ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّةٌ...

حبّ الدنيا هو رأس الفتن والآفات

8:01 - August 06, 2023
رمز الخبر: 3492199
بيروت ـ إکنا: إن حُبّ الدنيا هو أكبر الكبائر، وأصل كل معصية، وأول كل ذنب، ورأس الفِتَن والآفات، وأصل المِحَنِ، وأُسُّ كُل آفة، وسبب لمعظم الصراعات والحروب، وإنه ليفسد دين المَرء، ويسلبه اليقين، ويوقعه في موبقات كثيرة كالحسد، والنميمة، والغيبة، والوشاية.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "حُبُّ الدُّنْيا رَأْسُ كُلِّ خَطيئَةٍ".

حُبُّ الدنيا: أكبر الكبائر، وأصل كل معصية، وأول كل ذنب، ورأس الفِتَن والآفات، وأصل المِحَنِ، وأُسُّ كُل آفة، وسبب لمعظم الصراعات والحروب، وإنه ليفسد دين المَرء، ويسلبه اليقين، ويوقعه في موبقات كثيرة كالحسد، والنميمة، والغيبة، والوشاية، والسعاية، والنفاق، والكذب، والشقاق، والتخَلُّف عن الواجبات الدينية والأخلاقية، ويحمله على التعدي، والظلم، والتجبر، والاستكبار، والاستعلاء، والخُيَلاء، والاحتيال، والمكر، والخداع، والفساد، والجشع، والطمع، والأنانية، والاستحواذ، وقد يؤدي به إلى القتل، وغصب الحقوق، ونكث العهود، ونقض المواثيق، والخيانة، ناهيك عن ارتكاب الفواحش والموبقات.

حبُّ الدنيا سبب لجميع ما ذكرتُ ولِما لم أذكره، تاركاً لقارئي الكريم الذي يُفَكِّر معي برَوِيَّة وإمعانِ نَظَرٍ أن يستحضر في ذهنه ما يمكنه استحضاره من آثار وخيمة وسلبيات قاسية لحُبِّ الدنيا، فإن معظم إن لم كل ما يمر به الإنسان من أزمات وصراعات فردية أو جماعية ما هو إلا أثر لذلك، ولو أن البشَر نَجَو من داء (الكَلَبِ) على الدنيا لجنَّبوا أنفسهم الكثير من الصراعات والحروب. إن حُبَّ الدنيا يودي بالإنسان في مهالك عظيمة، ويجعله في لهاث دائم وراء رغباته وشهواته، ويجعله عبداً لأهوائه وغرائزه، الأمر الذي يحول بينه وبين الراحة، والطمأنينة، والسعادة، ويجعل حياته مشحونة بالشقاء والتَّعب.

إن الإنسان الذي يتعلَّق قلبه بالدنيا، ويهيم بها حُباً وشَغَفاً، كلما نظر إليها بعين المحبة والتعظيم، ازدادت حاجته إليها، وكلما نال شيئاً منها رَغِبَ في المزيد، والدنيا لا تُعطي طالِبَها كلَّ ما يرغب به، فيعيش حياته فيها مَنهوماً لا يشبع، يقلق لأدنى شيء يخسره منها فيتشتت فكره، ويضطرب قلبه، ويستولي عليه الهَمُّ والغَمُّ والتحَسُّر، فقد رُوِيَ عن رسول الله (ص) أنه قال: "إنّهُ مَا سَكَنَ حُبُّ الدُّنيا قَلْبَ عَبْدٍ إلّا الْتاطَ فيها بِثَلاثٍ: شُغْلٍ لا يَنفَدُ عَناؤهُ، وفَقرٍ لا يُدرَكُ غِناهُ، وأَمَلٍ لا يُنالُ مُنتَهاهُ". وتحدث الإمام الصادق (ع) عن مخاطر التَّعَلُّق بالدنيا فقال: "فَمَن أحَبَّها أورَثَتهُ الكِبَرَ، ومَنِ استَحسَنَها أورثَتْهُ الحِرصَ، ومَن طَلَبَها أورَدَتْهُ إلى‏ الطَّمَعِ، ومَنْ مَدَحَها أكَبَّتهُ الرِّياءَ، ومَنْ أَرادَها مَكَّنَتْهُ مِنَ العُجْبِ، ومَنِ اطمَأنَّ إلَيها ركِبَتْهُ الغَفلَةَ".

وإن من يُحبُّ الدنيا من المؤمنين يصبح دينه تابعاً لدنياه بدل أن تكون دنياه تابعةً لدينه، فإن كان جاهلاً أرداه هذا الحُبُّ وقتله، وإن كان عالِماً، صار  علمه أداة لتبرير تعلُّقِه بالدنيا والسلطان والجاه، فلا عجب إن رأيته يُحِلُّ ما حرَّم الله ويحرِّم ما أحلَّ الله، وبدَلَ أن يكون داعياً إلى الله يصير داعياً إلى الدنيا، وبدل أن يُمسك بأيدي الناس ليبلغ بهم المراتب العُليا من الإيمان والتُّقى، يصير صاداً لهم عن ذلك، ويصير دينه لُعقة على لسانه، ويصبح هو أداة بيد الأبالسة والشياطين، فيهلَك ويُهلِك الناسَ معه، ويصير هو محتاجاً إلى مَن يردعه عن غِوايته، ويعيده إلى جادّة الحَقِّ والهدى، وقد لا يرجع أبداً بعد أن استطاب الدنيا وملذاتها، وقد جاء عن الإمام أمير المؤمنين (ع): "حُبُّ الدُّنْيا يُفْسِدُ القَلْبَ، ويُصِمُّ القَلْبَ عَنْ سَمَاعِ الحِكْمَةِ".

بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:

twitter

facebook

whatsapp

captcha