ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّةٌ...

سِرّ الأمر الإلهي بمودة أهل بيت النبي(ع)

17:31 - February 17, 2023
رمز الخبر: 3489999
بيروت ـ إکنا: قال تعالى: "... قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ..."﴿23/ الشورى﴾. فهناك ما يقْرُبُ من الإجماع بين المسلمين على أن المراد بالقربى هنا قرابة رسول الله (ص) وبالتحديد آله الأطهار (ع) الذين أذهب الله عنهم الرِّجْسَ وطَهَّرَهم تطهيراً.

رُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "أَقْرَبُ الْقُرَبِ مَوَدّاتُ الْقُلُوبِ".

لا مسافات تفصل بين القلوب، فلو كان واحد يعيش في الأرض وآخر يعيش على سطح القمر فإن المودَّة تجمع بين قلبيهما، ولو كان أحدهما قد عاش قبل عشرات القرون وجاء الآخر بعده بعشرات القرون وكان يودُّه في الله فإن مودته تتخطى حاجز الزمن، ويشعر المُحِبُّ أن محبوبه حاضرٌ معه، فينشد إليه بحبل المودة، ويُصَيِّره قدوة له يقتدي بها، ويتقرب إليه بصنوف الاحترام والتقدير، ويحرص على إرضائه وطلب محبته.

ألا ترى قارئي الكريم عُمق مودتك لأشخاص بعيدين عنك لم ترهم ولم يروك، وهم عظماء في نفسك، وبينك وبينهم قرون طويلة؟! إن المودة والمحبة تتجاوز الزمان والمكان، فتجعل من البعيد قريباً، وممن مضى حاضراً.

المودة: أمتن الروابط وأقواها على الإطلاق، خصوصاً إذا ما كانت لله وفي الله، فإنها تزداد متانة مع الأيام، والتجربة الإيمانية خير برهان على ذلك، إن المؤمن اليوم رغم الفاصلة الزمنية بينه وبين الأنبياء والرسل سيما خاتمهم محمد (ص) تزداد يوماً بعد آخر، ويزداد رسول الله (ص) حضوراً وتأثيراً في حياته، بل إن المؤمن اليوم أطوع له من أولئك الذين صَحِبوه، والإمام عَلِيٌّ (ع) أكثر حضوراً وأكثر تأثيراً في قلوب محبيه والمُعجَبين بفكره وشخصيته، والحرارة في قلوب المؤمنين لسيد الشهداء الإمام الحسين (ع) تزداد اتقاداً وتوَهُّجاً يوماً بعد آخر، ويزداد الإمام الحسين (ع) حضوراً وتأثيراً في صناعة حاضر المؤمنين، بل في صناعة حاضر الإنسانية.

وبهذا يتضح لنا سِرَّ الأمر الإلهي بمودة أهل بيت النبي (ص) قال تعالى: "... قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ..."﴿23/ الشورى﴾. فهناك ما يقْرُبُ من الإجماع بين المسلمين على أن المراد بالقربى هنا قرابة رسول الله (ص) وبالتحديد آله الأطهار (ع) الذين أذهب الله عنهم الرِّجْسَ وطَهَّرَهم تطهيراً، والمراد من المودَّة المأمور بها أبعد من العلاقة العاطفية المجردة، إنها تعني التَّأسّي والاقتداء بهم، والإيمان بمقامهم وولايتهم وخلافتهم عن رسول الله (ص)، والرُّجوع إليهم في فهم الدين وشريعته، فهذا هو الذي يُقَرِّب المؤمن من الله تعالى، فالمَوَدة تُقَرِّبُ المُؤمن من أوليائه، وأولياؤه يقربونه من الله.

وهكذا الحال في حُبِّ المؤمن لله تعالى فرغم أن الله لا يحده مكان ولا زمان، ولكن المؤمن يشعر أن الله معه وقبله وبعده، حُبُّه لله يُشعره بقربه، ولا يراه بعيداً البَتَّةَ، وقد قال تعالى: "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ..."﴿186/ البقرة﴾ وقال تعالى: "...وَاللَّهُ مَعَكُمْ..."﴿35/ محمد﴾.

وما ينبغي أن نذكره أن المَوَدَّة ليس من طرف واحد، ليست من طرف العبد تجاه الله، بل هي من الطرفين فالله يُحِبُّ عبده، والعبد يُحبُّ الله، بل إن الله هو الذي يبدأ عبده بالحبِّ، والعبد يتلَقّاه ثم يبادل الله الحُبَّ. وهذه العلاقة هي أعمق علاقة يمكن أن تُبنى بين العبد وربِّه، وآثارها على العبد أكثر من أن تحُصى، وبركاتها أكثر من أن تُعَد.

ومن أهمَّ آثارها طاعة العبد لله طاعة مُطلقة، والتسليم الكامل لأمره، لأن المُحِبَّ يعلم أن محبوبه لا يأمره بشيء إلا إذا كان فيه نفع له، ولا ينهاه عن شيء إلا إذا كان فيه مضرة ومفسدة له.

بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

أخبار ذات صلة
captcha