ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّة..

الدين يحفظ حُرمات الناس

15:56 - August 09, 2023
رمز الخبر: 3492254
بيروت ـ إکنا: الدين يحفظ حُرمات الناس، ويصون كراماتهم، ولا يُجيز بحال من الأحوال إظهار خصوصياتهم وكشف عوراتهم، بل لا يجيز نقل أي شيء عنهم إلى الآخرين حتى وإن كان أمراً عادياً ما داموا لا يُجيزون نقله.

رُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "حَديثُ كُلِّ مَجْلِسٍ يَطْوى مَعَ بِساطِه".
 
عندما تغادر مَجلِساً كنت فيه اخرج منه خالي الذهن مما سمعته من أسرار وما شاهدته من أحوال، وما كان من جُلَسائك من مواقف وأفعال وسلوكيات. 
 
دَعْ كل شيء خلفك، أو احتفظ به لنفسك، لا تبادر إلى إطلاع آخَرين على ما دار فيه، فإنك إن فعلت كنت خائناً لأمانة المجلس، مُغتاباً لمن لا تجوز غيبته، وإن أنت ذكرت كشفت عَيباً اطلعت عليه كنت ممن يهتك الأستار، ويُشيع الفاحشة، وذلك عارٌ وشَنار.

وعندما تكون في مجلس لا تفتح هاتفك وتُسَجِّل ما يدور فيه، فإنك إن فعلتَ ذلك كنتَ لِصّاً يسرق كلام الناس ومواقفهم ولحظاتهم، صوتاً أو صورة، وذلك حرام، وفعل شنيع، واعتداء صارخ على خصوصيات الناس، وهتك لكراماتهم.

وعندما تُحادث أحداً في برامج التواصل الاجتماعي، لا تشارك المحادثة مع آخرين حتى وإن كانت مُزاحاً أو دعابة، فضلا عن سِرٍّ أطلعك محادثك عليه، أو هفوة كانت منه، فإنك بهذا تهتك كرامته وتُسيء إلى سُمعته، وذلك حرام، وجريمة أخلاقية كبيرة.  
 
في جوهرته الكريمة، يُنَبِّهنا الإمام أمير المؤمنين (ع) إلى خصلة أخلاقية رفيعة، وأدب جليل نحتاجه في تعاملنا مع بعضنا البعض، أن نصون كرامة من نجالس من الناس، ونحفظ أسرارهم، ونتناسى ما يكون منهم أمام أعيننا، إذْ "حَديثُ كُلِّ مَجْلِسٍ يَطْوى مَعَ بِساطِه".

أي بعد خروجك من المجلس الذي كنت فيه لا تبادر إلى نشر ما رأيت وسمعت، فإن للمجلس الذي جلست فيه حُرمة، ولجلسائك حُرمة، ولا يجوز لك أن تنتهكها، هذا ما يُقرره العقل والدين.

الدين يحفظ حُرمات الناس، ويصون كراماتهم، ولا يُجيز بحال من الأحوال إظهار خصوصياتهم وكشف عوراتهم، بل لا يجيز نقل أي شيء عنهم إلى الآخرين حتى وإن كان أمراً عادياً ما داموا لا يُجيزون نقله.
 
إن من عظمة الشريعة الإسلامية وكمالها أنها ما تركت أمراً من أمور الإنسان خاصاً وعامَّاً إلا ووضَعَت له حدوداً، وسَنَّت له حقوقاً، ومن تلكم الأمور المجالس، وأعني بها تلكم الجلسات التي يعقدها اثنان أو أكثر يتجاذبون فيها أطراف الحديث، وربما تحدثوا بأمور خاصة، أو ذكروا أسراراً شخصية، ولربما أخطأ بعض الجلساء، أو صدرت منه هفوة، أو اطلع بعض الجالسين على عيب عند مُضيفهم، أو قصَّر في واجبه معهم، أو رأوا عيباً فيمن يجالسون من جلسائهم، أو حصل شجار بين اثنين منهم، أو ذكروا أحداً بغيبة، أو صدرت من أحدهم كلمة فحش وسوى ذلك.

فقد اهتم الإسلام بحرمة هذا لما يترتب عليه من آثار خطيرة، فسنَّ للمجلس حدوداً نهى الجلساء عن تجاوزها، وشَرَع له حقوقاً أمرهم برعايتها، وآداباً حَثَّهم على التأدُّب بها، وهي حدود وآداب نحن أحوج ما نكون الوقوف عندها في زماننا هذا، حيث صارت المعلومة التي نحصل عليها سَبقاً إعلاميا نُسارع إلى نشرها ولو كان لا يُبيح العقل والدين والقانون نشرها، وصارت الرغبة في الاطلاع على أسرار الناس جامحة، ومعرفة خصوصياتهم هدفاً بذاته، وكشف سيئاتهم وعوراتهم تجارة مُربحة.
 
بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي
captcha