ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّةٌ...

الإسلام يؤكد على ضرورة أن يكون المسلم سَمْحاً في جميع تعاملاته

13:56 - February 08, 2023
رمز الخبر: 3489871
بيروت ـ إکنا: أكد الإسلام على ضرورة أن يكون المسلم سَمْحاً في جميع تعاملاته، وخصوصاً في بيعه وشرائه، فقد رُوِيَ عن رسول الله (ص) أنه قال: "رَحِمَ اللهُ رَجُلاً سَمْحاً إِذا بَاعَ، وَإِذا اشْتَرى، وَإِذا اقْتَضَى".

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "أَسْمَحُكُمْ أَرْبَحُكُمْ".

السَّماحَةُ: الجُودُ والإعْطاءُ، ومِن مَعانِيها أيضًا: السَّخاءُ والسَّعَةُ والمُتابَعَةُ، وبذل ما لا يجب تفضلا، والجود عن كرم وسخاء، وتيسير في المعاملة، وملاينة في المحادثة، ومفاهمة جميلة، وصَفح وتجاوز، وإغضاء عن الهَفَوات والزلّات، وطلاقة في الوجه، واستقبال للناس بالبشر، وحسن مصاحبةٍ للأهل والإخوان وسائر الخلق.

والسماحة خلق يحوي أخلاقاً كثيرةً، من الجود واللين، والتسامح، والرِّضا، وحُسْنِ العِشرة، وتفادي السلوك الخَشِنِ والمتعصّب، واستعمال معالي الأخلاق، والتغافل، وبذل الحقوق، وترك المُشاحَّة، والنفس السمحة كالأرض الطيبة الهينة المستوية، فهي لكل ما يُرَاد منها من خير صالحة، إن أردت عبورها هانَتْ، وإن أردت حرثها وزراعتها لانَتْ، وإن أردت البناء فيها سَهُلَت، وإن شئت النوم عليها تمَهَّدت.

وبما تقدم من معاني السماحة يظهر أنها قوة في النفس، يتمكن بها المَرء أن ينفتح على الآخرين ويتواصل معها بشكل إيجابي، فهي تبعث لهم بإشارات الرضا، والجود، والعطاء، والتضامن، والتكافل، واللِّين، والتواضع، فيكون ذلك داعياً لمحبتهم له، وتفضيلهم التعامل معه على التعامل مع سواه، وبذلك تنفتح أمامه الأبواب على آفاق رحيبة، فيكثر عليه الخير، ويزيد رزقه، وكلما كان متسامحاً وسَمحاً في تعامله وقيادته وتجارته، زاد رضاه النفسي واستقراره العاطفي، وأعانه ذلك على تجنُّب الصراعات والنزاعات التي تسلبه راحة البال وطمأنينته، وكلما انتشرت ثقافة السماحة والتسامح في المجتمع استقرَّ واطمأن وتعاون وتكافل، وتمكن من تجاوز المُشاحنات والخِلافات التي إن عصفت به أحالته مجتمعاً مُفَكَّكاً لا يذوق أفراده طعم السَّكينة والسلام والسعادة.

لقد أكد الإسلام على ضرورة أن يكون المسلم سَمْحاً في جميع تعاملاته، وخصوصاً في بيعه وشرائه، فقد رُوِيَ عن رسول الله (ص) أنه قال: "رَحِمَ اللهُ رَجُلاً سَمْحاً إِذا بَاعَ، وَإِذا اشْتَرى، وَإِذا اقْتَضَى" فهو يبيع بسهولة ويُسرِ فلا يتسمَّر على سِعرٍ محدَّد، ولا يطلب ربحاً يُجحِف بالمشتري، ولا يماكس إذا اشترى، وإذا طالب بحقه طالب بسهولة ويُسُرٍ، وإذا قضى ما عليه قضاه دون مماطلة وتسويف، ومن يكن كذلك فحظُّه مَوفور، ورزقه وفير، إن البائع الذي يبيع بيُسرٍ وسعر مناسب، ويتساهل مع الزبون، ويكون مرِناً معه، ويبتسم في وجهه، ويتعاطف معه، ويبني معه علاقة صداقة دائمة، ويحرص على إرضائه، ويترك انطباعاً إيجابياً لديه، ويكون معه صادقاً، شفافاً، كريماً، لَبِقاً هو بائع ناجح بلا شك، وجدير بالثقة، والناس يقبلون عليه من كل حَدَبٍ وصوب.

إن الإسلام كما يدعو المسلم إلى أن يُحِبَّ لغيره ما يُحِبُّ لنفسه، يدعوه كذلك إلى أن يعاملهم كما يُحبُّ أن يعاملوه، فعندما يأتيه الشاري يعامله كأنه هو الشاري، وعندما يأتي هو البائعَ يعامله كأنه هو البائعُ، وعندما يطالِب بدَينه يتفهَّم حال الطرف الآخر، فإن كان مُعْسِراً أنظَرَه وأمهَلَهَ حتى تتيَسَّر أموره، إن المرء إذا ما كان كذلك سيكون ملجأً للناس ومَهوىً لقلوبهم بلا شك، ومن يكن كذلك فهو رابح أبداً حتى ولو كانت أرباحه المالية قليلة، لكن ربحه المعنوي كثير، وإقبال الناس عليه عظيم، وثقتهم به وحبُّهم التعاملَ معه أمر لا يُشترى بمال.

هذه هي السماحة التي يحمدها الإسلام، ويدعو إليها، والله يُثيب عليها، إنها تراحم وتعاطف وتكافل بين العباد، وخُلُق كريم، وصفات محمودة إن اتصف بها المرء دل ذلك على نقاء سريرته، وصفاء قلبه، وتحرره من الأنا، وكان جديراً بأن تهوي القلوب إليه.

بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

أخبار ذات صلة
captcha