ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّة...

علامتان بهما يُعرَفُ الأحمق

11:22 - June 30, 2023
رمز الخبر: 3491757
بيروت ـ اكنا: هناك علامتان بهما يُعرَفُ الأحمق، العلامة الأولى هي الأَشَرُ في النِّعمة، أي أنه عندما يرى النعمة وفيرة في يديه يبطر، ويتكبر، ويتجبَّر، ويتعاظم على الناس، ويستعلي عليهم بها والعلامة الثانية أي حين يُمتَحَنُ ويُبتلى يَذِلُّ ويهين، ويخنع ويخضع، ويهرق ماء وجهه، ولا يصون كرامته، فلا ترى في وجهه إلا الهَوان والذُّلَّ والخوف والاستكانة.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "تُعْرَفُ حَماقَةُ الرَّجُلِ بِالْأَشَرِ فِي النِّعْمَةِ، وَكَثْرَةِ الذُّلِّ فِي الْمِحْنَةِ".
 
علامتان بهما يُعرَفُ الأحمق:

العلامة الأولى: الأَشَرُ في النِّعمة، أي أنه عندما يرى النعمة وفيرة في يديه يبطر، ويتكبر، ويتجبَّر، ويتعاظم على الناس، ويستعلي عليهم بها، يظُنُّ أن النعمة ترفع قيمته وتُعلي رُتبته، وتجعله أفضل من سواه من الناس، وما ذلك إلا حمق وغباء، وضياع وضلال، فلا النعمة تبقى له، ولا هو يبقى لها، ولو قَرَّت في يَدِ قارون إذ استعلى بها على قومه فستقِرُّ في يديه، إن قارون توهَّم أنها ملك يديه وأنها باقية مخلَّدة، وادعى أنها ناتج سعيه وعمله، وأنها ثمرة علمه ومعرفته، فاستطال على الناس واستكبر، وبطر بها وتجبَّر، وتمَنّى بعض الناس لو أن عندهم ما عنده، ولو أنهم يملكون ما ملَك، فلم تمضِ أيَّام على خيلائه في زينته، وختَلِه في ماله حتى خسفَ الله به وبثروته الأرض، فذهبا أدراج الرياح، وصارا كأن لم يكونا، صارا خبراً تتناقله الأجيال جيلاً بعد جيل، وعبرة يعتبر بها الماضون والمعاصرون.

وقال تعالى: "إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَىٰ فَبَغَىٰ عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ ﴿76﴾ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴿77﴾ قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ ﴿78﴾ فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴿79﴾ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ ﴿80﴾ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ ﴿81﴾ وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ﴿82/ القصص﴾.
 
إن قارون بغى على قومه وكان سبب بغيه ثراؤه واطمئنانه إلى خلود النعمة في يديه، وقد نصحه جمع من قومه بأن يتوازن ويعترف لله بالإنعام عليه فيشكره ويقف عند حدوده ويتجنَّب البَطَرَ والأَشَرَ، والفرح والاعتزاز بالمال والثراء، والتَّعلُّق بالكنوز والابتهاج بالملك، وألا يبغي بثرائه الفساد في الأرض، وأن يتصرَّف فيما أنعم الله عليه فيما يرضيه، فيبتغي به الدار الآخرة دون أن ينسى نصيبه منه في الدنيا. فكان ردُّه عليهم جملة واحدة تشي بحمقه وبلاهته وبطره واعتداده بنفسه وماله، فقال: "إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِنْدِي".

ولكن ماله لم يبقَ له، ولم يبق هو لماله، ولو كان ماله ناتج سعيه وحسب لبقي له، ولو كان يملك ماله حقيقة لبقي له، ولو كان علمه وذكاؤه هما سبب ثرائه لبقي له ثراؤه ولأمسك به من الضياع، ونَجّا نفسه من الخسف حين خسف الله به.
 
إن قارون الأشِرَ البَطِرَ نموذج يتكرَّر في الناس، فكم من شخص يفعل الثراء في تفكيره الأفاعيل، وكم شخص تُبطِرُه النعمة فيستطيل بها ويستعلي على سواه؟!
 
العلامة الثانية: عكس الأولى تماماً، ففي الأولى يتعجرف ويبطر ويستعلي ويستكبر ويتعاظم في نفسه، ويرى أنه أعظم الناس، أما في الثانية: أي حين يُمتَحَنُ ويُبتلى يَذِلُّ ويهين، ويخنع ويخضع، ويهرق ماء وجهه، ولا يصون كرامته، فلا ترى في وجهه إلا الهَوان والذُّلَّ والخوف والاستكانة، والضياع والحَيرة، لا يعرف ماذا يفعل، وكيف يواجه، وكيف يتصرَّف. إن أخذ موقفاً أساء لنفسه، وإن فعل فعل بغباء وحماقة.
 
بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنیة السيد بلال وهبي
 
captcha