رُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "داوُوا الْفَقْرَ بِالصَّدَقَةِ وَالْبَذْلِ".
وإن الصدقة واحدة من إبداعات الإسلام، قد يعجب البعض منها بالنظرة الأولى ولكنه حين يمعن التفكير فيها لا يتفهمها وحسب بل قد يتخذ منها منهجاً اقتصادياً للفرد كما للجماعة.
دواء الفقر بالتصدق والبذل، هي معادلة إذاً، إذا كنت فقيراَ وأردت أن يغنيك الله فتصدق، وإذا كنت ثرياً وأردتَ أن يزيد ثراؤك فتصدق، وإذا كنت غنياً وأردتَ أن تحافظ على غناك فتصدق.
إن الصدقة واجبة كانت أم مستحبة من أصدق صور التكافل الاجتماعي، والتكافل الاجتماعي من الأهداف السامية للإسلام، وقد شَرَّع له مجموعة من التشريعات المالية فجعل للفقراء نصيباً في مال الأغنياء، قال تعالى: "وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ ﴿24﴾ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ"﴿المعارج/25﴾*.
كما سَنَّ له طائفة من المستحبات والآداب، كالبر، والصدقة، والبذل، والجود، والكرم، والإنفاق، والإعانة على الخير، وخدمة من يحتاج إلى الخدمة، والتعاون، وأن يحب المرء لأخيه ما يحب لنفسه، والإيثار، فهذه وسواها تصب في مجرى التكافل الاجتماعي.
وأعلن الله للمتصدقين والمنفقين أنه هو الذي يقبل صدقاتهم، وهو الذي يثيبهم عليها، وأنه يُربيها ويزيدها، وأنها سبب لزيادة الرزق، وزيادة البركات والخيرات، ودفع البلاء والضراء، وطول العمر.
رُوِيَ عن رسولُ اللَّهِ(ص) أنه قال: "أكثِرُوا مِنَ الصَّدَقَةِ تُرزَقُوا"*. وعنه (ص) أنه قال: *"إنَّ الصَّدَقَةَ تَزِيدُ صاحِبَها كَثرَةً، فَتَصَدَّقُوا يَرحَمْكُمُ اللَّهُ".
وعن الإمام أمير المؤمنين (ع) أنه قال: "اِستَنزِلُوا الرِّزقَ بِالصَّدَقةِ" وقال: "إذا أملَقتُم فَتاجِرُوا اللَّهَ بِالصَّدَقةِ" وجاء عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: "إنَّ صَدَقَةَ اللَّيلِ تُطفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وتَمحُو الذَّنبَ العَظيمَ، وتُهَوِّنُ الحِسابَ، وصَدَقَةَ النَّهارِ تُثمِرُ المالَ وتَزيدُ فِي العُمُرِ".
وأورد مؤلف كتاب الكافي عن هارون بن عيسى: قال أبو عبد اللَّه الصادق (ع) لمحمّد ابنه: يا بُنَيَّ، كَم فَضَلَ مَعَكَ مِن تلكَ النَّفَقَةِ؟ قالَ: أربَعونَ دِيناراً، قالَ: اُخرُجْ فَتَصَدَّقْ بها، قالَ: إنّهُ لَم يَبقَ مَعِي غَيرُها! قالَ: تَصَدَّقْ بها؛ فَإنَّ اللَّهَ عزّ وجلّ يُخلِفُها، أمَا عَلِمتَ أنَّ لِكُلِّ شَيءٍ مِفتاحاً ومِفتاحُ الرِّزقِ الصَّدَقةُ؟ فَتَصَدَّقْ .فَفَعَلَ، فما لَبِثَ أبُو عبدِاللَّهِ (ع) عَشرَةَ أيّامٍ حتّى جاءَهُ مِن مَوضِعٍ أربَعَةُ آلافِ دِينارٍ.
والسبب في زيادة الرزق بالصدقة والبَذل، أن الصدقة تقضي على الفقر من جهة، وتحدث دورة مالية في المجتمع، فلا يبقى المال دولة في يد الأغنياء، وتساعد على الاستقرار النفسي للمتصَدِّقِ والمُتَصَدَّقِ عليه، وتقارب بين أفراد المجتمع، وتُضيِّق المسافة بين الأغنياء والفقراء، وتقضي على أسباب التحاسد والتباغض بينهم، فتساعد على الاستقرار الاجتماعي، لأن الغني عندما يشارك الفقراء في ماله فلن يحسدوه بل يدعون له، ويسألون الله أن يزيد في رزقه لأنه يرزقهم بواسطته، أما إذا أمسك يده عن الإنفاق عليهم، وظَنَّ بما فيها عنهم، فمن الطبيعي أن يحسده الفقراء، بل من الطبيعي أن يثوروا عليه، وقد ينهبون ماله لأنهم يجدونه آكلاً لأموالهم، ومانعاً عنهم نصيبهم.
بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي
تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي: