ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّةٌ....

إختيارات المؤمن منسجمة مع عقيدته وشريعته وقيمه الأخلاقية

15:13 - December 17, 2022
رمز الخبر: 3489065
بيروت ـ إکنا: إختيارات المؤمن تكون منسجمة مع عقيدته وشريعته وقيمه الأخلاقية.

و رُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "التَّقَلُّلُ وَلا التَّذَلُّلُ"

في حياتنا قارئي الكريم تصادفنا الكثير من المواقف التي نُخَيَّرُ فيها بين الحَسَنِ والقبيح، والصَّحِّ والخطأ، والحق والباطل، والعزة والذِّلَّة، والغِنى والفقر، والعدل والظلم، وسوى ذلك من المواقف التي يجب أن نختار واحداً من اثنين، أو واحداً من خيارات عديدة.

ولا شكَّ في أن لكل خيار ثَمَنٌ علينا أن ندفعه، وحيال هذا الأمر يمتاز إنسان عن إنسان، فالأشخاص يمتازون بخياراتهم، ولو أنهم تساووا فيها لما امتاز أحد عن أحد.

وإذا كان بعض الناس تدفعه المصلحة والمنفعة حصراً ليختار ما يختار ولو تعارض ذلك مع عقيدته وشريعته وقيمه وهو ما يُعرَف بالإنسان النفعي أو البراغماتي وهؤلاء كثير، فإن المؤمن يختار الموقف الذي ينسجم مع عقيدته وقِيَمه والشريعة التي يؤمن بها إذ: "...كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَىٰ شَاكِلَتِهِ..."﴿84/ الإسراء﴾. أو يختار الموقف الذي ينسجم مع مصلحته إن كان الخياران لا يتعارضان مع ما يؤمن به، فيختار ما يراه الأَصلَح له، أو الأقل كلفة، مرتكزاً في ذلك على تقديم الأهم على المهم.

إن اختيارات المؤمن تقوم على الأسس التالية:

أولاً: أن تكون منسجمة مع عقيدته وشريعته وقيمه الأخلاقية، فما تجيزه هذه المنظومة الثلاثية الأركان أو تبرره يختاره ويفعله، وما لا تجيزه ولا تبرره فلا يختاره.

ثانياً: ألّا يكون فيه فيما يختاره ذُلُّ أو مهانة، لأن الله تعالى "فَوَّضَ إلى المُؤمِنِ من أمره كلَّ شيءٍ ولم يُفوِّض إليه أن يُذِلَّ نفسَهُ". 

ثالثاً: إذا كان للخيار الذي يختاره نفع دنيوي، ولكنه يؤدي به إلى النار والعار في الآخرة فإنه يفضل اجتناب العار على النفع الدنيوي، ولو كان له نفع أخروي وضرر دُنيوي فإنه يختار ما له النفع الأخروي لأنه الأعظم والأدوم والأبقى، وهذا المبدأ هو الذي كَشفَ عنه الإمام الحسين (ع) في قوله الذي نُقِلَ عنه: "المَوْتُ أَولى مِنْ رُكوبِ العارِ ... والعارُ أَولى مِنْ دُخولِ النّارِ".

ما ذكره الإمام أمير المؤمنين(ع) بقوله: "التَّقَلُّلُ وَلا التَّذَلُّلُ" يجري وفق الأسس المتقدمة، فإذا خُيِّرَ المؤمن بين القلة مع العِزَّة، أو الكثرة مع الذِّلَّة، فإنه يختار القِلَّة على الذِّلَّة، فحيثما أمكن دفع الذِّلَة بدفع المال فيجب عليه أن يفعل ذلك.

السؤال المطروح: هل يحدُث ذلك؟ هل يحدث أن يُخَيَّرَ الإنسان بين القلَّة أو الذِّلَّة؟

الجواب: نعم، وهذا كثير، فكم من فقير كَرِهَ الفقر فلجأ إلى السَّرِقة واللصوصية والرشوة والقتل، فاختار الذلة على القِلَّة، وكم من شخصٍ أباح عِرضه وتنازل عن كرامته لينال حفنة من المال، وكم من عميل باع قومه ودينه وأفشى أسرار وطنه للعدو برجاء الغِنى فإذا بالعار وصمة على جبينه.

"التَّقَلُّلُ وَلا التَّذَلُّلُ" هذا هو الخيار الأصح، والخيار الأسلم لك ولدينك، ولدنياك وآخرتك، فاجعله مبدأك وشعارك في الحياة، وأقِم مصيرك كله عليه. 
 
بقلم الكاتب والباحث في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

captcha