَ".

وإنْ كان الصاحب فاسداً هبط بصاحبه من علياء الإنسانية الكريمة إلى قعر بعيد الغَور، فسلك به مسالك الشيطان، وزَيَّن له سوء الأعمال، ودعاه إلى قبيح الخصال، وقاده إلى مهاوي الرَّدى، وأكسبَه السُّمعة السيِّئَة في الدنيا وفي الآخرة، ومِثْلُ هذا يكون مصداقاً لمن وصف حاله الله تعالى يوم الدين حيث قال: "وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا ﴿27﴾ يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا ﴿28﴾ لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا"﴿29/ الفرقان﴾.

ورُوِيَ عن الإمام عَلِيٍّ (ع) أنه قال: "صُحبَةُ الأشرارِ تَكسِبُ الشَّرَّ، كالرِّيحِ إذا مَرَّت بِالنَّتِنِ حَمَلَت نَتِناً". وقال: "مُصاحِبُ الأشرارِ كَراكِبِ البَحرِ؛ إن سَلِمَ مِنَ الغَرَقِ لَم يَسلَمْ مِنَ الفَرَقِ" أي الخوف والقلق.

بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية "السيد بلال وهبي"

أخبار ذات صلة
captcha