ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّة...

الرغبات الحَسَنَة لا يمكن أن تتحقَّق لنا دون مكابدة

0:25 - July 07, 2023
رمز الخبر: 3491853
بيروت ـ اكنا: ان الرغبات الحَسَنَة لا يمكن أن تتحقَّق لنا دون سَعي ومكابدة، كل رغبة تحتاج إلى ما يوازيها من السعي وبذل الجهد، وكل رغبة توجد ما يعادلها من التَّعَب والنَّصَب ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "ثَمَرَةُ الرَّغْبَةِ التَّعَـبُ".
ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال:ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "ثَمَرَةُ الرَّغْبَةِ التَّعَـبُ".
 
رغباتنا نحن البشر لا حَدَّ لها، كلَّما تحقَّقت لنا رَغبة رغِبنا بغيرها، وهكذا، نقضي أعمارنا في طلبها واللهاث خلفها، ونعيش معها في سباق دائم، هي تتقدم علينا ونحن نلحق بها، ثُمَّ لا ندركها.
 
ويتوهَّم معظم البشر أن سعادتهم تكمن في حصولهم على كل ما يرغبون فيه، وعلى أي شيء يمكنهم الحصول عليه، بل على ما لا يمكنهم الحصول عليه، وهذا خطأ كبير وتداعياته خطيرة أيضاً.
 
أما كونه خطأ كبير: فلأن الإنسان لا يُشبعه شيء، ولا يروي غليله شيء، ولا يكفيه شيء، وإن مَلَكَ كل شيء، فكلما حصل على شيء طلب غيره.

حتى إذا مَلَك الأرض بأسرها رَغِب بمِلك القمر، وإذا مَلَك القمر رَغِبَ بأن يملك الكواكب كلها، فلا منتهى لرغباته ولا حصر لها، لأنها وَلودة الرغبة تستولد رغبات، والرغبات تستولد أخرى، وتظلُّ كذلك إلى أن يموت الإنسان.
 
وأما تداعياته الخطيرة: فإن الرغبة في الحصول على كل شيء تجعل الإنسان في لُهاث دائم وراء ما يرغب فيه، ولمّا كان كلما حصل على شيء رغب بالمزيد فإنه سيقضي حياته في مطاردته، رغباته تتقدم وهو يلحق بها، وفي ذلك من الألم النفسي ما فيه، وفيه من المَتاعب والشَّقاء والعَنَت ما فيه. هنا يأتي دور القناعة لتَهَب الإنسان الحياة الهانئة، المطمئنة، والقناعة كنز لا يفنى.
 
إنَّ وجود الرَّغبات في الإنسان لا مشكلة فيه من حيث المبدأ، بل هي ضرورية لتكامله وتطوره وتقدمه ونموِّه، إنها تدفع بالإنسان إلى العمل والإبداع والابتكار، وتجعل منه كائنا هادفاً وتجعل لأهدافه قيمة عالية، وتجعله كائناً حرَكياً يقضي حياته بالحركة والفاعلية والنشاط الدائب، ولهذا أوجد الله الخبير الحكيم الرغبات فيه، فلو كان وجودها هامشياً أو غير ضروري لما أوجدها الله فيه. إن الرغبات دوافع ومحركات ومُوَلِّدات، تُوَلِّد في الإنسان السَّعي والهِمَّة العالية، وتدعوه للنهوض إلى العمل، وتدفعه إلى البحث والتنقيب، والمعرفة والاستثمار.
 
لكن هنا أمران ينبغي التَّنبُّه لهما: 

الأول: أن نُمَيِّزَ بين الرغبات الحَسَنة، والرغبات السَّيِّئة من جهة، وأن نميِّز بين ما يمكن تحقُّقُه وما لا يمكن تحقُّقُه حتى لا نرغب بسراب يرتد سلباً علينا.

فيجب أن تكون رغباتنا حسَنَة ومُمكنة وفي متناول أيدينا، كما يجب أن نُميِّز بين رغبات يمكن الاكتفاء بالقليل منها كالرغبات الجنسية مثلا، ورغبات يجب أن نذهب بعيداً في طلبها كالرغبة في العلم والمعرفة، والرغبة في الكمال، والرغبة في المزيد من العمل الصالح، والرغبة في الإحسان إلى الخلق، والرغبة في الطاعة لله، والرغبة في رضوانه، والرغبة فيما عنده. 
 
الثاني: أن الرغبات الحَسَنَة لا يمكن أن تتحقَّق لنا دون سَعي ومكابدة، كل رغبة تحتاج إلى ما يوازيها من السعي وبذل الجهد، وكل رغبة توجد ما يعادلها من التَّعَب والنَّصَب.

وهنا يفترق الناس عن بعضهم، فكلهم يرغبون، ولكن بعضهم يسعى فتتحقَّق له رغباته، وبعضهم يرغب ولا يسعى فيفشل، ثم يلوم الله تعالى على فشله، وهذا الفشل بعينه.
 
بقلم الباحث اللبناني في الدراسات القرآنیة السيد بلال وهبي
 
captcha