ایکنا

IQNA

حُسنَ التدبير يعتبر من أهم الطرق التي نتعرَّف بها على الله

22:56 - February 11, 2023
رمز الخبر: 3489912
بيروت ـ إکنا: إن حُسنَ التدبير يعتبر من أهم الطرق التي نتعرَّف بها على الله تعالى، فهو برهان على وجوده سبحانه وتعالى لا يقبل التشكيك، إنك لا تجد كائِناً صَغُرَ أم كَبُرَ إلا وهو مُدَبَّرٌ تدبيراً فائقاً مُتقناً، يمضي في وجوده وفق نظام معقد.

حُسنَ التدبير يعتبر من أهم الطرق التي نتعرَّف بها على اللهورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "أَدَلُّ شَيْءٍ عَلى غَزارَةِ الْعَقْلِ حُسْنُ التَّدْبيرِ".

إن أردت أن تستدلَّ على عقل الرجل فانظر في تدبيره وإدارته، فإن كان يُحسِن تدبير أموره، ويتقن إدارة شؤونه فذلك دليل على وفورٍ في عقله، وغزارة في علمه وخبرته، وهذا استدلال بالأَثَر على المُؤَثِّر، وبالفعل على الفاعل، وعلى هذا مضى الناس قديماً وحديثاً في حكمهم على الأشخاص فإنهم إن رأوا منهم أعمالاً مُتقَنَة تامَّة ناجحة، وتدبيراً علمياً حَسَناً، اطمئنوا إلى رأيهم، وركنوا إليهم في الكثير من شؤونهم. وإن رأوا منهم فشَلاً متمادياً في إدارة شؤونهم نأَوا وانصرفوا عنهم إلى غيرهم.

والحقُّ أن حُسنَ التدبير يعتبر من أهم الطرق التي نتعرَّف بها على الله تعالى، فهو برهان على وجوده سبحانه وتعالى لا يقبل التشكيك، إنك لا تجد كائِناً صَغُرَ أم كَبُرَ إلا وهو مُدَبَّرٌ تدبيراً فائقاً مُتقناً، يمضي في وجوده وفق نظام معقد، ويتلاءم مع بقية المخلوقات في إطار منظومة مُدهشة، إن كل ذلك من تدبير مُدبِّر، وهو الله تعالى، ومُحال أن يكون من تِلقاء نفسه، فالتدبير يدلنا على عظمة قدرته وعلمه وحكمته ورحمته ولُطفه. وإن إمعان النظر في الكون والوقوف على شيء من عظمة التدبير الإلهي يشد القلب تلقائياً إلى ذلك العظيم القادر الذي كَوَّنَ وأبدع، ونظَّم ودبَّر. قال تعالى: "اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ"*﴿2/ الرعد﴾

*الحق: إن كل شيء في الوجود قائم على حُسْنِ التدبير، ولولا حُسنِ تدبيره من قبل الرَّب المدبر الحكيم لما استقرَّ له حال، ولا وصل إلى غاياته، ولا بلغ أدنى مراتب كماله الوجودي.

أما الإنسان العاقل فلا يمكنه إلا أن يُحْسِنَ التدبير في مختلف شؤونه، يُحْسِنُ تدبير حياته، وعمره، وماله، وإمكاناته، ومختلف أعماله، ويُحسن تدبير شؤون من يعيل، ومن يدير، ومن يَسوسُ ويقود، فكل ما له تأثير في حياته، أو ما هو مسؤول عنه لا يضيعه، ولا يفرط به، معرفة منه أن ما يضيع لا يعود، وأن خسارته قد لا يقدر على تعويضها، بل يدرك أنه لا ينبغي له أن يُضيِّع ما استُحْفِظَه واؤتمِنَ عليه، سواء كانت أمانة الله أم كانت أمانة البشر.

والتدبير في الأمر: أن تنظر إلى ما تؤول إليه عاقبته، وأن تخطط له بعقلانية وروية وفِطنة، وترصد عواقبه، وعواقب كل خطوة من خطواته قبل الإقدام عليها، وقد عرَّفه المتخصِّصون في عِلمِ الإدارة أو فَنِّ الإدارة بأنه: عبارة عن مجموعة من العمليات والتقنيات والآليات والخطط الإجرائية التي يعتمد عليها المدبر لتنفيذ الأنشطة والتعليمات والمشاريع في إطار زمني ومكاني معين، انطلاقا من كفايات وأهداف محددة، واعتماداً كذلك على مجموعة من الموارد والطرائق والوسائل، سواء أكانت مادية أم معنوية.

وقد ارتبط التدبير بالإنسان من بدايات وجوده في الأرض، فقد كان ينهج في حياته العملية سلوكا تدبيرياً قائماً على التخطيط والتنظيم والتنسيق والقيادة والمراقبة، ولا شك في أن العاقل أحرص البشر على انتهاج هذا السلوك في حياته كلها.

بقلم الكاتب والباحث القرآني في الدراسات القرآنية "السيد بلال وهبي"

أخبار ذات صلة
captcha