ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّة...

الدين لا يكتمل إلا بالورع عن محارم الله واجتناب نواهيه

15:11 - May 12, 2023
رمز الخبر: 3491113
بیروت ـ اکنا: ان الدين لا يكتمل إلا بالورع عن محارم الله واجتناب نواهيه، ولذلك كلما زاد إيمان المرء زاد ورعه، فإذا وجدنا منتسباً إلى الدين لا يتورَّع عن الشبهات فضلاً عن المحرمات الواضحة فذلك يكشف عن نَقص في تدينه وضَعف في إيمانه.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "آفَةُ الْوَرَعُ قِلَّةُ الْقَناعَةِ".

الوَرَعُ لغةً:* اجتناب المُشتبهات خوفاً من الوقوع في المحرمات، وفسَّره الإمام علِيٌّ (ع) بقوله: "الوَرَعُ اجتِنابٌ" سواء كان اجتناباً للمحرم أم للمكروه، وفي حديث آخر قال: "أصلُ الوَرَعِ تَجَنُّبُ الآثامِ، والتَّنزُّهُ عنِ الحَرامِ".

وفي حديث ثالث قال: "إنّما الوَرَعُ التَّحَرّي في المَكاسِبِ، والكَفُّ عنِ المَطالِبِ".

والتحرِّي أن يُدقق المرء في مكاسبه كي تكون من طريق الحلال لا الحرام ولا المشُتَبه، والكَفُّ عن المطالب ألّا يطلب فوق حاجته، فإن ما يزيد عن الحاجة يوقع الإنسان في الإسراف والتبذير وكلاهما محرم.

وفي حديث رابع قال: "الوَرَعُ الوُقوفُ عِندَ الشُّبهَ"*. أي ما يشتبه عليه أمره أحلال هو أم حرام يقف عنده ولا يفعله أو يتناوله أو يأكله أو يقوله حسب نوع الأمر المشتبه.

وذكر رسول الله (ص) صفات الشخص الوَرِع بقوله: "الوَرِعُ الّذي يَقِفُ عِندَ الشُّبهَةِ" وتكلَّم صلوات الله عليه وآله عن الورع ومكانته من الإيمان وأهميته كواحدة من الصفات الأساسية التي يجب أن يتصف بها المؤمن فقال: "الوَرَعُ سَيِّدُ العَمَلِ، مَن لَم يَكُن لَهُ وَرَعٌ يَرُدُّهُ عَن مَعصيَةِ اللَّهِ تعالى إذا خَلا بها لَم يَعبَأِ اللَّهُ بسائرِ عَمَلِهِ، فذلكَ مَخافَةُ اللَّهِ في السِّرِّ والعَلانِيَةِ، والاقتِصادُ في الفَقرِ والغِنى، والعَدلُ عِندَ الرِّضا والسُّخطِ".

ومن التعاريف المتقدمة يتبين لنا المكانة الكبرى التي يحتلها الورع من الدين، فهو كما وصفته الروايات الشريفة أُسُّ الإيمان، ومِلاكُ الدِّين ورأسه، وسَيِّد العمل، وجاء في روايات أخرى أن خير الدين الورع، وأن الإيمان ينتهي إليه.

أي أن الدين لا يكتمل إلا بالورع عن محارم الله واجتناب نواهيه، ولذلك كلما زاد إيمان المرء زاد ورعه، فإذا وجدنا منتسباً إلى الدين لا يتورَّع عن الشبهات فضلا عن المحرمات الواضحة فذلك يكشف عن نَقص في تدينه وضَعف في إيمانه، ولذلك جاء عن الإمام أمير المؤمنين (ع) قوله: "قُرِنَ الوَرَعُ بِالتُّقى". فحيث تكون التقوى يكون الورع، وحيث لا يكون ورع لا تكون التقوى.

يبقى أن نثير السؤال التالي: لماذا كل هذا التأكيد على الورع؟ الجواب: إن المنهج الديني في صناعة الإنسان الكامل يقوم على وقايته من الوقوع في الحرام وتجنيبه كل ما يتأتى منه الضُرُّ عليه، منهج الوقاية أَصْلٌ يعتمده الإسلام في تشريعه للإنسان، يدرأ به كل ما يضُرُّه روحياً وبدنياً.

والوِقاية خير من العلاج، وأسهل منه، فأن يقي المرء نفسه من الوقوع في الحرام، أسهل بكثير من أن يعالج نفسه إذا وقع فيه، فإن للعلاج أثماناً باهظة، وقد لا ينفع، أمّا الوقاية فإنها تصونه وتدفع عنه فلا يضطر معها إلى العلاج. وعلى ضوء ما سبق يتبين أن الورَع يقي الإنسان من الوقوع في الحرام، ولهذا وصفه الإمام أمير المؤمنين (ع) بأنه مَعقِل حيث قال: "لا مَعقِلَ أحرَزُ مِن الوَرَعِ" والمعقِلُ هو المكان الذي يحتمي فيه الإنسان، وجمعه معاقل.

ووصفه أيضا بأنه جُنَّة حيث قال: "الوَرَعُ جُنَّةٌ". والجُنَّةُ ما يقي الإنسان ويحميه ويُحَصِّنُه وجمعها جُنَنٌ. ثُمَّ ما علاقة القناعة بالورع واعتبار قِلَّتها آفة من آفاته؟ الجواب: القناعة: أن يقتنع بالحلال عن الحرام، وحلال الله كثير، وكل ما في الأرض مُحَلَّل للإنسان إلا قليل حرَّمَه الله دفعاً لِمَضارِّه ومفاسده عن الإنسان، وفي الحلال غَناء حقيقي عن الحرام والمشتبه بحرمته، فإنه يُلَبِّي جميع حاجات الإنسان، ومعه لا حاجة إلى الحرام سواء كان واضحاً أم مُشتبها، فمن لا يكتفي به بل تتوق نفسه إلى الحرام فإنه يُصيب ورعَه في مقتل، ومن لا ورَعَ له لا دين له.

بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنیة السيد بلال وهبي

captcha