ایکنا

IQNA

شعور الإنسان بالحقارة يجرّه إلى الحقد على الآخرين

11:31 - September 15, 2023
رمز الخبر: 3492691
بیروت ـ إکنا: إن شعور الإنسان بالحقارة والنقص والدونية والفشل يجره إلى الحقد على الآخرين، ويوجد في نفسه الرغب في الانتقام منهم فيدعوه إلى تحطيم سمعتهم من خلال إشاعة عيوبهم، ونشر الشائعات عنهم، ويعمل على تكثير عيوبهم لتخفيف الضغط عليه وحرف التركيز على عيوبه.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "ذَوُوا الْعُيُوبِ يُحِبُّونَ إِشاعَةَ مَعايِبِ النّاسِ لِيَتَّسِعَ لَهُمُ الْعُذْرُ في مَعايِبِهِمْ".
 
عموماً كل واحد من الناس يحب أن يكون الناس على شاكلته، الصالح يحب أن يكون صالحين والطالح يحب أن يكون طالحين، المؤمن يحب أن يكونوا مؤمنين، والفاسق يحب أن يكونوا فاسقين مثله، الفرق بين الاثنين أن الصالح المؤمن يرجو لهم الخير بذلك، أما الطالح الفاسق فإنه يريد أن يبرر لنفسه بذلك، إذ يحسب أنه عندما يكون غيره فاسقاً سّيِّء الفِعال يخفف من بشاعة صورته وفِعاله هو.

وهكذا الحال عند ذوي العيوب والرذائل الأخلاقية مثل الكذّابين والدجّالين والمنافقين والخونة والفجرة والظلمة واللصوص وأهل المنكر والفحش والرذيلة وسواهم يحبون أن يكون الناس مثلهم كي يبرروا ما فيهم من صفات، على قاعدة أن العيوب إذا عمَّت اعتاد الناس عليها وأَلِفوها فيصيرون كعامة الناس، لا ينظر الناس إليهم بعين الاحتقار ولا يتعاملون معهم بريبة.

وقد ذكر الله تعالى هذه الصفة كواحدة من صفات المنافقين والكفار والمشركين الذين كان يصعب عليهم أن يمتاز المؤمنون الصادقون عنهم، وأن تكون لهم المكانة السامية في المجتمع، بل كانوا يحسدونهم على إيمانهم وما ينتج عن ذلك الإيمان من طمأنينة فكرية ونفسية، قال تعالى: "وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً..."﴿النساء/89﴾.
 
وليت الأمر يقتصر على رغبتهم في أن يكون الآخرون مثلهم، بل يفعلون أي شيء ليتحقق لهم ذلك، إما بإغوائهم وإضلالهم والتسبب لهم بالانحراف والاعتياد والإدمان، أو بالتنقيب عن عيوبهم وتتبعها وتضخيمها، أو بإشاعتها في الأوساط العامة. 
 
إن الرغبة في نشر عيوب الآخرين وإشاعتها، نابع من الأشخاص الذين يشعرون بالضعف والحقارة من جانب ويتألمون في باطنهم من هذا الشعور، فيبحثون عن عيوب الآخرين دائماً ويتحدثون عن نقائصهم ليرتاحوا هم، وإنهم لَيَرتاحون ويفرحون إذا ذكر الناس عيوب الآخرين بين أيديهم، وتغمرهم نشوة قوية وهم يسمعون الناس يتحدثون في عيب فلان وفلان. 
 
إن شعور الإنسان بالحقارة والنقص والدونية والفشل يجره إلى الحقد على الآخرين، ويوجد في نفسه الرغب في الانتقام منهم فيدعوه إلى تحطيم سمعتهم من خلال إشاعة عيوبهم، ونشر الشائعات عنهم، ويعمل على تكثير عيوبهم لتخفيف الضغط عليه وحرف التركيز على عيوبه، فتراه ما إن يُعاب عليه في شيء حتى يُسارع إلى التحدث بعيوب الناس، فيقول: فلان فعل، وفلانة فعلت، ليقنع من يستمع إليه أنه كغيره سواء في العيب والخِسَّة. 
 
بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:
captcha