ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّةٌ...

الإسلام يُمَجِّدُ العلم ويشرِّفه ويعتبره رأس الفضائل كلها

16:19 - April 11, 2023
رمز الخبر: 3490700
بيروت ـ إکنا: الإسلام يُمَجِّدُ العلم ويشرِّفه ويعتبره رأس الفضائل كلها، بل غاية الفضائل، فلا فضل يعدوه، ولا غاية أسمى من غاياته، ويصفه بأنه حجاب من الآفات، ومصباح العقل، ونعم الدليل، وأفضل هداية، وجَمالٌ لا يخفى، ونسيبٌ لا يَجفى، وزَين الأغنياء، وغِنى الفقراء، ويرفع الوضيع، وتركه يَضَعُ الرَّفيع، وأن الشريف من شرَّفه العلم، وأنه أفضل زينة.

 رُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "آفَةُ الْعِلْمِ تَرْكُ الْعَمَلِ بِهِ".

يكفي العلمَ شرفاً أن كل الناس يَدَّعونه، ويكفي الجهل رذالة أنهم جميعاً يتبرؤون منه، العلم أشرف ما يناله الإنسان في دنياه، إنه ليرفع صاحبه درجات ودرجات، يرفعه في الدنيا ويجعله شخصاً كثير النَّفع، فتهفو إليه القلوب وتجتمع على إجلاله وتعظيمه الأفئدة، والناس في الدنيا يتفاضلون بالعلم والعقول لا بالمال والأصول كما جاء عن الإمام علي (ع)،  ويرفعه في الآخرة لأنه يأتي آمناً مطمئنا بما أطاع الله عن معرفة ويقين، قال الله تعالى: "...يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ..." ﴿11/ المجادلة﴾ ورُوِيَ عن رسول الله (ص) أنه قال: "قَلبٌ لَيسَ فيهِ شَي‏ءٌ مِنَ الحِكمَةِ كَبَيتٍ خَرِبٍ، فتَعَلَّموا، وعَلِّموا، وتَفَقَّهوا، ولا تَموتوا جُهّالاً، فإنَّ اللَّهَ لا يَعذِرُ عَلَى الجَهلِ".

وفي هذا دعوة إلى طلب العلم والجِدِّ في طلبه، فبالعلم يعُرَف الله، وبالعلم يعرف الإنسان الغاية من وجوده في الحياة، وبالعلم يتعرَّف الكون الذي يعيش فيه، وبه يعرف قوانينه ونُظُمه، وبه يُشَيِّد أركان الحضارة الإنسانية، وبه يقيم الحياة الإنسانية الطيبة، وبه يخترع ويبتكر ويتطور، وبه يعرف نهاية رحلته وأنه راجع إلى الله، وبه يكون من السعداء في النشأة الآخرة، وإذا كان العلم أساس وسَببُ ما تقدم ذكره فمن الطبيعي أن ينشط المَرءُ في طلب العلم، وأن يستفرغ كل أيامه فيه، بحيث لا تمرّ عليه لحظة من لحظاته إلا ويزداد فيها علماً ومعرفة، وأَلّا يكتفي بَقْدٍر محدود منه، فإن العلم خزائن كلما فُتِحَت خزانة من خزائنه وجد فيها خزائن أخرى لا تنتهي، ولذلك قال بعضهم: كلما ازددت علماً وجدت أن ما أجهله أكثر بكثير مِمّا أعرفه، وهذه البشرية لم تزل تكتشف مع كل ساعة مزيداً من العلوم والمعارف، بل ما زالت مع كل لحظة تنفتح لها نوافذ على أمور مجهولة تتطلب البحث والاكتشاف.

الإسلام يُمَجِّدُ العلم ويشرِّفه ويعتبره رأس الفضائل كلها، بل غاية الفضائل، فلا فضل يعدوه، ولا غاية أسمى من غاياته، ويصفه بأنه حجاب من الآفات، ومصباح العقل، ونعم الدليل، وأفضل هداية، وجَمالٌ لا يخفى، ونسيبٌ لا يَجفى، وزَين الأغنياء، وغِنى الفقراء، ويرفع الوضيع، وتركه يَضَعُ الرَّفيع، وأن الشريف من شرَّفه العلم، وأنه أفضل زينة.   

ويسمو الإسلام بطلاب العلم والعلماء ويقيمهم في الدرجة الأولى من الإنسانية، ويعتبر أن إنسانية الإنسان في تكامل دائم، وأن تكامله رهن تعلمه، فكلما استزاد من العلم تكامل وسما وارتقى. ولذا رُوِيَ عن رسول الله (ص) أنه قال: "إذا أَتَى‏ عَلَيَّ يَومٌ لا أَزْدادُ فِيْهِ عِلماً يُقَرِّبُني إلَى اللَّهِ تَعالى،‏ فَلا بُورِكَ لي في طُلوعِ شَمسِ ذلكَ اليَومِ!".

لكن العلم وحده لا يكفي قارئي الكريم، فهناك شيء أهم منه وهو العمل به، إن العلم بلا عمل كالشجرة بلا ثمر، وهو من أبلغ الحجج التي يحتج الله بها عليه، فإذا كان الجاهل معذوراً لجهله، فإن العالم مؤاخذ لترك العمل بعلمه، وفي الجوهرة التي تصدرت هذه المقالة يعتبر الإمام عليٌ (ع) أن آفة العلم ترك العمل به، إذ لا فرق بين الجاهل وبين العالم الذي لا يعمل بعلمه، لا فرق، كلاهما سواء بسواء.

وفي حديث شريف يبين الإمام عليٌّ (ع) ثمرة العلم فيقول: "رَأسُ العِلمِ التَّواضُعُ ... ومِن ثَمَراتِهِ التَّقوى‏، وَاجتِنابُ الهَوى‏، وَاتِّباعُ الحَقِّ، ومُجانَبَةُ الذُّنوبِ، ومَوَدَّةُ الإخوانِ، وَالاستِماعُ مِنَ العُلَماءِ والقَبولُ مِنهُم. ومِن ثَمَراتِهِ تَركُ الانتِقامِ عِندَ القُدرَةِ، وَاستِقباحُ مُقارَبَةِ الباطِلِ، وَاستِحسانُ مُتابَعَةِ الحَقِّ، وقَولُ الصِّدقِ، وَالتَّجافي عَن سُرورٍ في غَفلَةٍ، وعَن فِعلِ ما يُعقِبُ نَدامَةً. وَالعِلمُ يَزيدُ العاقِلَ عَقلاً، ويُورِثُ مُتَعَلِّمَهُ صِفاتِ حَمدٍ، فيَجعَلُ الحَليمَ أميراً، وَذا المَشوَرَةِ وَزيراً، ويَقمَعُ الحِرصَ، ويَخلَعُ المَكرَ، ويُميتُ البُخلَ، ويَجعَلُ مُطلَقَ الفُحشِ مَأسوراً، ويُعيدُ السَّدادَ قَريباً"

بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

captcha