ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّة...

المباكرة إلى العمل والإستشارة

8:15 - June 21, 2023
رمز الخبر: 3491646
بيروت ـ إکنا: هناك وصيتان مُهمتان يوصي بهما الإمام علي (ع): الأولى: المُباكَرة إلى العمل، والثانية: الاستشارة. وفي كليهما بركة وفلاح، وكلاهما يساعدان على تحقيق أكبر قَدْرِ مُمكن من الإنجازات والنجاح.

ورُوِيَ عن الإمام علِي (ع) أنه قال: "باكِرُوا فَالْبَرَكَةُ فِي الْمُباكَرَةِ، وَشاوِرُوا فَالْنُّجْحُ فِي الْمُشاوَرَةِ".

وصيتان مُهمتان يوصي بهما الإمام أمير المؤمنين (ع): الأولى: المُباكَرة إلى العمل، والثانية: الاستشارة. وفي كليهما بركة وفلاح، وكلاهما يساعدان على تحقيق أكبر قَدْرِ مُمكن من الإنجازات والنجاح.

أمّا المُباكَرة: فقد يُراد منها التبكير إلى العمل، أي أداء كل عمل في أوّل وقته دون تسويف ومماطَلة، ولا سَهو عنه، ولا تأجيل له إلى آخر وقته، كأن يُؤَدّي الصلاة في أول وقتها، وهو المسمى بوقت الفضيلة، وما سُمِّيَ بوقت الفضيلة إلا لأن ثواب أدائها في هذا الوقت المُحدَّد يَفْضُل في الثواب على أدائها في وقت متأخر، فضلاً عن تأديتها قضاءً أي خارج وقتها المُحدَّد في الشريعة، وهكذا الحال لو أراد أن يزرع زرعاً فيزرعه في أول وقته ولا يؤخِّره عن وقته اللازم، فإن التأخُّر في زرعه قد يؤدي إلى عدم نباته أو ضعف في نموه، وهكذا في سائر الأعمال.

وقد يُراد منها التبكير يومياً في الخروج إلى العمل، فلا يتأخَّر في الخروج حتى ترتفع الشمس، أو يمضي مقطع مُهِمٌّ من اليوم، بل يبدأ أعماله في الصباح الباكر، وهذا ينسجم مع عالم الطبيعية فإننا نرى الزُّهور تتفتح مع بزوغ الشمس، والحيوانات والحشرات تنهض إلى طلب رزقها بعد طلوع الفجر ولا تتأخَّر عن ذلك الوقت، وقد قال رسول الله (ص): "بُورِكَ لأُمَّتي في بُكُورِها" والبركة: هي الزيادة والنَّماء، ويوصف بها كل شيء لَزِمَه وثبت فيه خير إلهي كثير.

ولا يختلف عاقلان في أن في التبكير بركة وخير، إذْ فيه استثمار أَمْثَلٌ للوقت، والوقت أغلى ما يملكه الإنسان، إن صح أنه يملكه، وهو أي الوقت في نقصان دائم، كلما انقضت ثانية نقص منه بقدرها، ولا يمكن استرجاعها بحال من الأحوال، فذلك من أوضح وأَوْكَد المُستحيلات، والوقت يعمل في الإنسان، يأكل منه، كلما انقضت منه ساعة انقضى بقدرها من عمره، والعاقل الذي يُدرك هذه الحقيقة الكبرى لا يُضَيِّع من الوقت شَيئاً بل يجهد لاستغلال كل جزء من أجزائه، والتبكير في العمل واحد من أهم وسائل استثماره.

في البكور بركة وزيادة بلا ريب، وعلى المَرء أن يحشد هِمَّته للعمل باكراً، فينهض إليه بعد طلوع الفجر لا بعد طلوع الشمس، وقد أكَّدت الروايات الشريفة على هذا كثيراً وكشفت عن كراهة النوم بين طلوع الفجر وشروق الشمس، وكشفت كذلك أن الرِّزقَ يُقَسَّمُ للعِباد في هذا الوقت.

وتتفق الدراسات المعاصرة مع ما جاء في التعاليم الإسلامية في هذا المجال، ومن الحَقِّ أن تتفق، حيث انتهت إلى وجود صلة أكيدة بين أنماط الإنتاج والنوم، وخلَصت إلى أن الذين يستيقظون باكراً يكونون بصِحَّة جيِّدة أكثر من سواهم، وأن الاستيقاظ باكراً يعني المزيد من الإنتاجية ففي ذلك استغلال للوقت الذي يُهدَر بالنَّوم.

ووجدت الدراسات أن التبكير يساعد على الحِفاظ على نِظامٍ غذائي صِحّي، ويُحَسِّنُ صِحَّة الجلد، ويجعل تركيز المرء أفضل، ويُحَسِّن نوعية النَّوم في اليوم التالي، وسوى ذلك من البركات، التي لا مجال للاستطراد في ذكرها في هذه المقالة.

فأما المَشورة: فأهميتها لا تُنكَرُ، إذ لا يخيب من يستشير، ومن يشاور الناس يشاركهم في عقولهم، وقَلَّ أن نجد إنساناً عاقلاً لا يشاور ذَوي العقول والخِبرة والاختصاص، فلا نجد حاكماَ أو قائداً أو مُديراً إلا ويعتمد على حَشدٍ من المُستشارين في الاختصاصات التي يحتاج أن يقول رأياً فيها أو يأخذ قراراً بصددها، وفي عالمنا اليوم عشرات الآلاف من المؤسسات الاستشارية في مختلف المجالات.  

بقلم الكاتب والباحث في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

captcha