ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّة..

المداراة من أخلاق المؤمنين

12:40 - September 08, 2023
رمز الخبر: 3492613
بيروت ـ إکنا: إن المداراة من أخلاق المؤمنين، بل اعتبرتها الروايات الشريفة نصف الإيمان، وثمرة العقل وعنوانه، ورأس الحكمة، وقد رُوِيَ عن رسول الله (ص) أنه قال: "مُداراةُ النّاسِ نِصفُ الإيمانِ، والرِّفقُ بِهِم نِصفُ العَيشِ".

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "دارِ النّاسَ تَسْتَمْتِعْ بِإِخائِهِمْ، وَالْقَهُمْ بِالْبِشْرِ تُمِتْ أَضْغانَهُمْ".

وصِيَّتان كريمتان تساهمان حال الالتزام بهما في توطيد العلاقات الاجتماعية، وشَدِّ عُرى الأخوة بين الإنسان وأخيه الإنسان.

الوصية الأولى: مداراة الناس، وهي ضرورية لسلامة العلاقات الاجتماعية، فإن من لوازم الحياة الإنسانية مخالطة الناس ومعاملتهم، ومعايشتهم والاستئناس بهم، ولما كانت النفوس غير متشابهة، والطبائع مختلفة، لحكمة أرادها الله تعالى وهي التَّنَوُّع في القابليات والاستعدادات، والذي ينتج عنه ثراء للمجتمع الإنساني، أصبح لزاما على المَرء أن يعامل الناس بالحُسنى، ويعاشرهم بالمعروف، ويداري طبائعهم، ويلين لهم بالقول، ويُحسِنُ صحبتهم، ويُلاطفهم، ويحتمل زلّاتهم، ويرفق بالجاهل منهم، ويُنكر على الخاطئ منهم بلطف القول والفعل، ولا سيما إذا أراد تأليف قلبه واستمالته إلى الحق وإرشاده إلى الصواب، وذلك من أقوى أسباب الألفة، وإن المداراة  لتزرع الحُبَّ والمودة في القلوب، وتجمع بين المتنافر منها، فضلاً عن أنها من عوامل صيانة النفس من أهل الفجور والشرور والأمن من غوائلهم، والسلامة من مكائدهم، وفيها سلامة الدين والدنيا كما جاء في الروايات الشريفة.

والمداراة من أخلاق المؤمنين، بل اعتبرتها الروايات الشريفة نصف الإيمان، وثمرة العقل وعنوانه، ورأس الحكمة، وقد رُوِيَ عن رسول الله (ص) أنه قال: "مُداراةُ النّاسِ نِصفُ الإيمانِ، والرِّفقُ بِهِم نِصفُ العَيشِ".


وقال (ص): "أمَرَني رَبّي بِمُداراةِ النّاسِ كَما أمَرَني بِأداءِ الفَرائضِ" وهذا يدل على أهميتها، بل على ضرورتها، لأن التعامل مع الناس المختلفين في طبائعهم لا يتيَسَّر إلا بها، فلو عاملهم المَرء بحِدَّة وقَسوة وغِلظة، ولم يراعِ طبائعهم وقابلياتهم، لنَفروا منه وانفضُّوا عنه، كما قال الله تعالى لرسوله الأكرم (ص): "فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ..."﴿آل عمران/159﴾.

وبهذا يتبين أن المداراة تنطلق من إرادة الخير للمداري والمدارى، أما للمدارى ففيها تأليف لقلبه وتليين لعاطفته واستمالة له وعدم إغضابه وإثارته حذرا من انفضاضه عن المداري أو مكره به أو صدور الضرر منه تجاه من يداريه. وهذا ما يفعله العاقل الحصيف.

فحاجة الناس إلى المداراة لا تدانيها حاجة، وهي مطلوبة مع الأعداء والأصدقاء على حد سواء، بل لعل الحاجة إليها مع الأقربين من والدين وأخوة وزوج وأولاد أكثر وأهم وأولى، فإنها أنفع لبقاء المودة والحُبِّ والتفاهم معهم، وهي سبب مهم لتجاوز العقبات أمامهم. 

ولا شك في أنها تختلف عن المُداهَنَة، لأن المداراة ممدوحة، والمداهنة مذمومة مُحَرَّمة، ولأن المداهنة فيها شيء من التنازل للآخر وإظهار الرضا بمنكره من غير إنكار عليه.   

الوصية الثانية: أن يلقى الناسَ بالبِشْرِ، فإن البِشْرَ والتَبَسُّم في الوجوه أسرع الطُّرُق إلى القلوب، وأوسع باب إلى النفوس، ولأن الله تعالى قد فَطَر البشر على محبة صاحب الوجه الطَّلق المُشرق البَسَّام، فإن البِشْرَ يُميت الأضغان والأحقاد، وهو عمل بسيط ويسير ولا يتطلب جهداُ ولا كُلفة، رغم أن أثره في النفوس كبير، إذ يغرس فيها المحبة ويثير فيها دواعي الإلفة.

بقلم الکاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:

captcha